ميشال سماحة في القفص: أين زئير الأسد؟

أبعاد كبرى توقيف الوزير السابق اللبناني ميشال سماحة:
الأول، يشير إلى مدى تداعي سلطة النظام السوري في لبنان. فالرجل هو المستشار الإعلامي للرئيس السوري بشار الأسد، لابل يقال أنه المستشار الأول له حتى بين مساعديه السوريين، فضلاً عن كونه مكلفاً من دمشق بإدارة العلاقات بين المخابرات السورية والفرنسية.

وبالتالي، توقيفه على هذا النحو العنيف( اقتحام منزله وانتشاله من سريره)، على رغم وجود حكومة موالية لدمشق في بيروت، وأيضاً على رغم اضطرار الأسد إلى التدخل شخصياً للطلب من المسؤولين اللبنانيين إطلاق سراحه، يشي بأن أيام الرئيس السوري باتت بالفعل معدودة.
الثاني، أن الادلة الدامغة التي قيل أن جهاز المعلومات في قوى الأمن الداخلي يملكها حول تورُّط مساحة في مخطط سوري لإشعال فتنة سنّية- مسيحية في عكار (ربما عبر اغتيال البطريرك الماروني الراعي خلال زيارته للمنطقة أواخر هذا الشهر)، وفتنة سنّية- علوية (عبر تفجير مآدب إفطار في الشمال)، يؤكد كل المعطيات السابقة التي تحدثت عن فشل الأسد في إقناع حزب الله ومعظم باقي حلفائه في تفجير الحرب الاهلية اللبنانية لتخفيف الضغط عليه في الداخل السوري. ولذا إضطر إلى اللجوء إلى سماحة على هذا النحو، على رغم المهام السياسية والاستخبارية الأخرى لهذا الأخير.
البعد الثالث، وقد يكون الأهم، هو أن توقيف سماحة يرمز إلى تطور كبير في الشرق الأوسط العربي يتمثل في انهيار وتداعي امبراطورية المخابرات العربية التي هيمنت على المنطقة طيلة 50 سنة( راجع أربع حلقات في هذه المدوّنة حول هذه النقطة). تلك الامبراطورية التي خلقت "ثقافة أمنية" أجبرت كل من يريد تعاطي العمل السياسي في المنطقة على أن يتدرب أولاً على العمل كجاسوس ومُنفِّذ لأوامر أجهزة المخابرات، قبل أن يصبح نائباً أو وزيراً أو زعيم حزب أو تيار سياسي.

بالطبع، سماحة قد يخرج بعد حين من المعتقل، كما خرج العديد من المتهمين بالعمل مع أجهزة المخابرات السورية، بما في ذلك حتى المتعاملين مع إسرائيل، بضغط من حزب الله وحركة أمل وغيرها من القوى السياسية والأمنية اللبنانية التي ارتبطت طويلاً بامبراطورية المخابرات.
بيد أن الضرر وقع بالفعل بمجرد الاطباق على سماحة على هذا النحو الذي شكّل إهانة كبرى ليس فقط للرئيس الأسد، بل أولاً وأساساً لأجهزة المخابرات السورية التي خسرت هيبتها في سورية والآن تتداعى هيبتها في لبنان.
سماحة في القفص؟
تطور مذهل حقاً لم يكن أحد ليتخيله، لولا أن زئير الأسد في قصر المهاجرين لم يصبح مبحوحاً، وبالكاد مسموعا في سورية قبل لبنان.

 

السابق
سماحة ضحية لفبركة امنية ام انتحار للدفاع عن موقفه السياسي !؟
التالي
الجزائري الأخضر الإبراهيمي يخلف أنان مبعوثا لسوريا ؟؟