فحوص المثليّة: هل تلتزم النيابة العامة والأطباء الشرعيون وقفها؟

مرّة، لا يصل تعميم وزير العدل الى النيابات العامة، فيحصل خطأ مادي في ابلاغه من قضاة النيابات العامة، وثانية لا يلتزم الاطباء الشرعيون بطلب نقيب الاطباء عدم اجراء فحوص المثلية، لأن لا قيمة علمية لها وهي منافية لحقوق الانسان، بسبب الطمع المادي لبعضهم. ومرة تتذرع وزارة العدل انه على الاطباء الشرعيين الامتناع عن اجراء الفحوصات، واخرى تطلب نقابة الاطباء تدخلاً لمنعها من وزارة العدل. وبين أخطاء التبليغ، والتقاذف السابق للمسؤوليات، يدفع شبّان الثمن جراء انتهاكات لحقوقهم وتعرّضهم لفحوص العار المذلة والمهينة.

حتى الآن، صدر كتابان رسميان يمنعان اجراء هذه الفحوص، واحد عن وزير العدل، وآخر عن نقيب الاطباء. وزير العدل شكيب قرطباوي يواكب الموضوع بجدية وعن كثب: "قبل ان اصبح وزيرا ، عملت كثيرا مع الجمعيات الاهلية وقضايا حقوق الانسان، واليوم لم انس ذلك".
وتحدث قرطباوي لـ"النهار" عن متابعته للموضوع قائلا: "عندما اثيرت القضية منذ مدة وقرأت عنها في الصحف، ارسلت كتابا الى النيابة العامة التنفيذية مرفقا بنسخة عن المقالة الصحافية الصادرة في جريدة "النهار"، طالبا اليها عدم السماح بمثل هذه الفحوص لكونها تشكل تعديا على حقوق الانسان. وعلمت في ما بعد من بعض الاطباء انه في مطلق الاحوال لا قيمة طبية للفحوص التي تجرى. ثم عمدت النيابة العامة التمييزية الى ارسال تعميم الى كل النيابات العامة في لبنان عن الفحوص الطبية لمثليي الجنس، ذكرت فيها انه لا يجوز اجراء اي فحص يتناول جسد الانسان من دون موافقته. وذكرت مختلف النيابات العامة بمضمون المادة 343 من قانون اصول المحاكمات المدنية التي تنص: "يجوز ان يتناول التحقيق الفني اتخاذ اجراء على جسم الانسان، كفحص الدم، شرط الا يكون مخالفا للقواعد او مفضيا الى ضرر مهم.
وللمحكمة ان تستخلص من رفض احد الخصوم الاذعان لهذا الاجراء قرينة على صحة الحالة او الواقعة المطلوب اثباتها". وقد اكدت النيابة العامة في تعميمها التشدد في هذه المواضيع.
وأضاف: "عندما اثيرت القضية مجددا منذ ايام عدة اتصلت بالنائب العام التمييزي بالانابة سمير حمّود وذكّرته بالتعميم وطلبت اليه اجراء تحقيق بما جرى، وهو يقوم بذلك حاليا ويبدو انه قد حصل خطأ مادي في ابلاغ التعميم من قضاة النيابات العامة، بحيث لم يصل اليهم جميعاً، وقد طلبت اليه اعادة تأكيد هذا الامر والتشدد في منع مثل هذه الفحوص. وهو يقوم حاليا في اعادة تأكيد مضمون التعميم وايصاله الى جميع قضاة النيابة العامة.
وعن كيفية عدم تجريم المثلية، قال انه يجب اجراء تعديل في قانون العقوبات عبر مجلس النواب، "ولكن يجب ان نتذكر دائما ان القوانين تعكس واقع المجتمع، ويقتضي العمل على تغيير نظرة المجتمع الى المثليين كمقدمة قبل تعديل القانون، لان القانون يعكس اصلا عقلية الناس وهي تتطور مع مرور الوقت".
واكد انه سيتابع القضية بكل روية وهدوء.
ووافق النائب غسان مخيبر الوزير قرطباوي على ان مسألة المثلية لها ابعاد اجتماعية ودينية واسعة ومختلف عليها في لبنان، لكنه اعتبر ان ما يعني القانون هي مسائل محددة اكثر بكثير، لانه من جهة اولى، فإن قانون العقوبات لم يجرم ممارسات المثلية المختلفة، انما حصر التجريم في المادة 534، التي تنص على جنحة: "كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى سنة واحدة".
اذا لا تجريم للمثلية في ابعادها الاجتماعية المختلفة، انما تجريم فقط لفعل المجامعة. وهذا الفعل يحتاج الى ادلة واثبات. لذلك لا نحاكم شخصاً الا اذا كان متلبسا. واذا كان الفحص غير مجدٍ، يجب ان يكون الاثبات بالجرم المشهود. وقال ان كل فحص واقع على الجسد لا يمكن الزامه الا بقانون. واذا الزمه القانون تفسيره فيجب ان يكون حصرياً جدا. وفي مطلق الاحوال هذه الفحوص تخالف المادة 343، لأنها من جهة اولى تخالف قواعد فن الطب بالاستناد الى ما خلصت اليه نقابة الاطباء، كما انها تفضي الى ضرر كبير جسدي ونفسي بالنظر الى الاجماع على اعتبارها ضرباً من ضروب المعاملة القاسية واللاانسانية، مخالفة بذلك اتفاق مناهضة التعذيب الذي صادق عليه لبنان.

نقابة الاطباء
وعن عدم التزام الاطباء الشرعيين والمتابعة في اجراء الفحص، اكد نقيب الاطباء البروفسور شرف ابو شرف انهم سيتعرضون الى الملاحقة المسلكية، وان "النقابة اصدرت تعميما الى الزملاء، لا سيما الاطباء الشرعيين، لعدم الاستجابة الى طلب الضابطة العدلية في شأن القيام بفحوص شرجية لاثبات المثلية الجنسية، خصوصا وان لا قيمة علمية للفحص، ولا يعطي النتيجة المطلوبة، تحت طائلة الملاحقة التأديبية في النقابة". وعن التعميم السابق، قال ان النقابة اصدرت بيانا عاما الا ان الحادثة التي حصلت أخيراً ادت الى ارسال تعميم الى وزير العدل والاطباء، خصوصا الاطباء الشرعيين يدعون الى الالتزام تحت طائلة الملاحقة المسلكية.
وجاء في نص التعميم: "ورد الى نقابة الاطباء ان بعض الزملاء لا سيما الاطباء الشرعيين يقومون في اجراء فحوص شرجية لاثبات المثلية الجنسية بناء على طلب الضابطة العدلية واشارة النيابة العامة المعنية، وحيث انه من الثابت علميا ان هذا الاجراء وهو لا يتصف حتى بالفحص التجريبي، لا يعطي النتيجة المطلوبة ويشكل انتهاكا جسيما لحقوق الاشخاص الذين يتم اخضاعهم له من دون موافقتهم، وممارسة مهنية وتحط من قدرهم وتعذيبا بمفهوم معاهدة مناهضة التعذيب. لذلك يطلب من الاطباء عدم اجراء الفحص تحت طائلة الملاحقة المسلكية. والى وزير العدل الايعاز لمن يلزم وقف اي اجراء من هذا النوع في شكل فوري مع إحتفاظ النقابة بملاحقة اي طبيب، مسلكياً، يقوم به او يسهل ذلك".
أما المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية، فاعتبر ان ما يصرح به وزير العدل الى الاعلام هو مخالف لما ورد في التعميم الصادر عن النيابة العامة التنفيذية. فما صدر هو تشريع للفحص الشرجي، والامر الذي اضافه التعميم هو موافقة الشخص المعني. بينما الواضح وفق تعميم نقيب الاطباء ان هذا الفحص ليس له اي قيمة علمية، وانه تعذيب ويحط من قدر الانسان. فكيف تبرر وزارة العدل هدر اموال عامة لاجراء فحص غير مفيد ومهين. فالمطلوب من وزير العدل توضيح موقفه من مبدأ الفحص وليس من حيث شروط اجرائه. وورد في التعميم انه من واجب الطبيب ان ينبه الشخص الذي يرفض الفحص ان الرفض سيستعمل دليلاً ضده، اذا ما اعطاه التعميم لجهة وجوب الحصول على الموافقة قد استرده وابطله من خلال التهديد لنتائج الرفض.
  

السابق
خزانة الشباب تفتيشها دليل إلى عدم الثقة؟
التالي
إتصل بالشرطة بدلاً من تاجر المخدرات