صقر يشرّع السلاح السوري في لبنان

أطلق مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر سراح ضابط في «الجيش السوري الحر» قبل أيام. الضابط كان على الأراضي اللبنانية، يحمل السلاح. بالنسبة إلى بعض القضاة، ما حصل يعد «فضيحة». وزير العدل لا علم له بالأمر

القاضي صقر صقر كان غائباً عن السمع يوم أمس. لم يكن بالإمكان سؤاله عن خلفيات إطلاقه سراح سامر ك.، الملازم في ما يسمى «الجيش السوري الحر»، ومعه اللبناني أحمد د، بعدما أوقفهما الجيش قبل نحو أسبوعين في بلدة بريتال البقاعية. هاتف القاضي كان مقفلاً أمس. البعض قال إنه لا يريد الحديث مع أحد، فيما رجح البعض الآخر يكون خارج البلاد، إذ كان تقدم من وزير العدل أخيراً بإذن سفر.
حسناً، صقر ليس هنا، فمن يجيب عن هذه «الفضيحة»؟ بالمناسبة، هذا الوصف يعود لأحد القضاة، من زملاء صقر، الذي لم يفهم «كيف يطلق من ضبطت في حوزته كمية من الأسلحة، هي عبارة عن بنادق قنص وكواتم صوت؟». لا يريد القاضي أن يضيف أكثر، إذ «لا بد من المحافظة على بعض اللياقات تجاه الزملاء، ولكنني بت لا أفهم كيف تدار الأمور في هذا البلد، خصوصاً في ظل الحكومة الحالية، التي تحسب على فريق معين؟».

وزير العدل شكيب قرطباوي كان منشغلاً، أول من أمس بالحريق الذي لحق بالطبقة الخامسة في وزارته. سألته «الأخبار» عن الدعوى رقم 2012/10914 لدى النيابة العامة العسكرية، وعن كيفية تبرير إطلاق سراح المذكورين، فتبيّن أن لا علم له بما حصل. وعد بأن يستوضح الأمر ليفيد به لاحقاً، لكنه، في اليوم التالي، انضم إلى صقر في الغياب عن السمع وعدم الرد على الهاتف.
ثمة «فضيحة» ثانية على هامش «الفضيحة» الأولى، ففي ورقة الدعوى، التي وقعها صقر وطلب فيها ترك المذكورين، أضاف ملاحظة بخط يده: «عدم تسليم الملازم ك. للأمن العام». أحد القضاة، وهو من الذين اعتادوا التعامل مع قضايا الأجانب، رفض أن يصدق أن صقر يأمر بمثل ذلك. بالنسبة إليه «هذا مش معقول». يطلق تنهيدة طويلة عندما يعلم أن الوثيقة تثبت ذلك، ومعها نسخة عن سند الإقامة، المدوّن فيه أن سامر ك. يقيم في بلدة كامد اللوز في البقاع الغربي. وللعلم، فإن كل أجنبي يوقف من جانب القضاء في لبنان، ثم يخلى سبيله، يحال على الأمن العام لتحديد شرعية وجوده على الأراضي اللبنانية. عموماً، هذا ما درج القضاء على فعله في قضايا غير اللبنانيين. لكن، لماذا لم يفعل القاضي صقر ذلك؟ سؤال برسمه هو، وبرسم وزير العدل، وطبعاً، برسم هيئة التفتيش القضائي. أحد كبار القضاة، من غير المحسوبين على فريق 8 آذار، نصح بأن تحال الأوراق في هذه القضية على هيئة التفتيش، وذلك «منعاً للمتاجرة بها، على أن يفتح تحقيق شفاف مع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي صقر صقر، الذي للأسف لا يمكن ان نتهمه الآن بأنه انصاع لضغوط ما، ولكنه خلال السنوات الماضية غرق في اللعبة السياسية، فلحقت به التقسيمات التي كان يفترض أن يبقى بعيداً عنها في السياسة».

يُذكر أن القاضي صقر لم يحل الموقوف السوري على أي من قضاة التحقيق، وبالتالي لم يمثل أمام أي محقق، بحسب ما أكدت مصادر قضائية رفيعة.
إلى ذلك، ذكرت مصادر متابعة أن عملية التوقيف التي حصلت في بلدة بريتال، سبقها رصد لـ«أحد أكثر المعابر الحدودية المعتمدة في التهريب، قبل الأزمة السورية وبعدها، والتي أصبح يستفاد منها في نقل السلاح إلى سوريا بعد الأزمة، وهو يمتد من بريتال ليصل إلى معربون ثم قرية الطفيل الحدودية، تلك القرية التي تتصل بطريق من الاسفلت مع سوريا، في حين لا طريق واضحاً إليها من لبنان، باستثناء ممر وعر لا يمكن عبوره بسهولة».

وفي سياق متصل، سجلت أمام القضاء العسكري، قبل مدّة، حادثة مشابهة لما حصل، تمثلت في توقيف أحد الذين كانوا ينقلون السلاح إلى سوريا، فأحالته النيابة على قاضي التحقيق العسكري نبيل وهبة. الأخير، وبعد التحقيقات، أمر بمنع المحاكمة عن الموقوف واطلاق سراحه. بيد أن القاضي أحمد عويدات، بصفته معاون مفوض الحكومة، استأنف القرار، فرفعت القضية إلى محكمة التمييز العسكرية للبت فيها. في هذه الحالة كان الموقوف محالاً إلى قاضي تحقيق، وبالتالي، كان ممكناً للنيابة العامة أن تستأنف القرار الصادر أياً كان، لكن في حالة ضابط «الجيش السوري الحر» كان القرار أولاً وأخيراً بيد القاضي صقر صقر.  

السابق
مستشاراً لبنانياً
التالي
الإرهابي الجامح..