النهار: 14 آذار تحاصر المشروع الحكومي وتحضّر البديل مع جنبلاط

اتخذت الموجة المتسعة لردود الفعل الرافضة لمشروع قانون الانتخابات النيابية غداة اقراره في مجلس الوزراء أبعادا سياسية تجاوزت مضمون المشروع لتلامس رسم مشهد سياسي يتسم بحماوة شديدة على قاعدة الفرز الذي أثاره هذا المشروع.
واذا كان في حكم المؤكد ان افتقار المشروع الى غالبية نيابية توفر اقراره في مجلس النواب جعله في افضل الاحوال أقرب الى مسودة أولية لاطلاق النقاش السياسي والنيابي على أساسها تمهيدا لادخال تعديلات جذرية عليها او بلورة مشروع بديل منها، فان النتيجة الفورية لاقرار المشروع بصيغته النهائية تمثلت في استنفار سياسي غير مسبوق لقوى 14 آذار منذ اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري واجماع هذه القوى بكل مكوناتها ولا سيما منها المسيحية على رفضه.

ذلك أنه بعدما شكل الرفض الحاد الفوري للمشروع على لسان الرئيس الحريري ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الضربة الاولى للمشروع، اتخذ موقف رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وكذلك حزب الكتائب في اليوم التالي بعدا آخر في استكمال دورة محاصرة المشروع في ما بدا ردا مباشرا على الرهانات والاجتهادات التي ذهبت الى تصوير المشروع في بعض جوانبه استرضاء للقوى المسيحية. ومع ان جعجع صاغ موقفه بمرونة لافتة من حيث اعتبار مشروع الحكومة "خطوة الى الامام" ورفضه قانون الستين رفضا باتا، فانه سرعان ما وصفه بأنه "محاولة لتعويم فريق 8 آذار انتخابيا" وبدا حاسما في العودة الى مشروع لجنة بكركي الذي يعتمد تقسيم لبنان 61 دائرة صغيرة. وسعى الى حشر "التيار الوطني الحر" في زاوية التزامه عمل لجنة بكركي مستغربا سير وزراء هذا التيار بمشروع الحكومة.

وقالت مصادر معارضة بارزة لـنا ان الفخ الذي حاولت معظم قوى الاكثرية نصبه لقوى 14 آذار في هذا المشروع لاضعافها واقصائها وتحجيم رموزها الاساسيين، بدت كأنها وقعت فيه بأسرع مما تتوقع إذ وفرت لقوى المعارضة ذريعة للتماسك اكثر من أي وقت مضى والاستعداد لاسقاط المشروع الحكومي في مجلس النواب، لافتة الى ان اسقاطه أمر مضمون في ضوء التحالف الموضوعي المتين بين قوى 14 آذار والنائب جنبلاط، أقله في هذا الاستحقاق، لتأمين الاكثرية الضرورية والكفيلة باسقاط المشروع. وأشارت هذه المصادر الى ان قوى 14 آذار استنفرت كل قواها من أجل مواجهة المشروع الذي ترى انه أدخل لبنان دائرة الخطر سواء من حيث محاولة استكمال انقلاب بدأ مع تأليف الحكومة الحالية ويسعى الى اقصاء قوى المعارضة بما تمثل، أم من حيث نسف كل الاصلاحات التي لحظها النص الاصلي في مسودته الاساسية. ولفتت في هذا المجال الى ان خبراء مستقلين ومؤيدين للنسبية تحفظوا عن المشروع كما أقرته الحكومة لافراغه من معظم مواده الاصلاحية.

وأفادت المصادر ان قوى 14 آذار لن تكتفي برفض المشروع والعمل على اسقاطه، بل تعكف من خلال لجان تنسيق مصغرة تضم قواها الاساسية وشخصيات فيها على العمل للتوصل الى قواسم مشتركة تشكل نواة صالحة لصياغة مشروع موحد بالتنسيق مع النائب جنبلاط. ومع أنها امتنعت عن كشف ملامح هذا المشروع، فانها أكدت انها ستخوض معركة قانون الانتخاب بمشروع جديد انطلاقا من مسلمات اساسية هي رفض النسبية تحت سطوة السلاح مع انها ليست ضد النسبية من حيث المبدأ، ورفض العودة الى قانون الستين، ملمحة الى ان التوجه العام لدى هذه القوى قد ينحو في اتجاه اعتماد الدوائر الصغرى التي تؤمن التمثيل الصحيح.

واستنادا الى اعضاء في لجنة بكركي، فوجئ ممثلو قوى 14 آذار في هذه اللجنة بأن ممثلي القوى المسيحية الاخرى ولا سيما منهم ممثلي "التيار الوطني الحر" و"تيار المردة" كانوا يعلنون شيئا الى طاولة اللجنة ويضمرون أشياء أخرى لقلب الطاولة على رؤوس الجميع. ومع أن أحدا لم يطلق "رصاصة الرحمة" بعد على هذه اللجنة، فان هذا التطور بدا كأنه يرسم علامات شكوك عميقة في امكان استمرار اللجنة بعدما وجه جعجع انتقادا علنيا الى "التيار" كما ان حزب الكتائب يزمع اطلاق موقفه الرسمي من هذا التطور في وقت قريب وهو موقف لن يختلف على الارجح عن موقف "القوات"، في ظل اعلان منسق الحزب النائب سامي الجميل امس رفض مشروع الحكومة وتحميله "التيار الوطني الحر" مسؤولية الاخلال بالتزاماته في لجنة بكركي.

اشتباك في اكروم
على صعيد آخر، حصلت اشتباكات أمس في منطقة أكروم الحدودية اتخذت طابعاً مذهبياً وأدت الى مقتل شخص واصابة آخرين. وأفادت معلومات ان الاشتباكات بدأت عقب محاولة مجموعة سورية مسلحة من بلدة القصير الحدودية في محافظة حمص التسلل الى لبنان عبر بلدة الحوراني اللبنانية. وأدى ذلك الى صدامات استمرت ثلاث ساعات ثم تدخل الجيش اللبناني. وجاء في بيان صادر عن قيادة الجيش أن تبادلاً لاطلاق النار حصل بين عناصر مسلحة على الجانبين اللبناني والسوري في منطقة أكروم الحدودية اسفر عن مقتل أحد المواطنين وإصابة عدد آخر بجروح، وتدخلت قوى الجيش المنتشرة في المنطقة وعملت على وقف الاشتباك واعادة الوضع الى طبيعته كما عززت اجراءاتها في المنطقة.
وفي سياق آخر، أدى تحول حركة الشحن البري من معابر الشمال المعطلة بفعل الأزمة السورية الى بوابة المصنع الى تنامي ظاهرة الاختناق المروري للشاحنات المتوجهة الى سوريا. وبدأت أمس الاستعدادات لحل هذه المشكلة.  

السابق
السفير: المستقبل يرى في المشروع الانتخابي استهدافاً للسنة
التالي
القضاء الأعلى