الدولة العلوية ودومينو التقسيم !

كل هذا الدوي الاقليمي والدولي من التصريحات والمواقف حول الازمة السورية لا يعادل قذيفة تدك الاحياء في حلب وغيرها من المدن المنكوبة. فبعد 17 شهراً على انفجار الوضع وبعد فشل النظام في فرض استعادة السيطرة وسقوط المبادرات العربية والدولية، تبدو سوريا متروكة لمصير مأسوي مخيف.
فلا حديث الرئيس الاسد بعد لقائه سعيد جليلي عن "تطهير البلاد من الارهابيين ومكافحة الارهاب من دون تهاون" يمكن ان يوقف الانهيار، ولا حديث جليلي عن ان "ايران لن تسمح بأن ينكسر بأي طريقة محور المقاومة الذي تعتبر سوريا جزءاً اساسياً منه" يمكن ان يحبس رصاصة في فوهة بندقية، ولا تحذير هيلاري كلينتون من ارسال "المقاتلين بالوكالة او الارهابيين الى سوريا، وان علينا ان نرسل اشارات واضحة جداً حول تفادي حرب طائفية" يستطيع ان يفرمل انزلاق سوريا الى الحرب الاهلية، ولا الغياب المثير للحضور الروسي منذ ايام عن المسرح المشتعل يمكن ان يشي بوجود مخرج ما!

وسط هذه الصورة القاتمة برز حديث العاهل الاردني عبد الله الثاني عن الخشية من الوصول الى سيناريو قد يضطر فيه الاسد الى اللجوء الى معقل الطائفة العلوية كجرس إنذار للجميع: "لدي شعور بأنه اذا لم يتمكن الاسد من حكم سوريا الكبرى، فان خطته الثانية ربما تكون اقامة جيب علوي"!
طبعاً لا يغالي عبد الله عندما يصف هذا السيناريو بأنه الاسوأ "لأن ذلك يعني انقسام سوريا الكبرى، ومن الواضح ان هذا الانقسام يعني ان الجميع يبدأون بالاستيلاء على الاراضي، واذا انفجرت سوريا من الداخل فان ذلك سيخلق مشاكل سيستغرق حلّها عقوداً"!

الكلام عن انقسام سوريا او تقسيمها ليس جديداً، ففي حين تواترت الانباء عن تخزين النظام الاسلحة في المناطق الجبلية شمال غرب سوريا، بدا القتال الشرس واعمال التصفيات المذهبية المتبادلة بين الطرفين في شريط المدن ذات الاكثريات السنيّة مثل حمص وحماة وحلب والتي يمكن ان تشكل حداً فاصلاً بين السهل السني والجبل العلوي، وكأنه سيقود في النهاية وفق تطور المعارك على الارض الى سيناريو التقسيم الذي لم يكن عبد الله اول المتحدثين عنه.

طبعاً يتفق النظام السوري مع المعارضة في تكرار رفض كل حديث عن التقسيم، على رغم ان ما يجري في الميدان يخالف هذا، لكن عندما تترك سوريا لمصيرها الاسود ويتساوى صمت اميركا الطويل والمريب مع انحياز روسيا العنيد والمريب، فمن واجب المنطقة كلها ان ترتجف أمام عاصفة التقسيم التي قد تضرب في سوريا والاقليم!  

السابق
خلف خطوط تيار المستقبل
التالي
ربيع كانتونات؟