نصرالله يسقط عن المعارضة ورقة التين

      
تعكف قوى «الرابع عشر من آذار» في اليومين المقبلين على التفتيش عن المخرج الذي يجعلها تتملص من الصعود إلى قصر بعبدا والجلوس إلى طاولة الحوار، بعد أن أصبحت الشروط التي وضعتها قبل تعليق مشاركتها في الجلسة الأخيرة للحوار غير ذات جدوى، خصوصاً في ما يتعلق بـ»داتا» الاتصالات.
ويعمل بعض «الخبثاء» في هذا الفريق على استعراض جملة من السيناريوهات التي تساعده على الهروب إلى الأمام متخذاً من موقف حزب الله من شكل ومضمون الاستراتيجية الدفاعية ذريعة لهذه الغاية، وهو ما يؤكد أن المعارضة التي دخلت حلبة الحوار بناء على إيحاءات «صحراوية» ثم غادرتها بناء على طلب من الجهة نفسها، تنتظر الآن ما يمكن أن يملى عليها من أولياء الأمر، لتبني على الشيء مقتضاه، وهو ما يعني بشكل واضح أن هذه المعارضة لا تريد حواراً ولا من يحزنون.

إن السلوكيات السياسية اليومية لفريق «14 آذار» تؤكد أنه تابع، وأن أي حركة يقوم بها على المستوى الداخلي حيال أي ملف، تخضع لاستشارات ومشاورات على هاتف «الثريا» الرائج خليجياً.
وما من شك أن السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله قد أسقط بخطابه الأخير ورقة التين عن هذا الفريق، من خلال وضع النقاط على أحرف المشكلة الداخلية، حيث أعلن صراحة وبناء على معطيات مؤكدة لديه، أن فريق «14 آذار» لا يريد حواراً ولا شراكة، وأن جل ما يريده هو العودة إلى نعيم السلطة، وأن التطمينات التي يعطيها يعرف جيداً أنها لن تلقى آذاناً صاغية، باعتبار أن القرار مأخوذ سلفاً لدى المعارضة، وهو إسقاط الحكومة أو على الأقل إعاقة عملها، إلى جانب الأمر الملح والأساسي، والمفروض فرضاً على هذا الفريق من قبل السفارات الغربية، وعلى وجه الخصوص من السفارة الأميركية ويتعلق بالتصويب الدائم على السلاح.

وفي رأي مصادر سياسية مطلعة، أنه لو كانت المعارضة المتمثلة بفريق «14 آذار» جادة وراغبة في الجلوس إلى طاولة الحوار، فإن السيد نصرالله قد أعطاها بالأمس كل التطمينات، وبدد كل الهواجس التي تشكل دافعاً قوياً للجلوس وجهاً لوجه، للبحث في الاستراتيجية الدفاعية، ومن ثم في الملفات الخلافية، غير أن المعارضة على ما يبدو أخذت خيار الوقوف إلى جانب الدول التي تريد بالمقاومة شراً، والتي تنصب المكائد لقوى الممانعة، في إطار السعي إلى تغيير وجه المنطقة، واستبدال الخارطة الجيوسياسية الموجودة حالياً بشرق أوسط جديد، قائم على قاعدة واحدة، وهي تأمين أمن «إسرائيل» وتذهب هذه المصادر إلى أبعد من ذلك، حيث لا تسقط من حساباتها، بأن يكون فريق المعارضة الذي وضع كل بيضه في السلة الأميركية ـ السعودية، ينتظر حدوث متغيرات في سورية للعب ورقة العبث بالاستقرار اللبناني الداخلي بدعم أميركي ـ سعودي مباشر، الأول بالسلاح والدعاية الدولية، والثاني بالدعم المادي والدعاية الطائفية والمذهبية، لأنه في ما يبدو أن العمل على حصول فتنة سنية ـ شيعية ما زال أولوية، وهو في مقدمة الأجندة الأميركية حيال الوضع اللبناني، في المرحلة المقبلة.

وانطلاقاً من هذا الواقع الذي تحاول قوى المعارضة تكريسه على الحياة السياسية بجعله أشبه بـ»ستاتيكو» الذي يطال كل المجالات أما الأكثرية المتيقظة لمثل هذا التوجه فقد أخذت خيارها أيضاً بالمضي قدماً بالعمل على تعزيز الاستقرار الداخلي، والابتعاد قدر الإمكان عن محاولات الاستدراج إلى أتون الصراعات الداخلية، التي تعمل على حدوثه جهات دولية وإقليمية بهدف الإيقاع بالمقاومة.
وتلفت المصادر النظر إلى أن مكونات الأكثرية في صدد الاستفادة من أخطاء ما حصل في الأيام الماضية، والعمل في المقابل على وضع خارطة طريق تمكنها من تجاوز مطبات وتحديات المستقبل، خصوصاً وأن قيادة الأكثرية تعي تماماً أن لبنان ليس في جزيرة نائية، وأن الواقع اللبناني قابل للتفاعل مع أي متغيرات في المنطقة، وانطلاقاً من هذا المبدأ فإنها ستعمل على ترتيب بيتها الداخلي للحؤول دون أن تعبث به أية رياح عاتية يمكن أن تهب على المنطقة.  

السابق
النَّسَقُ الطائفي
التالي
سورية بين الحرب والحرب الإعلامية