النهار: النسبية أمام جلسة حاسمة ورسالة جليلي سلاح الحزب

مع أن الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها أمس للبنان الأمين العام للمجلس الاعلى القومي الايراني سعيد جليلي استأثرت بحيز مهم من المشهد السياسي، تقدم ملف قانون الانتخاب الجديد الى واجهة الحدث الحكومي والنيابي والسياسي في ظل اقتراب مجلس الوزراء من إقرار مشروع القانون الذي وضعته وزارة الداخلية والذي تلحظ فيه اعتماد النسبية نظاما انتخابيا.

وبدا واضحا ان مجلس الوزراء الذي لم يتمكن أمس من تجاوز عقدة التوافق على حجم الدوائر الانتخابية، باعتبارها العقدة الأم، سيسعى الى جعل جلسته المقرر عقدها اليوم جلسة نهائية يخرج فيها مشروع القانون ويقره ولو من دون إجماع أعضائه في ظل رفض الكتلة الوزارية لـ"جبهة النضال الوطني" مشروع النسبية. ومن المقرر ان يعاود مجلس الوزراء البحث في ما تبقى من بنود قليلة في المشروع في جلسة يعقدها في الاولى والنصف بعد ظهر الثلثاء في قصر بعبدا، بعد أن يرعى رئيس الجمهورية ميشال سليمان احتفال وزارة الشؤون الاجتماعية باطلاق المرحلة الاولى من برنامج رعاية الاسر الاكثر فقرا في القصر الجمهوري.

ولم يتمكن المجلس في جلسته الثالثة التي عقدها امس في قصر بيت الدين وخصصت لمشروع قانون الانتخاب من تجاوز التباينات القائمة حول تقسيم الدوائر الانتخايبة، وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان البند المتعلق بتقسيم الدوائر طرح على عجل ثم أرجئ الى جلسة اليوم واقتصرت المناقشات على بنود تنظيمية اخرى كان أهمها اقتراع المغتربين في المغتربات واتفق على زيادة ستة نواب مناصفة بين المذاهب المسيحية والاسلامية مما يرفع عدد اعضاء مجلس النواب الى 134 نائبا. وحصل نقاش طويل في شأن الكوتا النسائية اذ اقترح الرئيس سليمان تخصيص كوتا بنسبة 30 في المئة ترشحا للنساء لكن عددا من الوزراء اعتبر ان هذه النسبة قد تلحق اجحافا بالمرشحين الرجال ضمن لائحة واحدة. وطرح اقتراح بجعل النسبة عشرة في المئة، لكن تباينا في الآراء أطاح هذا الاقتراح ايضا. ولفتت المصادر الى ان المناقشات أبرزت رفضا شبه مطلق لابقاء المحافظات الخمس الاساسية القائمة بشكلها الحالي كدوائر انتخابية.

وفيما كانت الجلسة لا تزال منعقدة، وصل النائب وليد جنبلاط الى قصر بيت الدين ووافاه الرئيس سليمان الى مكتبه حيث عقدا اجتماعا، لكن الوزير وائل أبو فاعور أوضح ان لا علاقة لزيارة جنبلاط بالبحث في قانون الانتخاب وان الموعد كان محددا سابقا. وأكد ان وزراء "الجبهة" سيعارضون مشروع القانون الذي سيطرح اليوم كلا على التصويت.
الى ذلك، خاض مجلس الوزراء طويلا في قضية المزروعات الممنوعة التي حملها وزير الداخلية مروان شربل الى المجلس طالبا من الجميع "أن يتحملوا المسؤولية عن معاناة يعيشها أهل بعلبك – الهرمل منذ أكثر من خمسين سنة من غير ان تكون هناك أي معالجة جدية لها". وعلم ان المجلس ناقش طوال أكثر من ساعتين ونصف ساعة هذا الموضوع من زاوية وضع خطة انمائية لانعاش المنطقة وابعادها عن زراعة الحشيشة. وشرح شربل ما واجهه لدى زيارته المنطقة الاحد من احتقان وغضب لدى الاهالي من جراء اهمال الدولة لاوضاعهم وعدم رؤية الدولة الا عندما ترسل القوى الامنية لاتلاف الحقول.

وأدلى معظم الوزراء بمداخلات أبرزت اجماعا على خطة لانماء المنطقة ولكن من دون اعتماد تعويض الاهالي في مقابل اتلاف المحاصيل لئلا يشكل ذلك سابقة قد تتكرر سنويا. واتفق على تأليف لجنة وزارية تضع تصورا لمعالجة نهائية وشاملة خلال شهر. وقال الوزير شربل لـ"النهار" ان "القرار بات في عهدة اللجنة الوزارية وهي ستعقد اجتماعها عصر اليوم في السرايا والمهم ان تعالج هذه القضية لئلا تتكرر كل سنة ومن الضروري وضع حل نهائي يفيد منه أصحاب الارض الموعودون منذ ثلاثين واربعين سنة بأن تتطلع اليهم الدولة فيما لم يحصلوا على شيء".

جليلي
أما زيارة جليلي للبنان، فأثارت ردود فعل فورية كان أبرزها للرئيس سعد الحريري الذي اعتبرها "مريبة في هذا التوقيت"، مؤكداً أن "التحركات والتهديدات الايرانية لن تجدي نفعاً في تأخير السقوط المحتم لحليفها بشار الأسد".
وكشفت مصادر مواكبة للزيارة ان محادثات جليلي مع المسؤولين الكبار تركزت على رسالة ايرانية واضحة مفادها الدعم المطلق لـ"حزب الله" في مواجهة كل الاحتمالات". وقالت لـ"النهار" إن المسؤول الايراني لم ينقل رسالة محددة ولكن فهم من كلامه أن مغزى زيارته دعوة جميع الافرقاء اللبنانيين ولا سيما منهم المطالبين بوضع ضوابط لسلاح "حزب الله" الى العودة عن هذه المطالبة من منطلق "اعتبار سلاح الحزب عامل توازن مع اسرائيل وعامل استقرار" ولا يمكن تالياً إخضاعه للاستراتيجية الدفاعية المطروحة في عملية الحوار اللبناني، مع التشديد على الدعم الايراني المطلق لهذا السلاح، أما في الموضوع السوري، فان جليلي أسهب أيضاً في شرح "الدعم السوري للمقاومة" واعتبار ما يجري في سوريا "مؤامرة صهيونية وأميركية للانتقام من سوريا".
وقد ذهب جليلي في مواقفه العلنية الى القول إن أجواء الاستقرار التي يعيش فيها لبنان تعود الى "وجود المقاومة وانتصاراتها"، في ما اعتبرته المصادر تلميحاً واضحاً الى ربط هذا الاستقرار بأي مسّ بسلاح المقاومة.
وقالت مصادر رئيس الجمهورية لنا إن الهدف الأساسي للقاء الرئيس سليمان وجليلي كان التحضير لقمة عدم الانحياز التي ستستضيفها طهران هذا الشهر والتي سيشارك فيها سليمان على الأرجح. كما تناولت المحادثات الوضع في المنطقة وخصوصاً تطورات الأزمة السورية.
وليس بعيداً من مواقف جليلي ركز الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلمة القاها مساء أمس على موضوع سلاح المقاومة، فاعتبر أن "فوضى السلاح موجودة حيث لا وجود للمقاومة". ووصفه بأنه "قوة الردع البديلة التي تجعل اسرائيل تفكر الف مرة قبل ان تعتدي على لبنان".  

السابق
السفير: نصرالله: لن نكون الطائفة الحاكمة أو القائدة
التالي
منطقة تغلي وحكومة تهوي