السفير: نصرالله: لن نكون الطائفة الحاكمة أو القائدة

لم يمنع تصاعد ألسنة اللهب من حول لبنان، وارتفاع منسوب معاناة اللبنانيين، من انتقال الحكومة اللبنانية الى مقر رئاسة الجمهورية الصيفي في بيت الدين، من أجل الخوض في نقاش بيزنطي حول قانون انتخابي صارت دعائمه الستينية أصلب من النظام الطائفي، وحول كيفية نزع الحرمان عن منطقة بعلبك ـ الهرمل، وهي المعزوفة المملة التي اعتاد أهل المنطقة سماعها منذ 22 سنة تاريخ إطلاق حملة تلف الزراعات الممنوعة.
وفيما كان أهل المخطوفين اللبنانيين الـ11 في سوريا، ينتظرون من حكومتهم، أكثر من كلمة تطمين، اكتفى رئيس الجمهورية ميشال سليمان بالتأكيد، أن الدولة "مستمرة في جهدها ومتابعتها لهذه القضية الحساسة والمهمة بكل حرص ومسؤولية".
غير أن هذا النوع من التطمينات أيضا، لم يعد يروي ظمأ الأهالي الصائمين منذ 75 يوما، والباحثين عن توجه ملموس يترجم عمليا، وليس عبر المنابر الإعلامية، خاصة بعدما تناهى الى مسامعهم أن جهات لبنانية دفعت أموالا لأحد قادة الخاطفين لمنع تسليمهم للسلطات اللبنانية، كما أن بعض المحطات التلفزيونية أجرت مقابلات هاتفية مع المخطوفين، ناشدوا فيها أهاليهم والحكومة التحرك لاطلاقهم، وهو ما استوجب عودة الأهالي الى الشارع، حيث قطعوا طريق المطار ليلا، في الاتجاهين، مؤكدين مواصلة اعتصامهم عبر نصب خيام وسط الطريق، وملوّحين بتصعيد تحركهم في الأيام القليلة المقبلة باتجاه قطع طرق أخرى .
وعلى وقع التطورات الإقليمية المتلاحقة، أطل النائب سعد الحريري من جدة، بتصريح هاجم فيه زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني سعيد جليلي الى بيروت، وواكبه "حليفه السري" النائب وليد جنبلاط بانتقاد زيارة جليلي بطريقة ناعمة، من جهة، وبمواصلة هجومه على النظام السوري، وبرفع سقف انتقاداته المبطّنة لسلاح "حزب الله"، من جهة ثانية.
نصرالله يدين جريمة سيناء
وبينما كانت الدولة اللبنانية برؤسائها ووزير خارجيتها يرحّبون بالضيف الايراني الذي حدد هدف زيارته "بتعزيز محور الممانعة"، قدّم الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، على مسافة عشرة أيام من الجولة الجديدة لمؤتمر الحوار الوطني، خطابا سياسيا هادئا فتح فيه ابواب النقاش حول الإستراتيجية الدفاعية، ووجّه رسائل الى الشركاء في الوطن حول أهمية الحوار غير المشروط، خاصة وأن بديله الفوضى التي يراد تعميمها في المنطقة، وطمأن الخائفين بأن ليس في قاموس المقاومة "سوى حماية لبنان وليس الهيمنة عليه".

وأدان نصرالله، في مستهل خطابه أمام الهيئات النسائية، جريمة قتل العسكريين المصريين في سيناء، مؤكدا أن هذه الحادثة محزنة ومؤلمة و"مشبوهة" واسرائيل هي الرابح الأكبر منها على الصعيدين المصري والفلسطيني.
وقال إن "هذا النوع من الأحداث لا صلة له اساسا بالاسلام ولا بالدين أو القرآن، ولكن المحزن أن الحادث يُنسب للاسلام والجهاد"، مشيرا الى أن هناك تهديدين حقيقيين للأمن والاستقرار في المنطقة العربية والاسلامية "هما اسرائيل والعقل التكفيري التذبيحي الذي يُعمل على نشره في العالم العربي والاسلامي وتقف وراءه حكومات عربية تموّله من النفط العربي".
وسأل المشككين بالمقاومة "في ظل ما يجري في المنطقة، هل وصلنا الى الزمن الذي نستغني فيه عن المقاومة، وما هي قوة الردع البديلة التي تطمئن اللبنانيين وتردع العدو الاسرائيلي عن أن يقوم بأي عدوان، وما هي الضمانات للبنان لكي يستفيد من مياهه ويحصل على غازه ونفطه في المستقبل"؟

وأكد نصرالله أن الحل يكمن في الحفاظ على المقاومة ودعمها وليس في إلغائها. ورفض مقولة 14 اذار بأن سلاح المقاومة هو المسؤول عن الفوضى، وأن المقاومة تعطل قيام الدولة، وأكد أن من يريد أن يبني دولة عليه أولا أن يعزز الانتماء الوطني والشعور الوطني، وقال: نحن الذين نريد إقامة دولة حقيقية، لا بل نحن أكبر المستفيدين في لبنان من قيام دولة حقيقية وطنية، واذا كانت هناك فرصة للبنانيين أن يقيموا بأمان وسلام وبقرار ذاتي دولتهم، فهي الفرصة التي يوفّرها وجود المقاومة في لبنان وليس العكس.

وشدّد نصرالله على مثلث الجيش والشعب والمقاومة، وأشار الى ظروف مرّت على البلد في 7 ايار سنحت فيها الفرصة لكي يهيمن "حزب الله" على البلد، ولكن لم يحصل ذلك، "لأننا لم ولا نريد ذلك، ولم ولن نفعل ذلك فهذا ليس فكرنا". وأضاف: هذا البلد كناية عن طوائف، وانتهى زمن الطائفة الحاكمة أو الطائفة القائدة ولا تستطيع طائفة لوحدها ان تحكم البلد. وقال إن الشيعة لا يحلمون أن يكونوا لا طائفة حاكمة ولا قائدة.
ورأى أن المشكلة في لبنان تكمن في أن هناك فريقا لا يريد حوارا جديا، بل يريد السلطة، وقال: لا أحد يريد أن يلغي أحدا، ونحن ندعو الى حوار بلا شروط، ونرجو ألا يمنع الحوار في لبنان، لا بل نأمل ان يسمح لهم بأن يأتوا الى الحوار.
وحول الوضع في سوريا، كرر نصرالله التأكيد على عدم ترك الامور تذهب نحو الحسم العسكري، فالحل يكمن في وقف القتال والدخول في حوار من دون شروط مسبقة.

القانون الانتخابي
بلا "كوتا" نسائية
الى ذلك، ينتظر ان يصوّت مجلس الوزراء في الجلسة التي يعقدها، اليوم، في القصر الجمهوري في بعبدا، على شكل الدوائر التي يفترض ان تجري الانتخابات النيابية على اساسها في نهاية ربيع العام 2013، خاصة وأن مجلس الوزراء اخفق في حسم شكل الدوائر الانتخابية، بعدما سقطت الاقتراحات الخمسة التي قدمها وزير الداخلية مروان شربل (14 و13 و12 و10 و5 دوائر انتخابية).
وتوقعت مصادر وزارية ان تتسم مناقشات الحكومة اليوم بشيء من الحدة، في ظل المعارضة التي سيسجلها وزراء "جبهة النضال الوطني" على اعتماد النظام النسبي، برغم اقتناعهم بأن اقرار المشروع سيتم باكثرية وزارية كبيرة، الا ان هذا الامر لا يعني نهاية المطاف، كما قال وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور لـنا، حيث سيذهب هذا الموضوع الى "مقصلة السياسة" في مجلس النواب.
واوضح ابو فاعور "اننا لا نشكك بالنوايا الاصلاحية لرئيس الجمهورية، ولكن ثبت في النقاش في مجلس الوزراء ان هناك اتفاقا بين معظم اطراف الاكثرية على فكرة عامة للنسبية، ولكن من دون مضمون فعلي لذلك، بدليل الاختلاف على شكل الدوائر وحجمها، وسقوط كل الاقتراحات التي قدمت في جلسة الامس. وفي الخلاصة نحن سنكرر موقفنا وسنصوت ضد المشروع كونه مشروعا مجتزأ وانتقائيا والكلمة في النهاية لمجلس النواب".
وكان اللافت للانتباه في مداولات جلسة الأمس في بيت الدين، الغاء "الكوتا النسائية"، وهو "امر مؤسف" كما قال وزير الداخلية مروان شربل لـ"السفير"، خاصة أنه كان قد اقترح في متن المشروع ان تكون نسبة الـ"كوتا" النسائية 30 في المئة، من اجمالي عدد النواب الذين يتألف منهم المجلس النيابي.
وأبقى المشروع على سن الاقتراع 21 سنة، في انتظار ان يصار لاحقا الى تعديل دستوري لتخفيض سن الاقتراع الى 18 سنة.
  

السابق
-الأخبار: كونيللي: لا جدوى من بقاء الحكومة إذا ثبت تورّط حزب الله في بلغاريا
التالي
النهار: النسبية أمام جلسة حاسمة ورسالة جليلي سلاح الحزب