Marley سيرة الأسطورة

أفلام السير الذاتية لنجوم الفن تتعاقب. آخرها وليس أخيرها شريط وثائقي ساحر من إخراج السكوتلندي كيفن ماكدونالد عن أسطورة موسيقى الريغي بوب مارلي والشخصية الاجتماعية والسياسية الاشهر التي امتلأت أغانيها برسائل الحب والتسامح ومقاومة الظلم وتجاوز حدود الثقافات واللغات والاديان.

"رغم كل ما قرأت وشاهدت عنه من افلام، كان ينتابني دائماً شعور بأني لا اعرف من هو فعلاً بوب مارلي. هدفي من هذا الفيلم الوثائقي كان التقرّب أكثر من حقيقته، ومعرفة الرجل من لحم ودم الذي يقف وراء الاسطورة".
هذا ما قاله المخرج ماكدونالد عن الاسطورة بوب مارلي الجامايكي الذي لا يزال فنه فاعلاً ومؤثراً حتى اليوم، رغم مرور 30 عاماً على رحيله نتيجة اصابته بمرض السرطان وهو في ريعان الـ 35 من عمره.
عائلة بوب مارلي (المؤلفة من زوجته ريتا واولاده الـ 11 الذين انجبهم من 7 نساء)، وافقت على هذا الفيلم الوثائقي وشاركت فيه بالكامل. لقد قدمت العائلة بحراً غنياً من الشهادات والمعلومات والصور النادرة والمقتطفات الموسيقية والغنائية المأخوذة من حفلاته، والارشيف الشخصي الذي وضع كله في تصرّف الشريط، فأعاد من خلاله كيفن ماكدونالد رسم بورتريه حميمي وشعبي عن مارلي الظاهرة الثقافية والاسطورة الفنية منذ لحظة ولادته عام 1945 في ناين مايلز من أم جامايكية سوداء وأب ابيض انكليزي الاصل ومولود في جامايكا، حتى وفاته بمرض السرطان عام 1981 في ميامي. ورغم أن من الصعب جداً استحضار حياة أيقونة فنية مثل بوب مارلي من دون الشعور بأنها تجتاح العمل وتهيمن على كل مجرياته، إلا أن المخرج نجح قدر المستطاع في تفادي الانجرار وراء الشغف الاعمى، معتمداً اللجوء الى الوضوح من دون أن يسمح لأسطورة بوب مارلي باجتياحه والتأثير فيه بالكامل.
كل ذلك من خلال جعل عائلة مارلي والمقربين منه والاصدقاء يقصون سيرته من الولادة حتى الموت، من دون أن يحوّلوه قديساَ. شهادات "خمس نجوم" اذا صح التعبير تمكن ماكدونالد من جمعها، ومنها شهادة باسكالين بونغو ابنة رئيس الغابون السابق عمر بونغو، التي اعترفت للمرة الأولى بالعلاقة العاطفية التي جمعتها ببوب مارلي في أواخر ايامه.
لقد كشف هذا الفيلم المؤثر حقيقة الرجل المختبئ وراء الاسطورة، فجاء أشبه ببورتريه مركّب على طريقة البازل الذي تتكوّن رسمته وتتوضح تباعاً، مظهرة الجوانب الايجابية من شخصية مارلي وجاذبيته العالية وشعبيته والتزامه مساندة المعذبين وقضيته في الدفاع عن السود وتأسفه الدائم لكونه ليس أكثر سوادا، من دون إغفال النقاط السلبية في حياته مثل خياناته العديدة وتناقضاته السياسية وتقشفه. كل هذا من خلال مونتاج سريع، كنا نتمنى احياناً ان يسترسل اكثر كي نستمتع اكثر بالكثير من محطاته الموسيقية مثل حفل One Love Peace عام 1978، وأيضاً بجمال طبيعة جامايكا المقدمة بريشة السحر نفسها التي رسم بها المخرج كيفين ماكدونالد طبيعة اوغاندا عندما قدم قصة ديكتاتورها عيدي امين دادا في شريطه الشهير of Scotland The Last King… بعد انتهاء العرض الخاص الذي اقامه ماكدونالد للعائلة، اغرورقت عينا زيغي وسيديلا مارلي بالدموع. لقد شكرتا المخرج لأنه جعلهما تفهمان أكثر من كان والدهما.  

السابق
الحشيشة… لأجل لبنان!
التالي
سعد رمضان في الجزائر