لا بديل لأنان في سوريا


فور إعلان المبعوث العربي والأممي لسوريا السيد كوفي أنان استقالته انطلق البحث عن بديل له ليقوم بمهمة التعامل مع الأزمة السورية، وذلك لإتمام نقاط أنان الست التي أوصى باستمرارها حتى بعد فشله، فهل يمكن
إيجاد وسيط دولي بديل لأنان لتولي ملف الأزمة السورية؟
أشك في ذلك، فمن الصعب أن يقبل دبلوماسي محنك، وصاحب اسم بارز، القيام بمهمة محكوم عليها بالفشل بسبب تعنت النظام الأسدي الذي أفشل مهمة أنان، كما أنه من الصعب أن يقبل دبلوماسي محنك أيضا أن يكون غطاء للروس والإيرانيين، وللأسد بالطبع، وتصبح مهمته، أي المبعوث الجديد، هي إعطاء الفرص للأسد من أجل القيام بمزيد من القتل بحق السوريين العزل.. فإشكالية أنان، وأزمته، أنه قبل بالقيام بدور "المحلل"، أو مانح الفرص، لكل من موسكو وطهران، التي أصر على إشراكها في الشأن السوري مثله مثل الروس، كما أن أنان منح الأسد كل الفرص التي أرادها، ففي بداية مهمة السيد أنان كتبت هنا أن مهمته فاشلة، ليس بسببه هو بل بسبب الأسد، وأن على السيد أنان إعلان فشل مبادرته، وليس فشله، وكُثر وقتها قالوا إن هذا رأي متسرع، ثم ما لبث الجميع أن ردد ذلك، مطالبين أنان بإعلان فشل مهمته لكنه تباطأ
كثيرا للأسف، ولذا كتبنا هنا مجددا أن مهمة أنان فاشلة مثله تماما.
تباطؤ أنان تسبب في كثير من الدماء السورية، وحال دون اتخاذ المجتمع الدولي لخطوات عملية لإيقاف آلة القتل الأسدية، وبرر للروس والصينيين استخدام "الفيتو" بمجلس الأمن، بالقول إنه لا بد من إعطاء مهمة أنان الفرصة الكاملة للنجاح، وتلك الفرصة تعني مزيدا من القتل بسوريا، خصوصا عندما قال أنان بعد مؤتمر جنيف إن مقترحاته لحل الأزمة السورية قد تتطلب عاما من الجهد الدبلوماسي، وهذا هراء، لأن ذلك يعني منح الأسد فرصة أكبر لقتل السوريين.
اليوم، وبناء على ما يحدث على الأرض بسوريا، وأكاذيب النظام الأسدي الممنهجة، سياسيا، واقتصاديا، وإعلاميا، وطائفيا، وأمنيا، وفي كل شيء، فإنه لا مجال لمنح فرصة أخرى للأسد، ولا يمكن مواصلة السير وفق خطة أنان. ولذا فقد كان محقا رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم وهو يقول إن مهمة أنان قد انتهت، بل هي ميتة الآن، ولم تعد صالحة. ومن هنا فمن الصعب إيجاد بديل للسيد كوفي أنان في سوريا، فلا أتخيل أن دبلوماسيا يحترم تاريخه، ويكترث بدماء الأبرياء، وبما سيقوله عنه التاريخ لاحقا، يقبل بمهمة على غرار مهمة أنان، وهو، أي ذاك الدبلوماسي البديل، يعي ويعلم أنه سيكون بمثابة مانح الفرص للنظام الإجرامي بسوريا، ولعبة بيد روسيا وإيران.
الأحداث في سوريا اليوم تقول إن لعبة الفرص قد انتهت، وكما قلنا ونقول دائما، فإن تكلفة رحيل الأسد الساقط لا محالة ستكون كبيرة كلما طال الوقت. وعليه، فإنه من غير المجدي الآن البحث عن بديل لأنان، بل يجب البحث في كيفية تدعيم الثوار لإنهاء حقبة أحد أسوأ الأنظمة بمنطقتنا، وهو نظام الأسد الإجرامي، وهذا هو الأنجع بكل تأكيد.
 
 

السابق
هيروشيما تحيي ذكرى الذرية الـ67
التالي
الجسر: مواقف عون مثيرة للفتن