“طنَّشوا” عن الأسير لأنه جهر بما في قلوبهم

انتهت الأزمة التي هددت صيدا ولبنان عندما قَبِلَ الشيخ احمد الاسير انهاء الاعتصام الذي أقامه على مدخلها الشمالي احتجاجاً على احتفاظ "حزب الله" بسلاحه. طبعاً تَنَفّس اللبنانيون الصعداء وخصوصاً الذين منهم خافوا ان تشعل خطوة الاسير وتصريحاته وتهديداته بقطع الطريق على "الحزب" و"شعبه" حرباً سنّية – شيعية صار جمرُها فوق التراب. كما خافوا ان تشعل حرباً سنّية – سنّية طرفاها وكلاء سنّة لـ"حزب الله" وايران وزعامات سنّية عريقة ذات ارتباط وثيق بالسعودية وقطر. والذي برر خوفهم الثاني كان التحرّك المدروس لمحازبي النائب السابق اسامة سعد في صيدا، و"الانتشار" المدروس لجماعة "الاحباش" في عدد من الاحياء البيروتية.
طبعاً ليس الهدف من المقدمة الخوض في تفاصيل الجهود التي انهت الاعتصام. فوسائل الاعلام على تنوعها قامت بذلك، بل الهدف هو القاء الضوء على شخصية أحمد الأسير وبعض تاريخه وعلاقاته واهدافه. ذلك ان ما نشر عن ذلك كان إما مغرضاً او مجتزأ. علماً ان ما سننشره في هذه العجالة نقلاً عن مصادر اسلامية جدية ومطلعة قد لا يكون شاملاً وكافياً.
ماذا قالت هذه المصادر؟
قالت ان الشيخ أحمد الاسير رجل ذكي وطموح جداً لكنه ليس رجل دين. وقالت ايضاً انه انضم في مرحلة ما الى تنظيم مقاوم لاسرائيل كانت اسسته "الجماعة الاسلامية" في لبنان، وتدرّب فيه على استعمال السلاح، كما تلقى بعض الدروس الدينية. وقالت ثالثاً انه طلب يوماً من شباب التنظيم الذهاب معه بسلاحهم لحل خلاف نشب بين شقيقته وزوجها. لكنهم رفضوا لأن سلاحهم ليس لفض النزاعات العائلية. فترك "الجماعة" وانضم الى "جمعية التبليغ" الصوفية التي يسافر اعضاء فيها دورياً الى بنغلادش والهند من اجل الدعوة، في تلك الاثناء قابل الاسير الأمين العام لـ" الجماعة" اليوم الشيخ ابرهيم المصري مدة 45 دقيقة، لكنه اكتفى بالاستماع اليه ولم يتكلم كثيراً. وقالت رابعاً ان الاسير اقام علاقات مع جماعات سياسية وعائلات كبيرة ومقتدرة صيداوية، فساعدته كلها على تسلم جامع ابن رباح الذي كانت عليه مشكلات عدة. وقالت خامساً ان التمويل المُدقَّق فيه في لبنان أتاه من عائلات ثرية صيداوية وطرابلسية ولبنانية عموماً ومن رجال اعمال، ويُذكَر في هذا المجال ان شقيقتين غير صيداويتين باعتا عقاراً بمبلغ 120 الف دولار اميركي، ثم ذهبتا الى الاسير في خيمة الاعتصام (أو ذهبت احداهما) وقدمت له مئة الف تبرّعا. وقالت سادساً، ان سبب التعاطف الصيداوي ثم اللبناني (السنّي طبعاً) مع الاسير كان اساساً انزعاجهم بل استياؤهم من "حزب الله" في ظل الاحتقان المذهبي على الساحة الاسلامية، ومن استقوائه عليهم بسلاحه ومن هيمنته على البلاد كلها، ومن ظلمه لهم واقتناعهم بأنه الوحيد الذي رفع الصوت عالياً ضد هذه الممارسات وإن بكثير من الفجاجة. وربما كان احتجاجه الصارِخ المعبّر عن الموقف السنّي الصامت الدافع الى تطنيش فاعليات صيداوية سنّية، باستثناء تنظيم اسامة سعد، واخرى لبنانية سنّية عن اعتصامه والى تأخرها في الضغط عليه، او ربما في الطلب اليه إنهاء الاعتصام.
هل صحيح ان لا دعم خارجياً وتحديداً عربياً وإسلامياً للشيخ احمد الاسير، وإن كل ما تلقاه من تبرعات ومساعدات مالية ومن تأييد سياسي ومعنوي كان من جهات لبنانية فقط؟
المصادر الاسلامية الجدية والمطلعة نفسها تجيب بأن معلوماتها الوثيقة والمُدقَّق فيها تؤكد التمويل الداخلي له. أما التمويل الخارجي وتحديداً الاقليمي فان لا معلومات دقيقة عنه لديها. لكن ما تمتلكه من معلومات عن تحركات الاسير توحي بوجود نوع من العلاقة العربية – الاسلامية للاسير. إذ انه قام في بداية "الأزمة" التي تسبب بها او قبل ذلك بقليل بزيارة المملكة العربية السعودية لاداء فريضة العمرة. ويعرف المسلمون كلهم ان تأشيرة العمرة لا تسمح لحاملها بالتجوّل خارج مدن ثلاث هي جدة ومكة والمدينة المنورة. لكن الاسير وبعد ادائه العمرة شوهد في الرياض عاصمة السعودية التي توجّه اليها من احدى المدن المذكورة اعلاه بطائرة خاصة. وامضى هناك وقتاً لا معلومات عن مدته، ثم عاد الى بيروت من الرياض مباشرة وعلى طائرة سعودية تجارية. هذا الامر تابعت المصادر نفسها يرجح وجود نوع من العلاقة بينه وبين البعض في المملكة. هل هم من المسؤولين ام من العائلات الغنية التي يستفاد منها لتقديم العون المادي لجهات تتعاطف مع المملكة وتنفذ سياستها؟ لا أحد يعرف حتى الآن على الاقل. لكن قد يكون هناك من "يوشوش" الاسير.  

السابق
لا وطنـيـة خـارج الوحـدة اللبـنانيـة
التالي
الحشيشة… لأجل لبنان!