الشرق الأوسط: ترحيل الأمن العام اللبناني 14 سوريا إلى بلادهم يثير عاصفة

لم تهدأ عاصفة ترحيل الأمن العام اللبناني لأربعة عشر سوريا إلى بلادهم قالت إن قرار تسليمهم إلى السلطات السورية استند إلى "أفعال جرمية" ارتكبوها خلال فترة وجودهم في لبنان، بينما انتقدت قوى "14 آذار خطوة تسليم من اعتبرتهم "ناشطين سوريين" إلى بلادهم، ودعت الحكومة إلى توضيح موقفها مما جرى على ضوء معلومات وتعالت الأصوات المطالبة بإقالة المدير العام للأمن العام اللواء إبراهيم عباس من منصبه إذا اقتضى الأمر.
وكان الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط سباقا في شن هجوم هو الأعنف ضد إبراهيم، المحسوب على فريق "8 آذار"، فاتهمه بأنه يقدم "دليلا جديدا على انصياعه المطلق للنظام السوري"، موضحا أنه "بعد مغامراته البوليسية في توقيف شادي المولوي، التي كادت تشعل طرابلس والشمال وتدخل المنطقة في فتنة كبرى، فإذا به يقوم بتسليم 14 مواطنا سوريا لجأوا إلى لبنان هربا من قمع النظام، ومن بينهم أربعة ناشطين سياسيين تحت حجة أنهم مطلوبون للقضاء السوري في تهم مختلفة".
وبينما طالب الحكومة اللبنانية والمعنيين بـ"فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات واتخاذ التدابير المسلكية بحق مدير عام الأمن العام وصولا إلى إقالته إذا اقتضى الأمر"، سأل جنبلاط: "ألا يحق لنا أن نتساءل كلبنانيين من يحمينا بعد اليوم؟ إذا كان جهازا أمنيا لبنانيا له مهمات أمنية واستخبارية كبرى بات ملحقا بالمخابرات السورية في دمشق"، مشددا على أن ما جرى "لا يصب في إطار سياسة النأي بالنفس التي تم التوافق عليها لحماية لبنان والحيلولة دون تحوله ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، بل هي تشكل انحيازا إلى النظام السوري وخضوعا له".
وكانت المديرية العامة للأمن العام أصدرت بيانا توضيحيا أول من أمس قالت فيه إن قرار ترحيل السوريين الأربعة عشر قد استند إلى أفعال جرمية ومخالفات ارتكبت خلال وجودهم في لبنان (تعد على منزل ضابط والتهجم عليه وشتم المؤسسة العسكرية، استعمال مستندات مزورة، تحرش بفتاة، تعد على الملكية الفردية، محاولة سرقة بيك أب محجوز لدى قوى الأمن الداخلي، ..)، داعية جميع المعنيين إلى إخراج هذا الملف من البازار السياسي والإعلامي ووضعه في إطاره الطبيعي، وعدم التشويش على الدور الذي تقوم به المؤسسة، مع التأكيد على الالتزام التام من قبل المديرية باحترام الحقوق والأوضاع الإنسانية للمواطنين الموجودين على الأراضي اللبنانية، لا سيما الرعايا السوريين وتسهيل أمورهم ضمن الأطر القانونية وبإشراف القضاء المختص.
وتعليقا على إشارة المديرية العامة للأمن العام إلى أن ترحيل السوريين استند إلى أفعال جرمية، قال مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس لـ"الشرق الأوسط" إن "ما وصلنا من معلومات يؤكد عكس ذلك، وهناك 4 ناشطين سياسيين بينهم"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن مقاربة الموضوع من الزاوية التقنية فقط إنما يجب أن يؤخذ من الناحيتين الأخلاقية والسياسية، إذ يسلّم لبنان مجموعة من السوريين الذين لجأوا إلى أرضه إلى سوريا في ظل ظروف مأساوية تعيشها".
ورأى الريس أنه "عندما كان الأمن مستتبا في سوريا لم يكن هناك من قانون يطبّق فهل سيطبق اليوم"، مشددا على أن "استسهال المسألة يؤسس لتكرارها ولفضيحة على المستوى الأخلاقي".
وأكد أن موقف جنبلاط العالي النبرة "لا ينطلق من مسألة شخصية مع اللواء إبراهيم أو سواه، بل هي قصة مبدأ تتعلق برفض ترحيل لاجئين وتسليمهم إلى سوريا".
وفي سياق متصل، نفى وزير الداخلية والبلديات مروان شربل لـ"الشرق الأوسط" أن "يكون بين السوريين الذين تم ترحيلهم ناشطون سياسيون"، وقال "ليس صحيحا فهم ارتكبوا جرائم وحوكموا عليها، أحدهم اغتصب فتاة وحكم عليه قبل بدء الأحداث في سوريا".
وشدد على أن "لبنان منذ بدء الأحداث في سوريا لم يرحل أي لاجئ سوري"، مشيرا إلى أن "خمسة سوريين من الذين حاولوا تهريب السلاح عبر باخرة لطف الله 2 أعطاهم الأمن العام إقامات في لبنان بعد انتهاء محكوميتهم ولم يرحلهم إلى سوريا".
وقال "نحن نراعي قضايا إنسانية عدّة ولو أردنا تطبيق القانون بحذافيره لتم ترحيل عدد كبير من السوريين الموجودين في لبنان".
وانتقد رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة إقدام الحكومة اللبنانية على تسليم 14 شخصا إلى السلطات السوريّة، معتبرا إياها "سابقة تعتمدها الحكومة اللبنانية بناء على طلب أو ضغط من الحكومة السورية من أجل تسليم غيرهم"، وكشف عن "معلومات متفاوتة، لجهة أن هناك مبادرة تمت بناء على طلب من السلطات السورية لمدير الأمن العام، وسمعنا أيضا أن السلطات المسؤولة لم تكن تعلم بهذا الأمر، ثم عادت السلطة الحكومية وغطته".
وأكد السنيورة أنه "سيصار إلى تقديم سؤال إلى الحكومة على ما قامت به في هذا الشأن"، موضحا أن "القضية لا تمس اللواء إبراهيم، بل اللواء إبراهيم والحكومة، وفي النهاية يعمل اللواء إبراهيم تحت سلطة هذه الحكومة، وعندما غطته أصبحت مسؤولة".  

السابق
الحياة: مياومو «كهرباء لبنان يحتفلون بفك الاعتصام
التالي
شربل: لرفع الغطاء السياسي عن كل المخلين وقاطعي الطرقات