تسوية المياومين تحت سقف بقاء الحكومة

انجزت تسوية المياومين من ضمن تسوية سياسية تحت سقف عدم فرط الحكومة، مهما بلغت الخلافات بين مكوّناتها، في الملفات المعقدة التي تواجهها البلاد

خرق السجال داخل مجلس الوزراء حول ترحيل الامن العام 14 سورياً، سقف التهدئة التي اعيد العمل بها داخل مكونات الحكومة، إثر «تسوية صيدا» وفك اعتصام الشيخ احمد الاسير، وعقب اقفال ملف المياومين بعد نحو ثلاثة اشهر على فتحه.
وتعدد مصادر وزارية ما انجز في الايام الاخيرة لضبط ايقاع الحكومة وتسوية المياومين بالآتي:
اولا: ان التسوية التي تم التوصل اليها في ملف المياومين اخرجته من طابعه السياسي او الشخصي الحاد، بعدما خرج عن اطاره المعيشي والقانوني، ودخل في متاهات السياسة، ما عطل الحل خلال تسعين يوما. فالمنتصر الاساسي، بمعزل عن تسجيل اي نقطة سياسية لهذا لطرف او ذاك، هو منطق الدولة والمؤسسات، لأن الحل بدأ بالوزير المختص وانتهى عنده، وهذا طبقاً لمفهوم الطائف بحسب الماة 66 التي تحدد ان الوزير هو رأس وزارته. ومفهوم التمسك بالمؤسسات لا يجب ان يفهم انه ذم بأحد، بل العكس، لأن الموضوع لا يحتمل اي تأويل. فبقدر ما يعتبر تكتل التغيير والاصلاح انه حقق خطوة مهمة، بقدر ما يعتبر تجاوب الرئيس نبيه بري مع المبادرات والاتصالات وانجاز التسوية امرا مهما ايضا.

فالرئيس بري مدرك تماما لخطورة المرحلة وهو شعر بأن الامور تذهب نحو منزلقات خطيرة فيما المطلوب عدم فرط الحكومة مهما بلغت موجة التصعيد الكلامي.
ثانيا: ان التسوية حصلت تحت عنوان اساسي هو تأكيد الاستقرار الامني والسياسي في البلد. والقرار الاستراتيجي لمكونات الحكومة الابقاء عليها، كضامنة لهذا الاستقرار.
وهذه المكونات اكدت تمسكها بالتسويات مع اي من المشاكل التي تعترضها. وحين اختلف مكونان اساسيان كالرئيس نبيه بري وتكتل التغيير والاصلاح على ملف معيّن، وبدا ان هذا الخلاف يمكن ان يؤدي الى اصطفافات فئوية، او تفجير داخل الحكومة في لحظات اقليمية خطرة، سارع كل من حزب الله والنائب سليمان فرنجية الى التدخل، من اجل ضمان استمرار التوافق، الذي انعكس ايجابا على ملف المياومين من ضمن جملة ملفات تسووية. وهذا الامر سيؤدي لاحقا الى تسويات موازية في ملفات اكثر اهمية وحساسية اخرى يقبل عليها البلد في اطار الاتفاقات المالية ومواجهة بعض المحاولات لفرض قيود على لبنان.

ثالثاً: في ملف المياومين حصراً، فبعدما رممت العلاقة بين مكونات الحكومة، سيصار الى اخراج قانوني للاتفاق السياسي، من خلال الايكال الى وزير العمل اعطاء ضمانات للعمال وعلاقتهم بالشركات في عقود عمل نموذجية. ومن ثم ايجاد الصيغة الدستورية في مجلس النواب للحلة الجديدة للقانون المختص. على ان تأخذ هذه الحلة مصلحة مؤسسة كهرباء لبنان وحاجاتها ونشاطها وانتظام عملها، وتوازن بين مصلحتها ومصلحة المياومين وهمّهم الاجتماعي، اضافة الى المباراة المحصورة التي يحق للجميع الاشتراك فيها، وحفظ حق التعويضات.

رابعاً: في خضم ما يحصل في المنطقة، لا يجب استغراب وقوع اي خلافات بين الاطراف التي تؤلف الحكومة، والتي يمكن ان تتخذ احيانا منحى تصعيديا. لكن ثمة اتفاقا ضمنيا، على ان سقف ما يحصل هو عدم فرط الحكومة، حتى من قبل النائب وليد جنبلاط. والدليل الاخير على ما حصل، اعتراض جنبلاط ووزرائه على ترحيل 14 سوريا. فالاعتراض بقي ضمن مساحة محددة حتى داخل مجلس الوزراء ولم يصل الى حد التهديد بأي مقاطعة للجلسات او للعمل الحكومي، بل انتهى الموضوع عند حده، واستكمل مجلس الوزراء عمله.

خامسا: عالج المعنيون اعتصام الاسير في اطار المنطق ذاته، وحين ظهر أن مدينة بكاملها صارت محتجزة في يد الاسير، وان المطلوب فتنة كبيرة في صيدا، كان لا بد من القيام بتسوية يواكبها الاطراف الاساسيون في الحكومة، من اجل نزع فتيل التفجير وتجنيب البلد خضة كبيرة.
سادسا: خرج الجميع من تسوية المياومين منتصرين، لكن الانتصار الاساسي هو بقاء الحكومة لأن مصلحة بقائها في هذا الظرف هي فوق كل اعتبار.
وقد بدا ان جميع المعنيين عرفوا ان ثمة سقوفا عالية يمكن الوصول اليها، لكن لا يمكن ابدا خرقها، في هذه اللحظات الاقليمية الخطرة.  

السابق
سليمان_حزب الله: ساعة المواجهة تقترب
التالي
اتفاق واشنطن_موسكو يوقف حرب سوريا؟