السفير: المعلمون إلى التصحيح .. والمياومون إلى الامتحان الصعب

إذا كانت البدايات الزمنية لقضايا المياومين والمعلمين والشيخ أحمد الأسير، قد جاءت متباعدة زمنياً، فإن نهاياتها، في آن واحد، استدعت طرح أسئلة حول المصادفة الزمنية "السعيدة"، وعما إذا كانت تحمل في طياتها مضموناً سياسياً يتصل بالمرحلة المقبلة، وموقع الحكومة فيها؟

غير أن اللافت للانتباه، أن إقفال ملفات صيدا والمياومين والمعلمين، لم يحجب حقيقة أن أزمات الكهرباء والمياه وغيرهما، لم تغادر يوميات الناس، بل وربما تكون الأيام المقبلة، أشد عطشاً، وأوسع عتمة، ناهيك عما ينتظر البلد من تحديات، أبرزها المتأتي من حدوده الشمالية والشرقية، من دون إغفال المطبات الأمنية والسياسية والاجتماعية التي صارت جزءاً عضوياً في حياة لبنان اليومية.
ومرة جديدة، تبدو الحكومة أمراً واقعاً لا مفر منه، فهي من جهة، تحظى بثقة دولية وإقليمية تتوطد كلما ارتفعت ألسنة النيران من حول لبنان، ومن جهة أخرى، هي حكومة خوف الداخل، كل الداخل، من فراغ يقود الى المجهول. وهذا الواقع إن دلّ على شيء، إنما على كون الحكومة باتت موضع ثقة الخارج طوعاً والناس قسراً، فيما هي تشتري الوقت أو تهرب إلى الأمام، لنكتشف أنها حلت أزمات البلد كلها بكبسة زر واحدة!

بسحر ساحر، اتسعت دائرة الانفراجات من صيدا الى المعلمين، مروراً بالمياومين، لكنها لم تحرم اللبنانيين "متعة" إحراق الإطارات ومستوعبات النفايات التي قطعت ليل أمس، عدداً من شرايين العاصمة، وخاصة كورنيش المزرعة وقصقص والبربير والظريف، وهو مشهد مرشح لأن يستمر.. ويتمدد مادام أن أحداً لم يطمئن اللبنانيين الى بوادر انحسار عتمة لياليهم الملتهبة حراً وصيفاً.
ولم يقتصر إحراق الاطارات على المواطنين المحتجين ليلا، بل سبقه صباح امس، حريق سياسي متعمّد، انطلقت اولى شراراته من دارة وليد جنبلاط في المختارة، عبر مطالبته بإقالة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خلفية ترحيل 14 سورياً من لبنان، وسرعان ما رفدته "قوى 14 آذار" سياسياً، ومن بعدها السفارة الأميركية في بيروت والخارجية الفرنسية وممثلة الاتحاد الأوروبي في لبنان أنجلينا ايخهورست.

وفي المقابل، أكد الأمن العام اللبناني أن ترحيل السوريين الـ 14 تم بناء لإشارات قضائية، ولارتكاب المرحـّلين افعالاً جرمية داخل الاراضي اللبنانية، وليس لأسباب سياسية.
ونفى مرجع أمني معني لـنا ان يكون بين هؤلاء المرحلين أي ناشط من المعارضة السورية.

مطلبياً، انفرجت على ساحة المياومين وجباة الإكراء في مؤسسة كهرباء لبنان، وتم تخريج ما وصفها الاطراف المعنيون بهذا الملف "خاتمة سعيدة" ارست تفاهماً يرضي جميع الاطراف، ولاسيما مؤسسة الكهرباء والعمال والدولة، بالاضافة الى القوى السياسية التي تقف خلف هذا الملف، وتحديداً "التيار الوطني الحر" وحركة "امل".

ويأتي ذلك ترجمة لجهود مكثفة في الايام القليلة الماضية بدأها "حزب الله" بين الرابية وعين التينة، وشارك فيها رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية، وتوجت بلقاء عقد أمس بين مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" الحاج وفيق صفا ووزير الطاقة جبران باسيل، أعقبه لقاء بين صفا ووزير الصحة علي حسن خليل، الذي تحدث عن تفاهم يحفظ الجميع ويؤسس لمرحلة جديدة وإيجابية على مستوى العلاقة السياسية بين قوى الأكثرية.

وقال باسيل لـنا إن الاجتماع بينه وبين صفا كان مثمراً، وأشار الى أن ملف المياومين انتهى "بعد أن توصّلنا إلى اتفاق كامل متكامل لمصلحة المؤسسات والبلد، ولا يبقى إلا تنفيذه".
وفيما ينتظر أن ينهي المياومون، اليوم، اعتصامهم المستمر منذ 93 يوماً، قالت أوساط "لجنة المتابعة للعمّال المياومين وجباة الاكراء" لـ"السفير" إن "الاتفاق جيد، ويرضي العمّال، وسنتعاطى مع تنفيذ بنوده بنيات طيبة بعد تسلم الرواتب".

ويقضي الاتفاق بتعديل القانون في المجلس النيابي، رفع الاعتصام مقابل دفع الأجور، عدم الملاحقة القانونية للعمّال، فتح أبواب مؤسسة كهرباء لبنان وعودة الموظفين إلى ممارسة عملهم كالمعتاد وإجراء مباراة محصورة غير مرتبطة بعدد في مجلس الخدمة المدنية، ومن لا يتمّ استيعابه سواء بالمباراة أو بالاستيعاب في شركات الخدمات، يأخذ تعويضاته من شركات الخدمات، فضلاً عن جعل قانون العمل اللبناني يطبق على عقود عمل المياومين مع شركات الخدمات بدلاً من صيغة العقود التجريبية لثلاثة أشهر.

تربوياً، أعلنت "هيئة التنسيق النقابية" استئناف أعمال تصحيح مسابقات الامتحانات الرسميّة اعتباراً من اليوم، إلا أنها تركت باب التحرك مفتوحاً لضمان إقرار الاتفاق ببنوده الأربعة في مجلس الوزراء، وفي مقدّمها تعديل قيمة الدرجة، الحفاظ على جهـــوزية الهيئة واستعدادها للعـــودة إلى التحرّك بجميع أشكاله عند حصول أي خلل أو تلكؤ في تنفيذ الاتفاق .   

السابق
الأخبار: ميقاتي: السوريون المرحّلون مدانون بجرائم وترحيلهم قانوني
التالي
النهار: ترحيل السوريين يجمّد مفاوضات المخطوفين واتفاق ثلاثي ينهي اليوم اعتصام المياومين