تتوالى التطورات والمفاجآت على الساحة الداخلية وكأن هناك من يدير اللعبة عن بعد. فبعد أجواء قاتمة خيّمت على قضايا مياومي الكهرباء والأساتذة، وعلى صيدا التي كانت محاصرة باعتصام الشيخ الأسير، فجأة تبدّلت الأحوال، وانتهى اعتصام صيدا، وأنهى الأساتذة مقاطعتهم لتصحيح الامتحانات، ونام المياومون على أمل اعلان حلّ قضيتهم اليوم وقبض رواتبهم غدا.
والمفارقة الملفتة انه منذ بدء اعتصام المياومين، لم يسجل أي قطع للطرق، ولكن مع الاعلان عن الوصول الى حلّ، عادت الحرائق الى الشوارع مساء أمس وأقفلت طرق الملا، الظريف وكورنيش المزرعة وقصقص في العاصمة بالاطارات المشتعلة احتجاجا على انقطاع التيار.
أما الحكومة التي كانت غائبة عن هذه الأحداث، فقد حرصت أمس على قطف ثمار الحلول، ولكن سجالا حادا في جلسة مجلس الوزراء أمس، نغّص عليها هذه الفرحة، بعد كشف النقاب عن ترحيل 14 سوريا وتسليمهم الى سلطات دمشق.
انتفاضة وزراء جنبلاط
فقد بكّر وزراء جبهة النضال الوطني بالحضور الى السراي أمس، ولم يتركوا مجلس الوزراء ينعم بما يبشّر به رئيس الحكومة من أجواء ايجابية على صعيد سلسلة الرتب والرواتب، وأزمة المياومين وانهاء اعتصام صيدا، ومعاودة تصحيح الامتحانات. وقد اندفع الوزير علاء الدين ترو وتلاه الوزيران غازي العريضي ووائل أبو فاعور بطرح الأسئلة حول تفرّد جهاز أمني بخطوة لا علم للسلطة السياسية بها، وهل ان اللواء عباس ابراهيم يفتح على حسابه؟
وقد جاء الرد سريعا من الوزراء علي قانصو ومحمد فنيش وعلي حسن خليل بأن الترحيل قانوني ومستند الى احكام جرمية صادرة بحق السوريين ال 14.
ودار نقاش حاد بين فريق يسأل عن ترحيل اناس بينهم ناشطون سياسيون قد تتم تصفيتهم على غرار ما حصل في مرة سابقة، وفريق يرد بدخول مسلحين كجرحى وغض النظر عن تحركاتهم. وقال الوزير قانصو: تحملوننا مسؤولية الدم ب الداتا ولا تريدون تحمل مسؤولية الدم بملفات فيها سلاح ومطلوبون بجرائم؟
وتطويقا للنقاش، تدخل الرئيس نجيب ميقاتي وقال ان المدير العام للامن العام سيصدر بيانا توضيحيا. فيما ذكر وزير الداخلية ان القضية محور متابعة منه ومن رئيسي الجمهورية والحكومة لحظة بلحظة.
واذا كان السجال اقفل في مجلس الوزراء، الا انه فتح على الساحة السياسية، وصدرت مواقف عنيفة للنائب وليد جنبلاط ولبعض نواب المعارضة وهيئات حقوق الانسان.
اعتصام المياومين
وبانتظار ان تلملم الحكومة قواها من جديد، ينتظر ان يعلن رئيس الاتحاد العمالي قبل ظهر اليوم انهاء اعتصام مياومي الكهرباء.
وإنهاء الاعتصام ومغادرة المبنى هما ابرز بنود الاتفاق التي اقر مقابل دفع شركات تقديم الخدمات رواتب المياومين عن الأشهر الثلاثة الماضية كمرحلة اولى، تتبعها المرحلة الثانية الأكثر دقة والتي بحسب ورقة الاتفاق تنص على أن يلتحق مَن يريد من المياومين بالشركات. وفي الموازاة يجري التفاوض على التعديلات التي قد تطرأ على مشروع قانون التثبيت المتوقع إقراره في أول جلسة تشريعية.
واتفاق رفع الاعتصام مساء امس الخميس كان مرتبطاً بدفع الرواتب اليوم الجمعة، ولكن برزت عقدة عدم جهوزية الشركات للدفع قبل صباح غد السبت. واحتراماً للاتفاق ارجئ فك الإعتصام الى الساعة 11 صباحاً قبل ظهر اليوم الجمعة. فهل العقدة فعلاً تقنية ام ان هناك قطبة مخفية خلف هذا العذر.
وفي الوقت ذاته اعلنت هيئة التنسيق النقابية تعليق مقاطعة أعمال التصحيح للامتحانات الرسمية، واستمرار التحرك لضمان إقرار الاتفاق ببنوده الأربعة في مجلس الوزراء، وفي مقدمها تعديل قيمة الدرجة، والحفاظ على جهوز الهيئة واستعدادها للعودة إلى التحرك بكل أشكاله عند حصول أي خلل أو تلكؤ في تنفيذ الاتفاق.
