سياسة الفن.. وفن السياسة؟!

هل من رابط بين «الفن» و«السياسة»، حتى تكون المصطلحات المستعملة في الوسطين، ذاتها؟!
وهل أن «الفن» سياسة؟
أم أن «السياسة» فن؟
أم أن لا فرق بين الإثنين، حيث «التمثيل» هو دائماً سيّد الموقف؟
فلو استعرضنا بعض الطروحات الشائعة في الوسطين «الفني» و«السياسي»، لوجدناها من «قاموس لغوي واحد»!! حتى أصبحنا نؤمن بأن بين أهل الفن وأهل السياسة «وحدة حال».
على سبيل المثال، عندما نتحدث (فنياً) عن المسرح، فنحن نقصد المكان المخصّص للعروض المشهدية (المسرحيات).. والحال ذاته ينطبق على الواقع السياسي، حيث يُقال: «شهد المسرح السياسي».. أو «حدث على المسرح السياسي»، أو «يتوقع بروز أحداث مهمة على المسرح السياسي».. وهكذا؟!
وعندما يتميّز «الممثل» في أداء دور سينمائي أو تلفزيوني أو مسرحي، تتناول الصحافة الفنية عمله بالنقد الإيجابي، فتقول: لعب دوره بإتقان.. فيما التعبير ذاته يقال لأي سياسي أجاد لعب «دوره» في الحياة السياسية؟!

أيضاً، يُقال – في المجال الفني-: هذا الفيلم أو المسلسل أو المسرحية من «إخراج» فلان..
وفي التعبير السياسي نسمع دائماً كلمة «إخراج» كأن يُقال حول: حل إشكالية ما: «أخرجها» فلان، وغالباً ما يكون «فلان» رئيس مجلس النواب نبيه بري وقد بات ملقّباً في الوسط الفني والسياسي بـ «المخرج الكبير»؟!

نصل إلى كلمة «سيناريو» التي نسمعها على ألسنة أهل السياسة، عندما يتعلّق الأمر بـ «سيناريو» يشكّل مخرجاً من أزمة، ويُرضي كل التكتلات السياسية، مع العلم أن كلمة «سيناريو» تعبير فني بامتياز، إذ لا وجود لأي عمل درامي من دون سيناريو؟!
أما كلمة «الممثل»، فهي تصحّ على السياسي بصفته «ممثلاً» لشريحة من الناس، بمثل ما تصحّ على الفنان الذي يحترف التمثيل، وغالباً ما يتم اتهام بعض رجال السياسة بـ «التمثيل» على الناس وليس فقط «بتمثيلهم» تحت قبّة البرلمان؟!

ويؤكّد علماء الإجتماع أن عناصر قوة أو ضعف أي سياسي، تكمن أساساً في «الكريزما» التي يمتلكها، فهل من باب المصادفة أن «الكريزما» نفسها تُعتبر أيضاً من أبرز أسس نجاح الفنان؟!
وأخيراً، نصل إلى كلمة «الساحة»، وحيث يُقال، على سبيل المثال، «إن الساحة تضجّ (مثلاً) بالغناء الهابط»، والتعبير ذاته نسمعه من أهل السياسة حيث يُردّد أن «الساحة» السياسية تضجّ بالإنقسامات؟!

ولو شئنا الاستمرار بعرض الأمثلة عن تعابير «فنية – سياسية» مشتركة، لاحتجنا إلى صفحات، ما يعني أن ثمّة رابطاً بين «الفن» و«السياسة»، ولذا، نجزم أن في «الفن» شيئاً من السياسة، وأن السياسة فرع من فروع الفن، ولذلك وصفوها بـ «فن الممكن»؟!
  

السابق
تعرَّفوا إلى الحنكة الميقاتية
التالي
وثيقة سرية من أوباما لدعم المعارضة.. التي تقتل المواطنين بلا رحمة