رفع الحصانة ممكن.. ولكن!

لم تكد قيادة الجيش تُعلن مباشرة الإجراءات لملاحقة النائب معين المرعبي أمام الجهات المختصة، على خلفية «التهجم والافتراءات التي دأب على سوقها تجاه المؤسسة وقيادتها»، حتى سارع نواب في كتلة المستقبل إلى التبرّؤ من كلام زميلهم، مؤكدين وقوفهم إلى جانب المؤسسة العسكرية. هنا بدأ بحث موسّع في إمكان محاسبة النائب الشمالي، ولا سيما أن المادة 39 من الدستور تنص على عدم جواز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء المجلس بسبب الآراء والأفكار التي يبديها خلال مدة نيابته.

وبالتالي، تُصبح مسألة الدعوى غير ممكنة أصلاً. حالها كحال رفع الحصانة التي ينتفي مبررها، علماً بأن المادة 40 من الدستور تنص على أنه «لا يجوز في أثناء دورة الانعقاد اتخاذ إجراءات جزائية في حق أي عضو من أعضاء المجلس، أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً، إلا بإذن المجلس، ما خلا حالة التلبّس بالجريمة».

إزاء ذلك، يتحدث رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي يوسف سعد الله الخوري لـ«الأخبار» عن تحقيق يُفترض إجراؤه، لافتاً إلى تعذّر ذلك من دون رفع الحصانة. ويرى الخوري أن الآراء والأفكار مكفولة تحت قبة البرلمان وضمن الحدود التمثيلية للأمة، لكن «إذا ارتُكب جرم جزائي فذلك يستوجب الملاحقة». وفي سياق مواز، يتحدث المحامي الدكتور بول مرقص عن مسارين يمكن سلوكهما. فيشير إلى أن هناك رأياً يقول بحصرية الحصانة النيابية أثناء دورتي انعقاد مجلس النواب فقط (الدورة الأولى تبدأ في الثلاثاء الذي يلي 15 آذار وتنتهي في 15 أيار، في حين أن العقد الثاني يبدأ في الثلاثاء الذي يلي 15 تشرين الأول). وبالتالي، لا لزوم لرفع الحصانة إذا وقع الجرم خارج هذه الفترات. وهكذا، فإن تصريحات المرعبي الأخيرة جاءت خارج فترة الحصانة النيابية، ما يعني إمكان ملاحقته. أما الرأي الثاني «فأكثر تشدداً»، إذ يعتبر المادة 39 مادة دستورية صريحة تسمو على ما عداها من قوانين، فضلاً عن أنها غالبة على النظام الداخلي لمجلس النواب. وبذلك، يخلص الخبير الدستوري إلى وجود نصوص متناقضة، لكنه يشير إلى أن المعمول به في المجلس النيابي هو التشدد في حماية الحصانة.

من جهته، يرى أستاذ القانون الدولي أنطوان صفير أن «المادتين 39 و40 من الدستور اللبناني منعتا ملاحقة النائب جزائياً بسبب أفكاره وأعماله، لكن هذا لا يعني أن النائب بمنأى عن المساءلة القانونية في حال تعدى الأطر الموضوعة في الدستور لحمايته». ويشير إلى أنه لهذه الغاية، تنعقد هيئة مكتب المجلس النيابي ولجنة الإدارة والعدل ضمن هيئة مشتركة لدرس المسألة، على أن ترفع تقريراً خلال أسبوعين. وفي حال عدم رفع الهيئة تقريرها خلال أسبوعين، تصبح المسألة بيد الهيئة العامة لمجلس النواب التي بيدها اتخاذ قرار رفع الحصانة أو رفضه بالأكثرية العادية.

هذا في الشكل، أما في الحيثية فيتساءل المحامي مرقص إن كان «ما تفضل به النائب المرعبي يقع تحت طائلة القانون الجزائي؟ وهل استعمل مفردات تنم عن قدح وذم وافتراء؟». تساؤلات يرى أن الإجابة عنها من اختصاص القضاء الذي يملك السلطة التقديرية في حال وضع يده على القضية، علماً بأن مصادر قانونية رأت أن الكلمات التي قيلت تلامس إمكان اعتبارها جرائم جزائية، لكنها لفتت إلى أن مسألة توصيفها في منزلة الجريمة الجزائية يعود للقضاء.  

السابق
التحقيق مع آمر مفرزة صيدا
التالي
مسؤول فلسطيني يزور معسكرا للنازية !!