فاشلون.. حتى الاستباحة!

لا شك في ان اللبنانيين ضحكوا طويلا لدى سماعهم انذار مؤسسة كهرباء لبنان بحلول العتمة الشاملة نتيجة "طرد" المياومين للمؤسسة من مؤسستها. فأسوأ ما يصيب مُهدد ان يلقى من يهدده شامتا لان لا شيء يخسره. وما الاسوأ من ذلك، فهو ان تفضي كارثة العتمة على ايدي ابطال "حرب الوردتين" في هذه الاكثرية الى تسويغ الفشل بنزاع بين زعيمين تفلت حتى وصل حدود استباحة المرافق العامة وخدماتها الحيوية.

صراع الزعامات في لبنان من عمر تكوينه السياسي على صورة تركيبته. لكن ان تصل مبارزة لي الذراع الى حدود تسعير ازمة الكهرباء على هذا النحو، فهذا لم يعد صراع زعامتين بل هو مبارزة قبلية فاقعة بكل معايير الجاهلية. هو صراع يحكم على طرفيه بالفشل اولا واخيرا في المفهوم الحقيقي لتحمل المسؤولية العامة، واي تصوير للنزاع خارج هذا الاطار هو جاهلية اشد من قبلية المتنازعين.
ثم ان حكومة تسلس القياد اكثر من ثلاثة اشهر لاحتلال مرفق عام وتتفرج على بطلي النزاع، و"تشهد" من بعيد عتمة لبنان في الكهرباء والسياسة والمسؤولية، ليست اقل استباحة لمصالح لبنان من اعتداءات خارجية موصوفة عليه.

يخال للمراقب ان ما يجري هو انفجار عنقودي متدرج للاكثرية الممنوعة من الانفراط والمسموح لها بأن تعبث بالاستقرار بكل مستوياته. مخيف ان تتحول حكومة رهينة مانعي موتها وتسديد رصاصة الرحمة اليها لكي تبقى مثيرة فتن اجتماعية على الاقل. ومخيف ان يستجيب زعماء لهذه الارادة الجهنمية لاهين عن مصالح الناس على ظن واهم ان حرب القبائل يمكن ان تفضي الى مكاسب انتخابية وفئوية وطائفية.

هذه الازمة، بل هذا الانهيار، هما عنوان تحلل الاكثرية واستحالة استمرارها حاكمة ونتيجة فشلها الباهر في ادارة لبنان بعدما "خدمت عسكريتها" حتى الثمالة. وهي عنوان السقوط المدوي في تحمل المسؤولية عن اخطر حقبة يجتازها لبنان بما يثير الشبهة والريبة في التصعيد الحاصل في ازمة الكهرباء الى حدود اثارة فتنة ماثلة في كل شيء واسترهان الناس باسم المحافظة على مصالحهم.
واذا كان لفسحة اخرى من سخرية لا يزال يجود بها مزاج الناس، فترانا نتساءل مع الساخرين: اي حشرة هذه دفعت بالحكومة ومجلس الوزراء الى "استفاقة الموت" على قانون الانتخاب ونسبيته "الشافية" من القبليات والجاهليات على ما يقول غلاة المنادين بالنسبية، فيما لبنان غارق في العتمة وابطال النسبية يتبارزون بايقاظ القبلية الطائفية؟ ومن يصدق ان هؤلاء "الاصلاحيين" وامجادهم في اخماد النور يستعجلون نسبية وقانونا انتخابيا لنهضة لبنانية وفي هذا التوقيت، فيما حروبهم العلنية احرقت حكومتهم وسلطتهم وتنذر باحراق كل عافية متبقية في الدولة والبلاد؟  

السابق
اعتراضات على إجراءات دار الفتوى في صور
التالي
الحقيقة الكاملة وراء مقتل شاب من غزّة في حلب