عرض اللجوء السياسي عـلى سلامة!

وضعت منظمة «متحدون ضدّ إيران نووية» نصب عينيها القطاع المصرفي اللبناني. منذ أشهر، تلح على محاولة «اثبات» أن هذا القطاع هو «مسرح عمليات لحزب الله». لم تتمكن من إثبات ذلك، فلجأت إلى التهويل على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة

لم تكتف منظمة «متحدون ضدّ إيران نووية» (UANI) بالرسائل السابقة التي تواصلت عبرها مع مصرف لبنان مناصرةً للقضية التي ينضح بها اسمها. فهي انبرت في بداية حزيران الماضي إلى تعزيز انتقاداتها للنظام المالي اللبناني برمته متهمة إياه بأنّه يُدير «مخططاً احتيالياً لدعم سندات الدّين اللبنانية» ودعت وكالات التصنيف الائتماني إلى وقف تصنيف الدين السيادي اللبناني وصولاً إلى طلب شطب المصارف اللبنانية عن اللائحة المالية الأميركية.

«الأخبار» حصلت على نسخة من الرسالة الأخيرة التي بعثتها المنظمة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في أيار الماضي تشرح فيها الأسباب التي تدعوها إلى تصنيف لبنان بأنّه «مكان لتبييض الأموال يتلقّى تدفقات هائلة من الودائع غير المشروعة». وهي تدّعي أنّ خلاصاتها نتيجة تحقيقات استمرت 3 أشهر، أي بعد الرسالة الأولى التي بعثتها إلى سلامة في بداية عام 2012، والرد عليها.
تتحدّث المنظمة، ومركزها نيويورك، عن «قلقها» من أداء أربعة مصارف لبنانية، وتطلب من رياض سلامة التحقّق من أدائها. تخاطبه بلغة الأمر عبر أسئلة من شاكلة: «لماذا اتخذت إجراء تبنّي التعميم الأساسي (الخاص بمكافحة تبييض الأموال والإرهاب المالي في النظام المالي اللبناني) في الرابع من نيسان 2012؟»؛ «في حال وجوده، ما هو الدور الذي يلعبه مصرف لبنان أو القطاع المصرفي اللبناني في تمويل أي عمليات شراء سلاح من قبل حزب الله، سوريا و/ أو إيران؟».

تطول لائحة التساؤلات التي تتضمنها رسالة المنظمة. ولكن بغض النظر عن لهجتها الوقحة لا تعدو كونها إعادة إنتاج لمجموعة من الاتهامات السابقة المبنية على تقارير إعلامية ــــ أبرزها من صحيفة «The New York Times» ــــ تزعم بأنّ النظام المصرفي اللبناني هو ملعب مالي لحزب الله ورافعة أساسية للحفاظ على الاستقرار المالي في البلاد.
ومن بين المعطيات التي ترتكز عليها المنظمة في تحليلها «القدرة غير المنطقية لسندات الدين اللبنانية» في الحفاظ على هوامش فائدتها في الأسواق. فبرأيها يفترض المنطق الاقتصادي أن يكون لبنان في حال من المعاناة المالية نظراً لدينه العام الذي بلغ 53.8 مليار دولار في نهاية عام 2011، فيما ناتجه المحلي الإجمالي 40 مليار دولار، وبالتالي يكون معدّل الدين إلى الناتج 137% «وهو من الأعلى في العالم».

«خطر عدم القدرة على السداد (الإفلاس) واضح وعظيم إلا إذا كان هناك مخطط احتيالي مخفي يديره حزب الله والدول التي تدعمه، سوريا وإيران، لدعم هذا البيت الورقي. وهذا تحديداً ما يحدث»، تُعلّل الرسالة.
تعيد المنظمة التذكير بقضية البنك اللبناني الكندي واتهامه من جانب وزارة الخزانة الأميركية بأنه شكّل قناة لتهريب الأموال لصالح رجال أعمال تابعين لحزب الله. ومن بين الاتهامات أن «شبكة أيمن جمعة للاتجار بالمخدرات بين أميركا اللاتينية وأفريقيا الغربية… بيّضت أموالاً بقيمة 200 مليون دولار شهرياً عبر قنوات كثيرة منها عمليّات تهريب أموال بكميات كبيرة وعبر مؤسسات الصرافة اللبنانية».

ولكن الأكثر وقاحة في الرسالة هو ختامها الذي صيغ بطريقة «رعاة البقر». فبعد مطالعة تمتد على 14 صفحة، يتوجّه رئيس المنظمة، السفير السابق مارك والاس، إلى رياض سلامة بالتالي: «في ظلّ السيطرة السياسية لحزب الله قد يكون من المستحيل عليك أن تؤدّي دورك بفاعلية كحاكم لمصرف لبنان. في هذه الحالة نطلب منك باحترام أن تستقيل. وإذا كنت تخشى على سلامتك و/ أو على سلامة عائلتك نظراً لتاريخ العنف المسجّل في لبنان، فسنسعى إلى تأمين منحك وعائلتك اللجوء السياسي هنا في الولايات المتّحدة».

غير أنّ المنظمة تغرق في تفاصيل الرواية البوليسية التي تحبكها، ففي معرض تأنيبها لسلامة، تُشير إلى أنّ الرسالة التي بعثتها إليه في شباط الماضي والرد عليها «سُرعان ما ظهر مضمونهما على مواقع إلكترونية عديدة لها علاقة بحزب الله وفي جريدة «الأخبار» التي تُعد الناطق باسم حزب الله مقرونة بتعليق انتقادي».
غير أنّ المنظمة توضح في الحواشي أن الرسالة ظهرت على موقع «Nahar.net» تحت عنوان «منظمة أميركيّة تدعو المصرف المركزي اللبناني إلى عدم مساعدة إيران على التهرب من العقوبات». فهل موقع جريدة «النهار» باللغة الإنكليزية تابع لحزب الله أيضاً؟  

السابق
نهاية حزب مقاوم؟
التالي
عون أمام مرآة برّي