خسارة لن تعوّضها الدولة العلوية!

في النهاية ستصل مدينة حلب عاصمة سوريا الاقتصادية الى ما وصلت اليه حمص. ستدخل جحيم الخراب الذي عرفه حي بابا عمرو، لاذقية جديدة مدمرة ولكن بأسلحة تكدست منذ اربعة عقود لمهمة اخرى غير الانتحار الذاتي او نحر الوطن. ستنضم الى سلسلة المدن السورية المنكوبة في صراع من الواضح انه سيطول كثيراً ليذيق سوريا كأس"اللبننة" التي ابدع النظام السوري في إدارتها.
ما لا يصدق فعلاً هو تلك البراعة الروسية في الرهانات الخاسرة عبر الوقوف مع انظمة تتهاوى ضد شعوبها الثائرة طلباً لفسحة من التغيير والحرية بعد نصف قرن من الظلم وكمّ الافواه، لأن "لا صوت يعلو فوق المعركة ضد العدو"، الذي صار الشعب بدلاً من اسرائيل.

في استطاعة سيرغي لافروف المقطّب ان يمضي في اطلاق تصريحاته اليومية، التي تؤكد ان روسيا مع النظام حتى آخر نقطة دم في آخر سوري وآخر منزل في حلب واخواتها، رغم انه كان في وسع بلده ان يساعد على حل حقيقي عبر ممارسة ضغط فعلي على النظام لدعم الاصلاح بدلاً من تكسير اصابع اطفال درعا، ولكنه لم يفعل بل استمر في المراهنة على الحل العسكري ينفّذ بأسلحته وقذائفه، واشترى له المزيد من الوقت بـ"الفيتو" وغيره، ولن يصدق احد قول لافروف ان موسكو ضغطت على الأسد لتنفيذ خطة كوفي انان، ولو انها فعلت وفشلت فتلك مصيبة وان لم تكن قد فعلت وهو الارجح، فالمصيبة أعظم عليه وعليها وعلى سوريا وعلى المنطقة كلها!

الغريب ان ينضم لافروف الى جوقة المحذّرين من مأساة في حلب، لكنه يحمّل الغرب وجيران سوريا مسؤولية إراقة الدماء! غريب قوله بعد سنة ونصف سنة من حمامات الدم: "ان موسكو في صدد اقناع النظام بالقيام ببعض المبادرات الاولى"، بما يدّل على انه لم يقم بأي مبادرة من قبل، والغريب اكثر ان يكمل انه "عندما تحتل المعارضة (لم يقل الارهابيين هذه المرة) مدناً مثل حلب فهل يمكن ان يقول النظام ببساطة: حسناً لقد اخطأت تعالوا وانقلبوا عليّ؟ هذا امر غير واقعي"!
لكن غير الواقعي ان لافروف يتناسى انه لم يكن مطلوباً اكثر من اصلاحات وفسحة من الحرية، بيد ان النظام رفض ان يقدم اي شيء "للارهابيين" ودمر "المبادرة العربية" ثم خطة انان وتحولت ملاحقة "العصابات" مسلسلاً للقتل والمذابح وتدمير المدن على رؤوس الناس.

وموسكو التي خسرت ليبيا ستخسر سوريا والشرق الاوسط لكنها ستربح كراهية العالم الاسلامي، رغم انه كان في وسعها ان تسحب السجادة قليلاً من تحت اقدام الأسد كي يشعر هو وايران ان المضي في قتال الشعب انتحار محقق، لكنها واصلت وتواصل المساعدة "البارعة" على رسم "شرق اوسط جديد" يكرهها وتكرهه ولن يعوّضها عن هذا قيام الدولة العلوية!  

السابق
النهار: إحتلال الكهرباء يُنذر بعتمة شاملة غداً وقانون الانتخاب إلى مقصلة مجلس النواب
التالي
من يستقيل أوّلاً ميقاتي أم جنبلاط؟