تركيا مع الإخوان السوريين والمجلس الوطني!

عاد أخيراً باحث اميركي معروف من رحلة استطلاعية "للمعارضة او المعارضات السورية" المقيمة في مدينتي انطاكية واسطنبول التركيتين نظمتها مؤسسة اوروبية تروج للديموقراطية بانطباعات اربعة. أولها، ان صورة الأمور تبدو مختلفة عن الصورة المتكوّنة عنها قبل اللقاءات المباشرة. وثانيها، ان المسؤولين الاتراك يمارسون بطريقة لافتة جداً اشرافاً وضبطاً لقوات المعارضة السورية المقيمة داخل بلادهم. وثالثها، ان جماعة "الاخوان المسلمين" موجودة داخل المجلس الوطني السوري وداخل عدد من المجموعات المعارضة المقيمة خارج سوريا. اما رابع الانطباعات، فهو وجود انتقاد لاذع وساخر ومرّ في آن واحد للعالم الخارجي عند المعارضة السورية ومقاتليها لإحجامه عن تزويدها "الدعم العملي" اللازم.

الى الانطباعات الأربعة العامة المذكورة أعلاه ما هي الانطباعات التفصيلية التي عاد منها الباحث الاميركي نفسه من الجولة الاستطلاعية المذكورة أعلاه؟
عاد بالآتي:

1 – لاحظ ورفاقه استعمال شخصيات سورية معارضة أو من لغة مزدوجة في الاجتماعات المغلقة. فهي قالت شيئاً للبعض ثم قالت لبعض آخر شيئاً آخر مناقضاً. مثال على ذلك قول شيخ سوري يدير جمعية خيرية مُقيم على الجانب الاردني من الحدود مع سوريا للوفد الزائر وبلهجة واثقة: "نحن كلنا متساوون ونؤمن بكل الأنبياء الرحومين والرؤوفين". ثم طلب دعم عمله المخصص لمساعدة الشعب السوري. لكنه بعد ذلك انتحى جانباً بعضو آخر من الوفد فلسطيني الهوية، وقال له: "انت تعرف انه عندما تتحدث الى هؤلاء الاوروبيين عليك ان تكون كالثعلب. يجب ان تقول لهم أشياء لطيفة. لكنك تعرف اننا لا نعنيها أبداً". انطلاقاً من ذلك لا بد من الدقة والمعرفة في اثناء اختيار الشخص او الأشخاص او الجهات التي ستُدعم تلافيا للوقوع في شرك أو مأزق.

2 – لافتة للنظر هي سيطرة تركيا على مخيمات النازحين السوريين في اراضيها وعلى قوات المعارضة السورية. فالأخيرة تحتاج الى أذونات منها للتحرك خارج الارض التركية حتى في سوريا. كما ان الاتصالات بين ضباطها وعناصرها مع زملائهم العاملين داخل سوريا قليلة وتحتاج الى اذونات تركية.

3 – لافت وصاعق فقدان نظام سوريا السيطرة على عدد من المعابر الحدودية مع تركيا. فالسوريون يتحركون بحرية بين سوريا وتركيا ولكن بإذن من الأخيرة. وقد زار وفد من المعارضة المقيمة داخل بلادها الوفد الزائر وعندما استفسر من الاخير عن زيارته تلقى عرضاً لزيارة سوريا والعودة منها.

4 – رغم تأييد تركيا للفصائل السورية المعارضة كلها بدا واضحاً من المتابعة انها تميل الى جماعة "الاخوان المسلمين" و"المجلس الوطني السوري". وبدا واضحاً ان "الجماعة" تريد السيطرة أو الهيمنة على "المجلس" وعلى الحركة العامة للمعارضة السورية. وقد ازعج ذلك جهات سورية معارضة اخرى وعبرت عن انزعاجها للوفد الزائر. ويعود الاختلاف بين "الاخوان" والآخرين الى علمانية البعض، والى الطموحات السياسية للبعض الآخر، والى رفض البعض الثالث النفوذ التركي في الأوساط "الإخوانية". وبدا واضحاً ايضاً ان الاسلاميين وحدهم منظمون جيداً، نسبياً طبعاً، ومنضبطون وموحدون وإن كانوا لا يمثلون غالبية المعارضة السورية في الخارج. اما في الداخل فإن وجود "الإخوان" لا يزال محدوداً تنظيمياً.

ما هي المطالب التي قدمها المعارضون السوريون في تركياً للوفد الزائر؟ طالبوا في وضوح بوسائل اتصال، ومساعدات طبية، ومضادات للطيران والمدرعات. واشاروا الى انهم لم يعودوا يريدون مزيداً من الاجتماعات والدعم السياسي والتدريب والتصريحات الايجابية. فهم اعتبروا ان العالم لا يقدم اليهم ما يحتاجون اليه عملياً في ثورتهم، وبعضهم اتهمه بانه لا يريد اسقاط الاسد، وبعضهم حمّل اسرائيل مسؤولية منع اميركا من تقديم الدعم اللازم الى الثوار. وفي النهاية أكد هؤلاء انهم لا يريدون منطقة حظر طيران او ملاذاً آمناً، ولكن منطقة تحظر فيها القيادة على آليات الجيش السوري وممرات آمنة الى عمق سوريا. وقالوا: "اعطونا مضادات للطائرات الحربية والمدرعات. اعطونا سلاحاً ولا تغطونا جوياً. نحن سنقوم بالمهمة وحدنا". واخيراً اجابوا بنعم جازمة عندما سأل الوفد بعض هؤلاء المعارضين اذا كانوا يقبلون أي مساعدة عسكرية (معدات وأسلحة) اسرائيلية في حال احتاجوا اليها ولم تقدمها الجهات الدولية الداعمة لهم.  

السابق
المخطوفون في سوريا
التالي
غياب اللقاءات