النهار : تعبئة صيداوية لمحاصرة الأسير و”المستقبل” يحمّل الحكومة التبعة

شكلت التطورات الامنية والسياسية التي كانت مدينة صيدا مسرحا لها امس ودفعت بأزمة الاعتصام الذي يحاصرها منذ اكثر من شهر الى مرحلة تصعيدية جديدة، استحقاقا آخر اضيف الى رزمة استحقاقات من المتوقع ان تشهد تطورات بارزة مطلع الاسبوع المقبل.
ففيما يخشى ان تؤدي عملية شد الحبال في ازمة المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان الى مواجهة الاثنين، ووسط انتظار ما ستؤول اليه جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة وهيئة التنسيق النقابية في شأن مشكلة سلسلة الرتب والرواتب، رسمت التطورات في صيدا معالم استنفار سياسي واسع لعزل حركة الشيخ احمد الاسير واعتصامه وتشكيل حالة سياسية كبيرة ضاغطة على الحكومة والقوى الامنية لحملها على الاضطلاع بالدور الحاسم لانهاء الاعتصام الذي بدأ ينذر بمفاعيله بإثارة اضطرابات امنية على جانب من الخطورة.
واذ برز في هذا المجال التحرك الواسع الذي قامت به النائبة بهية الحريري امس بزيارتها المفاجئة للامين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" اسامة سعد للمرة الاولى منذ عام 2009 وجولتها على سائر فاعليات المدينة، قالت مصادر مواكبة لهذه التطورات لـ"النهار" ان تحرك الحريري عكس اندفاع "تيار المستقبل" الى تشكيل حالة اجماع صيداوية من شأنها ان تنزع الغطاء السياسي تماما عن اعتصام الاسير بعدما بات ينذر بتفاقم الاضطرابات الامنية من جهة وخنق المدينة اقتصاديا من جهة اخرى.
وقد اقترن هذا التحرك بظهور ملامح استعدادات امنية لمواكبة القرار السياسي في المدينة تمثل في خطوة اولى منع عبرها مجلس الامن الفرعي في صيدا والجنوب امس انصار الاسير من التظاهر على الطريق البحرية. وسيأخذ التحرك السياسي الجديد مداه مع اجتماع موسع سيعقد غدا في دار الافتاء يصار خلاله الى توجيه دعوة الى اضراب عام في المدينة الاثنين، في ما وصفته الاوساط نفسها بأنه توجه الى محاصرة ظاهرة الاسير والزامه رفع اعتصامه واعادة فتح الطريق. واضافت ان هذا التطور سيضع الحكومة في مواجهة مسؤولياتها عن امن المدينة ومواكبة اجماع فاعلياتها، علما ان النائبة الحريري انتقدت عدم تحرك الحكومة و"عدم تكليف خاطرها بايفاد مندوب عنها للوقوف على مطالب المعتصمين كما جرى في مدن اخرى من حوارات ولقاءات مع كل المعتصمين وتركت المدينة وحيدة لتواجه هذا الظرف الاستثنائي".
المياومون
اما في جديد قضية المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان فتخوفت مصادر مطلعة على ما جرى في الساعات الاخيرة من مواجهة حتمية الاثنين المقبل ما لم يسبق هذا الموعد اتفاق سياسي بين الاطراف السياسيين يحول دونها. ذلك ان المياومين بدأوا التصعيد امس باحراق الاطارات امام مقر المؤسسة عقب تمكن احد المسؤولين فيها بمؤازرة امنية من اخراج الفواتير من المبنى كما سينفذ المياومون اليوم ما سموه "يوم الغضب". ويخشى حصول صدام الاثنين في ظل دعوة لجنة المتابعة للمياومين العمال والجباة من كل المناطق الى الحضور الى مبنى المؤسسة لمواجهة عملية تسليم الفواتير الى الشركات كما قررها مجلس ادارة المؤسسة.
لكن مصادر معنية بهذه القضية قالت لـ"النهار" إن الاتصالات السياسية الجارية لتقريب وجهات النظر بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب العماد ميشال عون اجتازت اشواطاً في بلورة صيغة حل تضمن مصلحة الدولة على ان تعلن الاثنين المقبل بالتزامن مع خطوة توزيع المؤسسة الفواتير على الشركات ومباشرة الفرق الفنية القيام بالاصلاحات.
وزير الداخلية
وسألت "النهار" وزير الداخلية مروان شربل عما تعتزم الحكومة القيام به في مواجهة تطورات صيدا وقضية المياومين فأجاب: "في صيدا تصاعد التململ ضد الشيخ احمد الأسير نتيجة بعض التصرفات مما أدى الى تحركات مضادة وقطع طرق واحراق اطارات. وقد اجتمع مجلس الأمن الفرعي وانتهى الى قرار تبلغته منه يقضي بمنع جماعة الأسير من النزول الى الطريق العام والتزام مكان الاعتصام السابق في انتظار ايجاد حل لوضعه عموماً".
واضاف: "بالنسبة الى قضية المياومين، جرى اخراج فواتير الجباية التي ستتولاها الشركات الخاصة التي تعاقدت مع 400 من الجباة، ولن تكون هناك مواجهة على هذا الصعيد. أما من يقول باعتماد حل بالقوة فهذا سهل التنفيذ ولكن سيؤدي الى توتير الاجواء اكثر مما هي الآن. وفي النهاية هناك حل سياسي باعتبار ان الكهرباء ليست لفئة دون اخرى بل لكل الناس". وشدد على ان "مسؤولية الامن ليست محصورة بوزارة الداخلية او بالاجهزة الامنية بل تتعلق بالحكومة بكل مكوناتها واذا انهى السياسيون خلافاتهم يصبح من السهل تنفيذ اي قرار امني".
الحوار
على صعيد آخر، كشفت مصادر معنية بموضوع الحوار لـ"النهار" ان معطيات ايجابية برزت في الايام الأخيرة من شأنها التمهيد لمعاودة جلسات الحوار في قصر بعبدا وفق البرمجة التي يعتمدها رئيس الجمهورية ميشال سليمان.
وقالت ان ما اعلنه النائب بطرس حرب قبل يومين عن تبلغه من الرئيس سليمان شخصياً توفير آلية لتسليم "داتا" الاتصالات الكاملة في ملفات محاولات الاغتيال شكل استجابة لمطلب قوى 14 آذار من شأنها تذليل عقبة رئيسية امام معاودة جلسات الحوار، كما انه يبدو ان ثمة مسعى لنقل توضيحات من "حزب الله " عن الاستراتيجية الدفاعية تساعد في تعبيد الطريق مجدداً الى الحوار.
وقالت اوساط رئيس الجمهورية لـ"النهار" إنه سيباشر ابتداء من الاثنين محاولات جديدة في اتجاه كل الافرقاء من اجل اعادة جمعهم حول طاولة الحوار التي ستشكل مدخلاً اساسياً لحل المشاكل التي تواجهها البلاد حالياً.  

السابق
الحركات الإسلامية بين خلافة السلطة وخلافة الرسالة
التالي
السفير: اجتماع “الداتا” الإثنين والأسير يوحّد صيدا ضده