سباق التسلّح الخليجي

تتهافت دول الخليج العربي على شراء الأسلحة من الغرب، فالإحصائيات تشير إلى أن مئة مليار دولار من ميزانيات الدول العربية تنفق لشراء السلاح حتى ليظن المشاهد للوهلة الأولى ان العرب يتسابقون على التسلح لمواجهة «إسرائيل» أو أن الانتصار عليها بات في قبضة اليد.
السلاح العربي الخليجي المستورد سيبقى في حضرة الغياب، فمئات الطائرات وآلاف الدبابات التي تشتريها الدول الخليجية لم تستخدم مطلقاً، وها هي تدعم عسكرياً لتمتين العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة مقابل الحلف الثلاثي سورية ـ إيران ـ روسيا.
ولتبرير هذا التسلح الفائق، تعلّل الدول الخليجية تصرفها بأنه وسيلة من وسائل الردع لمقاومة أي تهديد خارجي مفاجئ والدفاع عن السلم الوطني.
والجدير ذكره أن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال ملتزمة منذ عهد جونسون 1968 بالحفاظ على التفوق النوعي «لإسرائيل»، وهي مستمرة بضخ مساعدات عسكرية بقيمة 1.8 مليار دولار سنوياً من مجموع المساعدات التي يبلغ قدرها 3 مليار دولار، وهذا طبعاً يفوق المساعدات الاميركية لحلفائها في العالم العربي. كما ويحرم على لبنان، وسورية والعراق الحصول على مقتنيات قتالية ثقيلة، بحجة ان ذلك يخل بالتوازن الاستراتيجي مع «إسرائيل».
وجديد اليوم، أنه بعد قيام أميركا ببيع 209 صواريخ باتريوت بقيمة 900 مليون دولار إلى الكويت في أوائل 2011، أعلنت حديثاً وزارة الدفاع الأميركية، عن مشروع صفقة مع الكويت بقيمة 4.2 مليارات دولار تدخل في إطار بيع شحنة أسلحة من طراز «باتريوت باك 3» إلى جانب أسلحة من نوع آخر.
يخيل لدول الخليج انه بمقدورها مواجهة القوة الإيرانية المخضرمة بإنفاق أكثر من 40% من ميزانيتها على التسلح، لكن قضية التسلح في المنطقة تستهدف إخضاع هذه الدول للسياسة الأميركية ـ «الإسرائيلية» بحكم الأمر الذي يناقض مفهوم السيادة الوطنية التي تتميز الدولة في تعريفها، بالإضافة إلى استنزاف مواردها المادية لتتكبد جراء عمليات الشراء تكاليف مالية ضخمة على حساب التنمية الاقتصادية. ويهدف هذا التسليح إلى خلق حالة من التوتر تبيح الحل العسكري أمام الدبلوماسي.
تخرج أميركا من هذه اللعبة العسكرية أمبراطوراً على عرش الخليج الملكي، لتستغل قيم الديمقراطية وتتلاعب بالحقائق. لكن اللوم يبقى على أكتاف قادة هذه الدول التي رضيت بقانون القوة والغطرسة وسمحت بإضعافها وإذلالها. والسؤال هو: هل من حق الدول «الديمقراطية» استغلال هذا المصطلح لممارسة إرهاب الدول واحتلالها واستعباد شعوبها؟ وإذا كانت دول الخليج في عمق غفوتها الدائمة عن حقيقة الأوضاع المحيطة، ما هو الغرض من هذا التسلح؟ 
 

السابق
تحذير سليمان وهواجس ما بعد الأسد
التالي
رغدة: الاسد هو صمام الامان