حصرم حلب..

لا يملك بشار الأسد إلاّ الذهاب إلى المعركة حتى النهاية، لا خيار أمامه غير ذلك إذا أراد الحفاظ على فرص أقل مرتبة من الفناء، وأوّلها فرصة الرحيل إلى موسكو أو غيرها.. أمّا موضوع البقاء في السلطة فهذه مسألة أخرى عويصة وانتهت. ويجب على حلفائه إيضاحها له مرّة واحدة وأخيرة، وبأي لغة ممكنة، علماً أنّه أثبت حتى الآن أنّه لا يستوعب إلاّ لغة واحدة، هي لغة القوّة ولا شيء غيرها.
يقاتل باستماتة، وعلى كل شبر ممكن وكل تفصيل وكل سفير وكل ضابط وكل تصريح. ويتعب جهده ليثبت أنّه وحافة الهاوية أصحاب عتاق وقدامى. وعندها استطاب الاقامة لفترة طويلة، وانه بالتالي لا يزال قادراً من حيث هو على إرسال الآخرين نزولاً..!

معركة حلب على الطريق. ثاني محطة كبيرة بعد باب عمرو في حمص. يحشد ما أمكنه لحسم الأمر فيها لصالحه، لأنّه يفترض أنّ منع سيطرة المعارضة عليها سيعني توجيه ضربة مركزية كبيرة لمشروع إسقاطه. تماماً مثلما افترض ان معركة باب عمرو منعت إقامة رأس جسر للعبور إلى إقامة منطقة آمنة. في النتيجة ربح تلك المعركة لكنه خسر الحرب التي تلتها، ولا يزال يراكم في خسائره وصولاً إلى قرب انهياره واندثاره.

الآن تبدو الأمور في ذهنه وافتراضه وحساباته ذاهبة في الاتجاه ذاته. المعركة في حلب ستكون طاحنة من دون شك. وميزان القوى يميل سلفاً لناحية قواته خصوصاً أنّ هذه شرعت في استخدام المروحيات والطيران الحربي، عدا عن قدراتها النارية الأرضية المتأتية من راجمات الصواريخ ومدافع الميدان والدبابات.. لكن مع ذلك وبرغم منه، قد تكون حلب لقوات بشار الأسد مثلما كانت بيروت للإسرائيليين عام 1982: معركة مُنهكة، ربحها الإسرائيليون، لكنهم خسروا حربهم في كل لبنان ومع اللبنانيين.

وتماماً مثلما فعل حي باب عمرو في حمص "بانتصار" الأسد عليه.. دخله بعد أن دمّره واستعرض من فوق أنقاضه أوراقه ورسائله، إلاّ أنّ انحناء ذلك الحي وانكساره في مكانه فتحا الباب واسعاً أمام اتساع رقعة الثورة بزخم أكبر مما سبق وبأفق أوسع مما سبق. وهذا ليس شعراً وإنما قراءة بسيطة في كتاب مفتوح، لا يرفض الأخذ بما ورد فيه وبما كتبت وقائع ثورة السوريين فيه، إلاّ النظام وحواشيه أينما كانت.

يحشد في اتجاه حلب، وينسى انه سيواجه معركة لم تبدأ بعد، في دمشق نفسها، كما ينسى أو يتناسى أو يوحي بذلك الوهم، أن سوريا من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها صارت عصية عليه في معظمها.. ويا حُصرماً رآه في حلب!
  

السابق
فتنة الإسلاميين
التالي
دوري أبطال النبطية لكرة القدم