حدود الحرب سلاحين: لافروف والدبابة

حرب سوريا ليست استمراراً للسياسة بوسائل أخرى حسب نظرية كلاوزفيتز بل استمرار لإلغاء السياسة بكل الوسائل. لا بالنسبة الى الصراع الإقليمي والدولي على سوريا، وكله سياسة، بل بالنسبة الى الصراع الداخلي فيها بعد عقود من التصحير السياسي. ولم تكن مهمة كوفي أنان سوى دور أعطي له لكي تستمر الحرب تحت يافطة الحديث عن حل سياسي. فلا التسوية بين النظام والمعارضة كانت ممكنة أصلاً لكي يقال اليوم انها لم تعد واردة. ولا الانتقال الديمقراطي للسلطة سوى شعار رفعه الجميع وتمسك به الروس ولا يزالون وهم يعرفون انه ضد طبائع النظام وفوق قدرة المعارضة.
وما يحدث الآن ليس فقط امتداد الحرب من الأطراف الى القلب في دمشق وحلب بل أيضاً انتقال ادارة الصراع في سوريا وعليها من مرحلة الى أخرى. من ادارته ضمن مجلس الأمن الى ادارته خارج المجلس.

المرحلة الأولى انتهت بوضع المفتاح في يد موسكو التي استعادت دور اللاعب الدولي الكبير عبر الامساك بورقة الصراع والتلويح بورقة التسوية. والمرحلة الثانية بدأت بتحرك واشنطن للعمل في اطار ما سمته تحالف الراغبين في الحرب على العراق. وفي الحالين، فإن روسيا لا تزال على الخط الأمامي للدفاع عن النظام، وأميركا لا تزال على الخط الخلفي لهجوم المعارضين الذين تسلحهم دول إقليمية بالأصالة عن نفسها، وبالوكالة عن واشنطن.
ذلك أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تحدد الهدف من معركة حلب بأنه تحقيق ملاذ آمن في الداخل يصبح قاعدة للمعارضة. والنظام يحشد القوى لاحباط هذا الهدف، ويصعد حلفاؤه وخصوصاً في ايران التهديد بالتدخل المباشر بكل الوسائل لمنع اسقاط النظام. ولا أحد يعرف كيف تتطور الأمور، وبصرف النظر عن الصورة الظاهرة لموازين القوى المرشحة للتحرك أكثر من الثبات. لكن الواضح أن الرهانات في الصراع على سوريا تكاد تجعل عوامل الصراع في سوريا رهينة لها.
واذا كانت المعارضة تقاتل بأسلحة خفيفة ومتوسطة بأسلوب حرب العصابات متكلة على دعم إقليمي ودولي، فإن النظام كان ولا يزال يقاتل بسلاحين ثقيلين: لافروف والدبابة. وزير الخارجية الروسي يحمي الحرب بالدبابات والمروحيات حتى الآن من أي قرار دولي بالتدخل العسكري الخارجي ويمارس دور وزير الخارجية السوري. والدبابة تخوض حرب شوارع في المدن والأرياف. لكن الدبابة لم تحسم الموقف على مدى 17 شهراً. وليس أمام لافروف طاولة ليلعب فوقها ورقة الحل السياسي وسط تطورات يمكن أن تحرق ورقة الصراع في يده.
والمخيف هو أن يتقدم خطر تفتيت سوريا على فرصة انقاذها من لعبة الأمم.  

السابق
مشهد السقوط
التالي
الراي: حلفاء دمشق يحتجّون على احتجاج الرئيس اللبناني