النهار: عضّ أصابع في أزمتي الموظفين والكهرباء

على أهمية الأبعاد والدلالات التي اكتسبها كباش ديبلوماسي غير مسبوق بين لبنان وسوريا في مسألة الانتهاكات الحدودية، بعدما سارعت دمشق امس الى الالتفاف على مذكرة الاحتجاج اللبنانية بتقديم مذكرة مضادة، عاد ملف الازمات الاجتماعية ليتصدر كل الاولويات الضاغطة نظرا الى خطورة النتائج والانعكاسات التي يتركها الصراع المفتوح بين أطراف هذه الازمات.

وكشفت المبارزة المتصاعدة بين الحكومة وهيئة التنسيق النقابية بعد يومين من اضراب الموظفين في القطاع العام وتظاهرتهم امس الى ساحة رياض الصلح، أن هذه الازمة المتصلة بموضوع سلسلة الرتب والرواتب تنذر بانتقال عدوى أزمة المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان الى جميع قطاعات الدولة في ظل تصعيد الموظفين تحركهم وعدم تراجعهم عن مطلب اقرار السلسلة وتصلب الحكومة ورفضها تحقيق هذا المطلب تحت الضغط. وكما صارت مؤسسة كهرباء لبنان ومعها مجمل كارثة التقنين القاسي التي يعانيها اللبنانيون رهينة أزمة المياومين، أبلغت مصادر معنية بقضية سلسلة الرتب والرواتب "النهار" امس ان "عض الاصابع" بين الحكومة وهيئة التنسيق النقابية التي تقود تحرك المعلمين والاساتذة في التعليم الرسمي خصوصا والموظفين عموما بات ينذر بدوره بأزمة مفتوحة بلا حلول بعدما صار كل فريق معني بها أسير تصلبه. وأخطر ما بدأ ينتج من هذا الصراع هو التلميح الى احتمال "انقاذ" مصير نحو 100 الف طالب وقعت نتائج مسابقاتهم الرسمية أسيرة اضراب الاساتذة وامتناعهم عن تصحيح المسابقات بخيار شديد الخطورة هو منح التلامذة افادات بناء على علاماتهم المدرسية. ومع ان وزير التريبة والتعليم العالي حسان دياب لم يؤكد هذا الخيار، فانه لم ينفه وناشد الاساتذة استكمال تصحيح المسابقات التي لم يعد استكمالها يحتاج سوى الى ثلاثة أيام عمل فقط.

وأوضحت المصادر نفسها ان الحكومة لا تبدو في وارد التراجع عن موقفا بعدما اتخذ رئيسها نجيب ميقاتي في مجلس الوزراء أمس، وعلى وقع تظاهرة الموظفين الى ساحة رياض الصلح، موقفا متشددا مدرجا تحرك الموظفين في اطار "ليّ ذراع الدولة وكسر هيبتها ورهن مصير 100 الف طالب وتجاهل ان الحكومة هي صاحبة مشروع قانون السلسلة لانصاف الجميع"، مؤكدا انه "لا يمكننا في هذه الظروف الدقيقة ان نقبل بتهديد الاستقرار الاجتماعي والمالي وارهاق الخزينة بأعباء اضافية". وأشارت المصادر الى ان موقف هيئة التنسيق النقابية لم يقلّ تشددا إذ تبلغت الحكومة رفض الاساتذة العودة عن تعليق تصحيح المسابقات الرسمية أيا تكن النتائج الا باقرار السلسلة في أسرع وقت. وسرت معلومات عن أن مهلة الايام العشرة التي حددها بعض خطباء التظاهرة التي نظمت امس ستليها خطوات تصعيدية مفتوحة للمطالبة باسقاط الحكومة.

ولا يبدو مصير أزمة المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان افضل حالا، مع انعدام أفق الحلول المطروحة لها. بل ان فصلا تصعيديا جديدا سيحصل اليوم ويعكس فشل محاولات التسوية بين "التيار الوطني الحر" وحليفيه في الثنائي الشيعي "أمل" و"حزب الله" لهذه الازمة.

وقد دعا "التيار الوطني الحر" الى تنظيم اعتصام في السابعة مساء اليوم في ساحة ساسين بالاشرفية رفضاً "لاحتلال" مؤسسة كهرباء لبنان، تليه مسيرة الى منطقة مار مخايل. وقال قيادي في "التيار" لـنا إن "المسيرة تداعى اليها عفوياً أهل الأشرفية للتعبير عن رفضهم لاحتلال مؤسسة كهرباء لبنان وهي مسيرة سلمية سيحمل المشاركون فيها مصابيح كهربائية في رسالة حضارية تعبيراً عن رفضهم الأمر الواقع القائم على تعطيل المؤسسات والمرافق الرسمية وترهل الخدمة العامة". وقال ان "الشعارات التي تحرك المسيرة تعكس الواقع الكهربائي السيئ الذي تعانيه الأشرفية نتيجة منع موظفي المؤسسة من اصلاح الأعطال المتزايدة".

افطار بعبدا
أما في الشأن السياسي، فبرزت أمس مواقف جديدة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان في كلمة القاها في الافطار السنوي الذي أقامه في قصر بعبدا، والذي غاب عنه عدد من الزعماء منهم الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري (لوجوده خارج البلاد) والعماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.
وتميزت كلمة سليمان "بموازنة" بين موقفه من تعليق قوى 14 آذار مشاركتها في الحوار وموقف "حزب الله" من الاستراتيجية الدفاعية والسلاح. وإذ أعلن انه سيعاود اتصالاته وجهوده "اعتباراً من هذا المساء لضمان استئناف اعمال هيئة الحوار الوطني في 16 آب المقبل"، دعا جميع الأفرقاء الى "الاقبال على الحوار بعقل وقلب منفتحين حول مختلف المسائل الخلافية والتخلي عن مواقفهم المسبقة التي أعلنت ان لجهة رفض مناقشة الموضوع الأساسي والوحيد المدرج على جدول الأعمال أو لجهة طلب إقرار هذا الموضوع الوحيد قبل مناقشته في هذه الهيئة".
وحذر من "المواقف والقرارات الخاطئة المبنية على قراءات ملتبسة أو حسابات ظرفية"، معلناً أن "لا امكان لسيطرة فريق فئوي على آخر ولا غلبة للسلاح على أراضي لبنان".

اجتماع عين التينة
وفيما عزي غياب الرئيس بري عن افطار بعبدا، اسوة بالزعماء المتغيبين الآخرين، الى أسباب أمنية، رأس بري أمس في عين التينة اجتماعاً مشتركاً لهيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان ومقرريها. وأدرجت أوساط المشاركين في الاجتماع اللقاء في إطار إظهار الرئيس بري كون المجلس لا يزال مؤسسة جامعة على رغم الاصطفافات السياسية التي تعصف بالبلد. وقالت لـ"النهار" إن البحث تناول موضوع التصويت الالكتروني الذي يستدعي تعديلاً دستورياً للمادة 36، وقانون اللامركزية الادارية وقانون الانتخاب الذي يجب أن يأتي مشروعه من الحكومة بناء على أحكام المادة 65 من الدستور، وتبين ان لا أفق لجلسة عامة في المدى المنظور لعدم تجمع مشاريع وعدم توصل المناقشات الجانبية في شأن قضية المياومين الى نتيجة حاسمة.

الالتفاف السوري
أما في موضوع الاحتجاج اللبناني على الانتهاكات السورية للحدود، فبرز أمس ما اعتبر التفافاً من دمشق على المذكرة التي قدمها وزير الخارجية عدنان منصور والذي أعلن انه أبلغها الى الجانب السوري عبر القنوات الديبلوماسية. وقدم الجانب السوري من جانبه مذكرة خطية تتضمن تعداداً لخروق من الجانب اللبناني للحدود اللبنانية – السورية. وعلم أن الوزير منصور ارسل المذكرة اللبنانية التي تتضمن سرداً للانتهاكات السورية الى السفارة السورية في بعبدا، فيما تسلم مكتب الوزير منصور المذكرة السورية لدى مشاركته في جلسة مجلس الوزراء.

"حرب ناعمة"
على صعيد آخر، تحدث الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلمة ألقاها مساء أمس في احتفال "تكريم أبناء الشهداء" في "حزب الله" عن "حرب ناعمة" ضد المقاومة تقودها الولايات المتحدة. وقال: "كل ما نؤمن به ونحترمه ونقدسه ويشدنا الى الأمام ويقوينا يريدون اسقاطه وتدميره وتشويهه (…) هم يدركون جيداً أنهم عاجزون عن اجتياح أرضنا واحتلالها لذلك يريدون اجتياح عقولنا وقلوبنا واحتلال نفوسنا لنسقط من الداخل". وأضاف: "لبنان الآن على رغم ما فيه وكل ما يجري الحديث عنه هو أكثر أمناً من واشنطن ونيويورك".  

السابق
14 آذار في مرحلة ما بعد بشّار
التالي
الاخبار: نصر الله: نواجه حرباً أميركية ناعمة