المفوّض الرئاسي

يحقّ لسفير السلطة الأسدية في بيروت أن يفعل كل شيء يراه مناسباً دفاعاً عن سلطته وذوداً عنها، بحكم وظيفته وهويته طالما انه اختار البقاء ولم ينشقّ مثل زملاء له.
لكن المعضلة تكمن دائماً في المصطلحات وتعريف الوظائف. ثم بعد ذلك في مرض النكران. وهذا الأخير تحديداً يضرب في سوريا ولبنان دفعة واحدة تبعاً للترابط المصيري القائم بين سلطة الأسد وبعض امتداداتها المحلية عندنا!
ومن البداية في هذه الحكاية. حيث لا يزال سفير السلطة الأسدية يفترض ان وظيفته الفعلية تقارب مرتبة المفوض السامي ذي الصلاحيات السلطوية والتقريرية. وان شيئاً من الالتباس في رصف الحروف لا يزال يوهم اللبنانيين ان لديهم مجرد "سفير" سوري يخضع مثله مثل غيره للقوانين والنظم والأعراف المعتمدة في العمل الديبلوماسي أينما كان!

إذاً، الخطأ كبير وليس مطبعياً: سفير سوريا في لبنان مفوض رئاسي وصاحب سلطة مشتقّة مباشرة من رئيسه، وكلامه يجب أن يُعامل على المستوى الرئاسي نفسه وليس دون ذلك! وإذا رأى اللبنانيون في ذلك معضلة فهي مشكلتهم وعليهم هم حلّها! أما التواصل مع وزير الخارجية فهو لتبادل الآراء والأفكار في شأن أفضل السبل الكفيلة بالدفاع عن مصالح السلطة الأسدية وحفظها وصونها ليس إلاّ!
لكن المشكلة عند السفير والمفوض الرئاسي الأسدي في بيروت هي ذاتها التي يعانيها أسياده في دمشق: العيش خارج الزمن، في عالم افتراضي علاقته بالواقع تشبه علاقة ميشال عون بالذكاء ومكارم الأخلاق: صفر مكعّب!

.. لا ينتبه سعادته إلى ان العماد ميشال سليمان هو رئيس الجمهورية اللبنانية، وان زمن الرئيس من رتبة عريف في الاستخبارات قد ولّى إلى غير رجعة، بل إلى جهنم الحمراء هو ولسانه المشروخ وحقده الممسوخ، مُشيَّعاً مني ومن كثر مثلي، بكمٍّ من الابتهالات إلى ربّ العالمين، بأن يزيد في شرخ لسانه ومسخ حقده، وأن يشلّ يمينه ويسراه و"يعطيه" ما أعطاه هو لغيره، وأن يفعل به تماماً، ما فعله هو بغيره!
ولا ينتبه سعادة المفوض الأسدي إلى نتيجة الحصاد: ما حاولوا أن يقضوا عليه في لبنان تمدد إلى سوريا. وما حاولوا تمديده من سوريا إلى لبنان، يلفظ أنفاسه في سوريا! وليس العكس!
  

السابق
اليوم الثالث: تلف 500 دونم حشيشة في البقاع
التالي
رفض إدراج حزب الله في لائحة اوروبا السوداء