ورقة الاسد الاخيرة

منذ بدء المظاهرات في سوريا في كانون الثاني 2011 انتظر العالم تطورا يحطم التعادل في الصراع بين الحكومة والثوار. وقد جاء هذا الاسبوع الماضي في شكل التفجير في مبنى الامن القومي والذي جبى حياة وزير الدفاع الجنرال داود عبد الله رجاحة ونائبه، صهر الاسد آصف شوكت.
ويثبت اغتيال قدس أقداس النظام بأنه نفدت قدرة الاسد على بلورة ائتلاف الأقليات الذي صانته عائلته في الحكم. ومع ان الموضوع أُبقي طي الكتمان، إلا انه حتى الجنود الدروز فروا من الجيش السوري على مدى السنة الاخيرة. بعض من الفارين عادوا الى عائلاتهم أما آخرون فانضموا الى صفوف الثوار. قوانين اللعب تغيرت دراماتيكيا، وقائمة الموالين للحكم ستقل الآن جدا. العلويون، أبناء الطائفة الحاكمة، سيُجلب بهم الى دمشق للدفاع عن القصر الرئاسي حتى بثمن سقوط جبهات اخرى وتعاظم الفرار. مفهوم أن هذه ليست أكثر من استراتيجية تأخير، ونهاية النظام تبدو الآن محتومة.
ستؤثر التطورات في سوريا على الشرق الاوسط بأسره. تركيا تدعم الثوار، ولكن يوجد لها سبب وجيه للقلق: فقد سيطر الاكراد على اربع مناطق في سوريا، ومن غير المستبعد ان يحاولوا الاتحاد مع اخوانهم في تركيا ليقيموا أخيرا كردستان المستقلة. توجد قوى تدفع نحو الاتحاد بين شمال لبنان السني وبين سوريا (أو ما سيتبقى منها) وكذا الدروز، المنتشرين في ثلاث دول، سيحاولون تحسين وضعهم، ولا سيما في ضوء تبدد الأمل لتحرير الحكم في بيروت من براثن حزب الله.

القدس قلقة وعن حق على مصير مخزون السلاح الكيماوي لدى الاسد، ولكن سيكون من الغباء التام من جانب حزب الله محاولة وضع اليد على هذه المخزونات. فمثل هذه الخطوة ستعطي للعالم حجة لعمل ما يتمناه الكثيرون لتفكيك المنظمة الشيعية بالقوة العسكرية. أما لنظام الاسد فتوجد مصلحة في الابقاء على المخزون الكيماوي حتى سقوط النظام، الذي يبدو الآن محتوما. وقد يكون السلاح الكيماوي هو الورقة الاخيرة المتبقية لدى الاسد وقادة النظام العلوي للمفاوضات على حياتهم وعلى خروج آمن من الحدود السورية. فبعد صور القذافي الميت ومبارك في السجن، فان هذا ليس أمرا يستهان به.
في المدى القصير سيؤدي سقوط النظام السوري الى وجع رأس أمني لا بأس به بالنسبة لنا. فالحدود مع سوريا، التي كانت هادئة لغير قليل من السنين، كفيلة بأن تسخن؛ وقد تحاول عصابات من المخربين المس بالجنود والمواطنين، مثلما يحصل في الحدود الجنوبية. ولكن في المدى البعيد يدور الحديث عن ربح صاف لاسرائيل. دون الاسد، محور الشر يفقد تواصله الاقليمي بين ايران وجنوب لبنان. ولن يتمكن رجال الحرس الثوري الايراني وممثلو حزب الله من البقاء في الدولة (كبار الجهاد الاسلامي فروا منذ الآن الى طهران)، والدعم التلقائي من سوريا للارهاب سيتوقف، مؤقتا على الأقل. سوريا لم تكن أبدا قوة عظمى شرق اوسطية كالسعودية أو مصر، ولكن من ناحية اسرائيل، فانها كفيلة بأن تتبين كحجر الدومينو الأهم في الربيع العربي.  

السابق
الاثنين المقبل موعد زيارة أهالي أسرى القطاع
التالي
تحذير لسامي الجميل