طاولة الحوار وتسويق الوهم

شيئاً فشيئاً بدأت طاولة الحوار تتحوّل إلى نسخة، ولو غير مطابقة، لطاولة مجلس الوزراء: دعوةٌ اليها، صورة تذكارية، جلسات روتينية، ثم بيانات إنشائية لا تُقدّم أو تؤخّر، بل تُعطي اللبنانيين جرعة أمل لم يعودوا يصدّقونها لأنها لم تعد تنفع أو تجدي.

طاولة الحوار التي موعدها غداً، لن تشذ عن هذه القاعدة، لكن الخطر انّ التطورات تتسارع والملفات تتراكم فيما الطاولة مكانها لا تتقدّم.

الطاولة غداً ما زالت متوقفة عند الاستراتيجية الدفاعية، لكن المعنيين المباشرين بهذه الاستراتيجية، أي حزب الله، يعلنون أنه من السابق لأوانه البحث فيها لأن الاحتلال ما زال جاثماً على أرضنا، ولأننا ما زلنا في مرحلة التحرير، أي قبل الدفاع، وعندما ننتهي من التحرير يبدأ التفكير بالاستراتيجية الدفاعية، على حد ما أوحى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، الاسبوع الفائت، ما حدا بقوى 14 آذار الى طلب سحب هذا الموقف تحت طائلة عدم المشاركة في الحوار. ثم جاءت قضية محاولة اغتيال النائب بطرس حرب ورفض إعطاء داتا الاتصالات لتسهيل التحقيق، فأدركت قوى 14 آذار أنّ المشاركة في طاولة الحوار في ظل هذه الظروف، هي مضيعة للوقت ولا طائل منها طالما ان النقاش في السلاح ليس أوانه بعد، وطالما ان موجة الاغتيالات أو محاولات الاغتيال عادت من دون تسهيل للتحقيق.

اذاً، لماذا الحوار؟ ربما الذين يدعون اليه لم يعودوا يعرفون الجدوى منه! فحين يتحوّل الى اختراع آمال جديدة للبنانيين، فإنّ وظيفته في هذه الحال تكون تسويق الوهم، لكن اللبنانيين أذكى من أن تمرّ عليهم مثل هذه الأوهام لأنهم اكتووا بنارها، فهم يريدون أفعالاً وترجمات لا مجرد بيانات تصدر في نهاية كل اجتماع ولا يصدقها واضعوها قبل أن يُطلَب من الناس تصديقها.

إنّ الشيء الوحيد الذي يُفتَرَض بالمسؤولين القيام به هو مصارحة الرأي العام بحقيقة الأوضاع، وعندها سيتوصل الناس الى القناعات التالية:
إنّ طاولة الحوار وفق النمط القائمة عليه لم يعد من جدوى لها، والمطلوب إما تعليقها وإما تغييرها لأنها صارت عبئاً على واضعيها.
إنّ طاولة مجلس الوزراء وفق الحكومة القائمة، لم تعد مجدية، فما هذه الحكومة التي باتت ملفاتها المتراكمة أكبر من معالجتها للأمور؟ ما هو الملف الذي فتحته هذه الحكومة واستطاعت إنجازه؟

لأن الوضع على ما هو عليه، فان بداية الحل تكون بالتواضع قليلاً، واعتبار طاولة الحوار لزوم ما لا يلزم والبدء بالإعداد لانضاج تشكيلةٍ حكومية جديدة، والاّ ستبقى الأوضاع تدور في حلقة مفرغة.  

السابق
الأطلسي هنا
التالي
من وقع في الفخ؟