سورية.. مستمرون في الحرب

التفجير الذي ضرب مبنى الأمن القومي السوري في دمشق أمس وأدى الى استشهاد وزير الدفاع ونائبه صهر الرئيس بشار الأسد ونائب معاون رئيس الجمهورية آلم القيادة السورية والشعب السوري وكل الحلفاء في الداخل والخارج، لكنه رسم معالم الطريق للمرحلة المقبلة والتي لن تكون بعيدة عن ساحة العمليات التي ستشتعل بشكل عنيف كردّ على ما اقترفه التحالف الغربي – العربي ضد سورية لإسقاط الدولة.

مصادر واسعة الإطلاع في لبنان قالت إن قيادات محلية اتصلت بالرئيس الاسد مطمئنة الى حاله ومستفسرة عن شقيقه العقيد ماهر ومعزية بالقادة الذين استشهدوا، قالت إن القيادة السورية متماسكة جداً، وهي غير موهومة من الحدث لأنها كانت تتوقع أكثر من ذلك وهي جهزت نفسها لمواجهته وتتقبله كما الضباط الذين اغتيلوا خلال تأيدتهم لواجبهم الوطني في الدفاع عن بلدهم.
هذا الموقف لم يكن معنوياً فقط على ما تقول المصادر، لأن القيادة في سورية بمختلف مستوياتها تعلم أنها تخوض حرباً لعلها من أصعب الحروب التي يخوضها جيش في العالم، وهي وطّنت نفسها لمواجهة هذا المصير بكل جرأة بعد أن كانت تعرضت للتهشيم المعنوي والحصار عبر قرارات دولية هدفت الى حماية الجماعات المسلحة أولاً وتقديم التبريرات لهم لمواصلة أعمال القتل ضد الشعب السوري وجيشه، في محاولة لضربه بمعزل عن إسقاط الدولة لأنه يشكل خطراً ما زال شاخصاً بقوة على «إسرائيل» بعدما تم القضاء على جيوش عربية مهمة بطرق «سلمية» كما درجوا على تسميتها.

تقول المصادر، إن المعلومات التي حصلت عليها من خلال إجراء بعض اتصالات الاطمئنان والتعزية بالقيادة السورية أشارت الى أن التفجير قد حصل فعلاً من الداخل بواسطة أحد الأشخاص الذين كانوا يعتبرون من الموثوقين، وأن هذا الأخير كان ينوي وضع العبوة في مكان انفجارها والخروج في محاولة لتخليص نفسه، إلا أن انتباه أحد الضباط الى ذلك عجّل في تفجير العبوة ما أدى الى ما حصل.
وتؤكد المصادر أن الحديث عن عملية عسكرية جرت داخل مقر الأمن القومي ليست صحيحة على الإطلاق، وإنما هي مجرد تكهنات، خاصة وأنه سمع صوت رصاص كان في الحقيقة عبارة عن إطلاقات في الهواء كردة فعل أولى على دوي الانفجار ولم تكن هناك أية عملية انشقاق واسعة أو انقلاب كما يدّعي البعض، مشيرة الى أن القيادتين العسكرية والامنية كانتا تتابعان معلومات منذ حوالى الشهر عن مخطط لعملية واسعة ضد مراكز وشخصيات قيادية، إضافة الى وضعها مخططات لمواجهة أحداث مرتقبة في العاصمة دمشق ومحيطها، في محاولة من الادارة العسكرية الأجنبية للمسلحين بنقل المعركة الى العاصمة، بعدما سقطت محاولات التمرد في الأطراف والمدن البعيدة عن المركز.

وتضيف المصادر أن ما توافر من معلومات حول هذا الأمر يؤكد أن الإدارة العسكرية والأمنية التي تشرف على العمليات القتالية في إطار التحالف الغربي – العربي، وضعت هذا السيناريو الخاص العاصمة دمشق كبديل عن التدخل العسكري الدولي الواسع وبعد استنتاج استحالة التوصل الى قرار سياسي دولي لوضع ملف الأزمة في سورية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بوجود «الفيتو» الصيني – الروسي، إضافة الى بلوغ قرار موسكو حد التحرك الميداني في الدفاع عن قرارها بمنع حصول مثل هذا التدخل.

تضع القيادة السورية ما حصل في إطار الحرب المفتوحة على سورية، وتقول إنها مستمرة في خوضها حتى النهاية، وهي تعتبر أن ما حصل قد أطلق يدها بالكامل ومن دون خجل أو وجل، على ما قلت «القيادة المحلية» التي اجرت اتصالات الاطمئنان، في المضي ومن دون هوادة للقضاء على كل المجموعات المسلحة وصولاً الى داعميها.
وتنقل عنهم أيضاً قولهم إن «على الفرحين أن ينتظروا قليلاً قبل أن يبدأوا بتوزيع الحلوى»، فالدولة ما زالت قائمة ومتماسكة وقادرة على التحرك بفعل وعي الجيش السوري وقيادته التي دخلت بعد هذا التفجير في مرحلة جديدة وضعت خططها سلفاً في إطار حرب طويلة الأمد.
تتمسك المصادر بالقول ان القيادة السورية لم تتأثر بما حصل إلا بمستوى الحزن على فقدان رفقاء مخلصين، وأنها لم تفقد زمام المبادرة كما إنها لم تفقد أيا من أوراقها في «اللعبة» الداخلية والخارجية مع التركيز على ذلك وان الآتي من الأيام كفيل بإظهار هذه الامور من دون ادعاءات.  

السابق
صداقة حدودها الملجأ
التالي
بلد التخبيص!