الهجوم على ايران جنون

الواحد تلو الاخر يهبطون في اسرائيل. مستشار الامن القومي دونيلون، وزيرة الخارجية كلينتون وقريبا ايضا وزير الدفاع بانيتا. قبل وقت غير بعيد كانت مجرد زيارة أحد المتبوئين لهذه المناصب، الثلاثة الاعلى في شؤون الخارجية والامن في الادارة تحت الرئيس اوباما، توفر عناوين رئيسة لعدة أيام. ولكن كلينتون حظيت بتغطية اعلامية في الصفحة الاولى في الصحيفة فقط بسبب المظاهرة في الاسكندرية.
هذه الظاهرة غريبة على نحو خاص وذلك لان الجميع يعرفون لماذا هم هنا. فادارة اوباما تحاول بكل قوتها منع هجوم اسرائيلي قريب على ايران. لا يوجد اي سبب آخر يجعل المسؤولين الكبار بهذا القدر يكلفون أنفسهم الواحد تلو الاخر المجيء الى القدس. في الايام العادية تنقل الرسائل الواضحة جدا من واشنطن الى القدس بمكالمات هاتفية. اما اليوم فما يوجد على كفة الميزان هام ومقلق بما يكفي لاجل احتمال الحر والقيظ.
وفي وسائل الاعلام الاسرائيلية، على حد قول نتان الترمان، هدوء، هدوء، صه. حار جدا، قدر كبير جدا من المواضيع على الطاولة. لم تنتهي بعد قصة قانون طل. وها هو الاحتجاج الاجتماعي يعود ويصل الى ذروته في قضية مأساة موشيه سيلمان. وفضلا عن ذلك، فقد تعبنا. كم يمكن لنا ان نهذر، فكل شيء سبق أن قيل.
في الخريف الماضي هرع مسؤولون كبار متقاعدين، وعلى رأسهم رئيس الموساد السابق مئير دغان، انطلاقا من الاحساس بان سحب الهجوم تتكدر. كان في حينه من قال ان رئيس الوزراء ووزير الدفاع مقتنعان بان على اسرائيل أن تهاجم ايران وانهما يثيران الجلبة فقط كي يكون الجميع في الجولة القادمة، في ربيع هذه السنة، منهكين من أن يستطيعوا المعارضة. في الربيع جاءت أقوال رئيس المخابرات السابق يوفال ديسكن ومعها يقظة اصغر للجدال. اما الان فيخيل أن حتى دغان وديسكن رفعا ايديهما أو ان أقوالهما الحادة عن اصحاب القرار وعن الجنون الذي في الهجوم لم يعد أحد يشتريها.
ولكن الهجوم في ايران ليس موضوع أنباء عادية، يمكن للمرء أن يتعب منها ويدعها. ففي الشهر الماضي كان مرت ثلاثون سنة على حرب لبنان الاولى، التي بدأت هي ايضا بجدال جماهيري، تعب صمت الى أن حسمه ارئيل شارون. محظور أن يحصل هذا هذه المرة ايضا. محظور أن يشطب التعب وتكرار الحجج عن الطاولة موضوعا بزعم طرفي الجدال هو مثابة حسم تاريخي.
محظور أيضا أن يفكر احد ما بان ليس لديه الادوات لان يحكم على الامور. ثمة بعض الامور التي يعرفها القادة ونحن لا نعرفها، وعلى رأسها النجاعة المتوقعة لهجوم اسرائيلي والتقديرات بشأن الثمن بحياة الجنود وربما ايضا بالاسرى في ايدي الايرانيين. وبالنسبة لكل ما يتبقى فان افكاركم جيدة مثل افكارهم: الضرر المتوقع للاستقرار في الشرق الاوسط، معنى الهجوم بالنسبة للتصميم الايراني للوصول الى القنبلة والشرعية التي سيتلقاها النظام في ايران لمواصلة المشروع النووي، العلاقات مع الولايات المتحدة اذا ما هاجمت اسرائيل خلافا لارادة الادارة الصريحة وغيرها. كل هذه أهم بكثير من تقديرات فرع البحوث التنفيذية في سلاح الجو. لا تعتمدوا ايضا على اصحاب المناصب. فأنا أومن تماما بالاستقامة الشخصية والمهنية لرئيس الاركان، رئيس شعبة الاستخبارات او رئيس الموساد. ولكن التاريخ يعلمنا بانه في المنظومات المراتبية من الصعب لرجل تنفيذي ان يمنع قائدا مقتنعا بعدالة طريقه. غانتس، كوخافي او باردو سيقولون كلمتهم؛ وعلى الجمهور أن يقول كلمته بقوة لا تقل، الى هنا أو هناك.
أنا أنتمي الى أولئك الذين يعتقدون بان هجوما اسرائيليا سيكون خطأ على مدى الاجيال. وهذا صحيح بأضعاف دون تنسيق مع الولايات المتحدة وفوق كل شيء خلافا لارادة واشنطن الصريحة. من حقكم ان تفكروا خلاف ذلك، ولهذا فاننا ملزمون بالجدال. بصوت عالٍ دون تردد، محظور أن يحسم هذا الجدال الهام بسبب التعب او السأم.
 
 

السابق
افتتاح القاعة البلدية في حديقة الأصداء- النبطية
التالي
الأسير: تحركات تصعيدية خلال رمضان ولا اتصالات مع شربل