انتخابات الكورة وإسقاط نظام بشار الأسد!

جرت الانتخابات الفرعية الأحد 15-تموز-2012 في قضاء الكورة وفاز بنتيجتها مرشح «القوات اللبنانية» . تميّزت المعركة الانتخابية من «جهة القوات اللبنانية» بـ:
إعداد مبكر سبق شغور المركز النيابي بوفاة النائب فريد حبيب.
تحضير ماكينة انتخابية علمية وحديثة بكادر بشري كبير مؤهّل ومدرّب وتقنيات وبرامج متطوّرة.
تنسيق قوي وفاعل من قبل حلفاء «القوات».
قدرات كبيرة على المستويات الاعلامية والمالية لا يستطيع القومي مجاراتها ولا الاقتراب منها.
قدرات كبيرة في اللعب على العصبيات المذهبية والطائفية يستحيل على القومي التفكير فيها لأنها مناقضة لبنيته وثقافته.
واتصفت المعركة من جهة القومي بـ:
اتخاذ قرار متأخر جداً بتسمية المرشح.
ماكينة انتخابية تقليدية تقوم على العمل التطوعي وتفتقر الى الإمكانات والتقنيات.
ضعف التنسيق وتفاوت مستويات الحماسة لدى الحلفاء.
الافتقار الى الإمكانات الإعلامية والمالية.
اعتماد خطاب العقل في زمن التهييج الغرائزي.
رغم كل هذه العوامل، تشيرالأرقام التي حصل عليها كلٌ من المرشحين إلى تراجع قوى 14 آذار بالمقارنة مع نتائج دورة 2009. استطاع القومي أن يحقق تقدماً وحضوراً لافتين ولم يكن النجاح بعيدا عنه لو استطاع تلافي بعض الثغر.
بعد ظهور نتائج الانتخابات، صرّح قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن نجاح مرشحه يعني «سقوط نظام بشار الأسد في الكورة».
لم يقل جعجع مثل هذا الكلام أثناء وجود الجيش السوري في لبنان، ولا أثناء الاحتلال «الإسرائيلي» الذي لم يخف تعاونه العميق معه. هذا الاحتلال الذي دام منذ 1978 حتى اندحاره بفعل المقاومة في 25 أيار 2000 ولا يزال يحتل أراض لبنانية لا يأتي على ذكره لا جعجع ولا أحد من فريق» 14 آذار» الذين يردّدون أكثر من البسملة شعارات الحرية والسيادة والاستقلال، إنما من دون عمل حقيقي وملموس لتطبيقها، إلاّ بما يتوافق مع مطالب خارجية.
ماذا يريد جعجع أن يقول بهذا التصريح؟
انه يخاطب مستويين، داخلي وخارجي.

فعلى المستوى الداخلي يريد القول إن الحزب القومي هو حزب غير لبناني و»عميل للنظام السوري». وعلى المستوى الخارجي يريد أن يثبت للأميركي أنه يشاركه في الحرب الكونية التي يشنّها ضد النظام السوري بالاستناد الى أنظمة عربية واقليمية وتنظيمات عربية ترفض لغة الحوار وتصرّ على لغة السلاح والاستقواء بالأجنبي وانتظار تدخله العسكري ليحملها الى السلطة.
الحزب القومي يرفض أي مزايدة على لبنانيته ويقول مع «جبران لكم لبنانكم ولنا لبناننا». لكم لبنانكم الأعرج، لبنان الطائفي والمذهبي وساحة الاستخبارات الأجنبية وسوق السمسرة والعمالة، ولنا لبنان القوي بوحدته الوطنية التي لا تزعزعها عصبيات المذاهب ومصالح متزعميها الضيقة والقاتلة لمصالح غالبية الناس. لكم لبنانكم الذي لن تستطيعوا العبور به لا الى دولة ولا الى ما يشبهها بل تستطيعون العبور به من حرب أهلية ساخنة الى حرب أهلية باردة في انتظار الأجواء التي تعيد تسخينها من جديد .
الحزب القومي يريد لبنان القوي بانتمائه الى هويته السورية أولاً والعربية ثانياً ، ولا أمن ولا أمان للبنانيين إلاّ بهذا الانتماء وليس بالحمايات الأجنبية المنافقة التي تعمل على تمزيق الشعب وترهن قسماً منه للعمالة والخيانة وترهن البلد كله للجوع والفقر والخراب.

أما «إسقاط نظام بشار الأسد» فهو مطلب الأميركي والصهيوني والتركي ودول الخليج الخاضعة للوصاية الأميركية والتنظيمات والأحزاب المتحالفة معها، والقوات اللبنانية ليست في حاجة إلى الإعلان عن أنها تابعة لهذا المحور . واذا كان جعجع يريد «إسقاط نظام بشار» فثمة مرتزقة كثيرون يقاتلون في سورية من جنسيات متعددة ويمكنه الالتحاق بها، لكن من غير المقبول والمسموح لبنانياً استخدام لبنان لأهداف مماثلة، فذلك ضد مصلحة الأمن والاستقرار في لبنان. ولا يوجد لبناني وطني مخلص يفكر في تعريض بلده لأخطار من هذا النوع خدمة لمشاريع أجنبية.
لا يخجل الحزب القومي من أن يكون في المحور المناهض للمشروع الأميركي الصهيوني، وأن يكون داعماً لأي جهة تقاوم المشاريع الامبريالية لأنه بطبيعته كحزب قومي يأبى التبعية ويرفض إلاّ أن يكون في خندق المقاومة ضد المشاريع المشبوهة المستهدفة وجود الأمة ومستقبلها.

في انتخابات الكورة لم يسقط الحزب القومي بل ثبّت حضوره وثقافته وقيمه. وأثبت أبناء الكورة وفاءهم وانفتاحهم، رغم كل الإغراءات، فجاءت أصواتهم تثبت ارتقاءهم و الوفاء للحزب السوري القومي الاجتماعي ومرشحه الأمين وليد العازار الذي يقول مع بولس الرسول،» فقراء ولكننا نغني كثيرين». لا نملك المال ولا تدعمنا آبار النفط ، نتعامل مع شعبنا بقيمنا وأخلاقنا ومبادئنا، نخاطب عقولهم ونأبى مخاطبة الغرائز واللعب على عصبيات الجهل والخوف. نعمل على أن تكون كل بقعة في لبنان وفي محيطه القومي والعربي قومية اجتماعية أصيلة، إذ لا حياة من دون ثقافة الإخاء القومي ،ولنا الشرف أن نصارع الحزبيات الدينية والطائفية والمذهبية والعشائرية التي تلبس حزبيات سياسية وتعيش بعقلية الانغلاق والتصادم والتبعية .
إذا كنّا مع نظام بشار الأسد في خط المقاومة للمشاريع الأجنبية فنحن مع التغيير الذي يريده الشعب، ونؤكّد على ارادته وحقه في الاختيارعلى قاعدة الوحدة الوطنية، بعيداً عن التدخلات الأجنبية التي تعمل على تفتيت سورية ودمارها وليس البتة لحرية شعبها وخيره.

طبيعي ألاّ نلتقي مع أطراف تعمل بإشراف المحافظين الجدد وتوجيهاتهم، وتتلقى الرعاية والدعم من الأميركي والصهيوني والتركي والتوجيه الثقافي والقانوني للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وبالأخص حقوق المرأة من قبل الأنظمة الملكية المطلقة التي لا تعرف الدساتير ولا القوانين ولا تعرف القضاء والتي تعتبر إرادة أميرها أو ملكها من «إرادة الله» أو في الواقع الفعلي هي إرادة الأميركي ومشيئتها.  

السابق
500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية
التالي
6 سنوات على “حرب لبنان الثانية”