لماذا أخرجت سوريا أسلحتها الاستراتيجية؟

لم يحرّك سقوط أكثر من 15 الف قتيل في سوريا حتى الآن دوائر القرار في الغرب بقدر ما حرّكتها صوَر للاقمار الصناعية تظهر الجيش السوري يُخرج اسلحته الاستراتيجية من مخابئها في ضواحي حمص وحماه ودير الزور وحلب.

فقد انشغلت اجهزة المخابرات الدولية والاسرائيلية في تحليل اهداف هذه الخطوة السورية الخطيرة في المفهوم العسكري، لأنها تدلّ على ان شيئا مهما قد يكون تغيّر في سوريا، وان قراراً كبيراً اتخذ في هذا الشأن.

فهذه الأسلحة الممنوعة دوليا وتنكر سوريا وجودها، تحمل غاز الخردل والاعصاب، وبعضها محمول على صواريخ سكود بعيدة المدى، وتعتبر بمثابة السلاح النووي للدول الفقيرة.

وقد دفع تحريكها اجهزة الاستخبارات العالمية الى رفع درجة التأهب في صفوفها لمتابعة رصدها، ومعرفة الاهداف الحقيقية وراء هذه الخطوة، والتعامل معها. حتى ان الديبلوماسية الغربية والاسرائيلية مرّرت عبر موسكو تحذيراً صارماً الى القيادة السورية، وحمّلتها مسؤولية استعمال هذه الاسلحة الكيماوية والبيولوجية او تسليمها الى اي طرف آخر.

وتركزت التحليلات على سيناريوات عدة، ابرزها:

1 – حماية الاسلحة: قد تكون مجرد عملية وقائية بحيث تنقل الى مكان اكثر أمانا بعيداً عن مواقع الاشتباكات والعمليات العسكرية، أو خوفاً من وقوعها في ايدي الجيش السوري الحر، او بفعل انشقاق عسكري. وهذا مؤشر جدّي الى تدهور وضع النظام، على رغم الخسائر الكبيرة التي يلحقها بالمجموعات المسلحة والمواطنين.

2 – استباق ضربات خارجية: قد يكون النظام شعر بإمكان ان تقصف طائرات قوات حلف شمال الاطلسي مخازن الاسلحة السورية المدمّرة في مرحلة لاحقة، فقرر نقلها وإخفاءها في مخابىء غير مرصودة سابقاً بواسطة اجهزة الاستخبارات الغربية وأقمارها التجسسية، بحيث تصعب معرفة أمكنتها الجديدة، وبالتالي يتطلب العثور عليها وقتاً قد لا يكون قصيراً، ما يفرض تبديل خطط الهجوم والاحداثيات المعدة سلفاً للانقضاض على المواقع العسكرية الحسّاسة في حال قرر الغرب التدخل عسكرياً في سوريا.

3 – استعداد للحرب: في سيناريو متطرف قد يفتح النظام السوري جبهة عسكرية مع اسرائيل بهدف نقل الصراع من الداخل الى الخارج، وقد تشارك ايران و"حزب الله" في هذه الحرب.

الا ان هذا السيناريو غير واقعي، من وجهة نظر اسرائيل التي تعتقد أنه ما دام الرئيس السوري بشار الاسد يشعر بأن في إمكانه الانتصار في معركته الداخلية في سوريا، فلا مصلحة له اطلاقاً في فتح جبهة جديدة مع اسرائيل، وعندما يقرر ان اللعبة انتهت فلن يكون لديه الوقت للتفكير بمهاجمة اسرائيل، بل سينشغل في ترتيب أمنه وسلامته وسفره مع عائلته الى الخارج.

في كل حال هناك خوف من ان تتضرر الاسلحة الكيماوية السورية في اثناء تبديل مواقعها فتشكل خطراً كبيراً على السكان، كما ان هناك مخاوف من أن تصل الى أيدي "القاعدة"، او مجموعات ارهابية اخرى. ومن الممكن أيضاً ان تحوّل سوريا هذه الاسلحة الى "حزب الله"، وهذا ما يعني أن لا مفر من حرب اسرائيلية غير مسبوقة على لبنان يحسب لها الحزب ألف حساب.

دخل الوضع السوري في مسار تصاعدي قاتل. مهمة أنان ماتت، والأسد لن يتلهى بالمفاوضات، والغرب دخل مرحلة الإنذارات للنظام السوري… والتمهيد للتدخل.  

السابق
إتصالات خجولة
التالي
كهـرباء يا محسـنين!