بري وقهوجي في دائرة الاستهداف 

قبل نحو شهرين، وصلت معلومات الى بيروت تتحدث عن وصول رموز قيادية محترفة من القاعدة الى لبنان (نشرت «الأخبار» تفاصيل بشأن هذا الموضوع)، بهدف التخطيط لتنفيذ عمليات اغتيال في لبنان، ضد شخصيات سياسية ورموز دينية وأيضاً ضد مراكز لها رمزيتها الدينية. آنذاك صنفت هذه المعلومات بـ«المتوسطة المصداقية»، وأنها لم تُدعّم بمعطيات موثوقة على الأرض.
لكن الأجهزة الأمنية لم تهمل متابعة هذه المعلومات ورصد ما إذا كان لها وقائع عملياتية. ومنذ نحو أسبوعين، بدأ منسوب مصداقية هذه المعلومات يرتفع الى درجة وجود تقدير من مصادر موثوقة، وخاصة لجهة أن هناك تحركاً فعلياً من قبل القاعدة، لاستهداف كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد جان قهوجي.

وبحسب معلومات استجدت على هذا الملف، فلقد تم رصد المعطيات الآتية:
أولاً، تلاحظ مصادر مختصة أنه بعدما كانت بورصة الاغتيالات المتوقعة، والذي يوجد بصددها معلومات متقاطعة، ترشح أن مجموعات القاعدة تضع بري على رأس الأولوية ضمن لائحة اغتيالاتها، فإنه، في الآونة الأخيرة، صار العماد جان قهوجي له مرتبة موازية لجهة أهمية استهدافه من قبلها.
ثانياً، تفيد المعلومات بأن تنظيم القاعدة الدولي خصص مبلغ 150 ألف دولار مكافأة للشخص الذي سينفذ عملية اغتيال قهوجي، ومثل هذا المبلغ للشخص الذي سينفذ عملية اغتيال بري، أو لصرف هذين المبلغين ككلفة لتحضير عمليتي الاغتيالين.
ثالثاً، في سياق المعلومات الآنفة الذكر، التي هي الآن محل متابعة أمنية، يوجد في التداول سيناريو أكثر احتمالاً لعمليتي الاغتيال، يتحدث عن إمكان أن تلجأ القاعدة إلى التنفيذ عبر «كمين صاروخي» لموكبَي بري وقهوجي، كل على حدة.
رابعاً، تؤكد المصادر المتابعة لهذا الملف أن أوامر الاغتيال صدرت من الرجل الأقوى في تنظيم القاعدة الشيخ أيمن الظواهري.

خليّة يقودها لبناني في باكستان

وفي ذروة المتابعة الأمنية لهذه المعلومات، برزت أيضاً تفاصيل جديدة عن حراك خلية القاعدة التي تم رصدها وإلقاء القبض على أحد الخيوط الرئيسية فيها قبل نحو شهر، ما قاد إلى تحصيل المزيد من المعلومات التي تدعم مقولة وجود أجندة جديدة للقاعدة في لبنان، يجري تنفيذها بإشراف الظواهري. وبينت هذه المعلومات أن قيادياً ميدانياً من الجنسية اللبنانية يقيم في باكستان، منخرط أيضاً ببناء جانب من هيكلية تنظيمية للقاعدة في لبنان.

وأهمية المعلومات الجديدة هذه تكمن في أنها تدعم صحة معلومة الرسالة التي أرسلها الظواهري الى رموز من القاعدة في لبنان، مع أ. ج، مسؤول العمليات الخارجية في القاعدة، ومساعده ع. هـ. اللذين حضرا قبل أسابيع إلى لبنان. وتقول الرسالة (التي نشرت الأخبار مضمونها سابقاً) إن القاعدة قررت اتخاذ لبنان قاعدة لنشاطها في كل دول المشرق، واعتباره قاعدة «نصرة» يتم الانطلاق منه لدعم خلايا القاعدة في سوريا بالمال والسلاح. كما نصت الرسالة على اعتبار لبنان أيضاً «ساحة جهاد» تنفذ فوقها اغتيالات، أبرزها ضد الرئيس بري وأخرى تتصل باستطلاعات لمراكز دينية وشخصيات أخرى. والهدف من كل ذلك إشاعة الفوضى في البلد، الأمر الذي تفيد منه القاعدة لتعزيز وجودها في لبنان، وانطلاقاً منه نحو دول المشرق، وبخاصة سوريا.

وتقول الرسالة إن الظواهري سوف يعيّن أمراء لمجموعات القاعدة في المناطق اللبنانية، وإنه سيكون هناك أمير عام للتنظيم في كل لبنان، سيصار إلى تسميته لاحقاً. وحتى ذلك الحين، سيكون السعودي ماجد الماجد هو الأمير الواجب طاعته وتنفيذ أوامره، علماً بأن الأخير بات يشغل منصب أمير كتائب عبد الله عزام (التسمية الجديدة لتنظيم القاعدة) في بلاد الشام.
وتوضح المعلومات الجديدة المستقاة من اعترافات س. ك.، شقيق القيادي الميداني للقاعدة المقيم في باكستان، والذي تم إيقافه بالجرم المشهود أثناء تنفيذ مهمة كلفه بها شقيقه، أن القاعدة باشرت فعلاً بتنفيذ بناء الهرمية التنظيمية لها في لبنان، عبر تسمية أمراء لها في المناطق اللبنانية، وأنها سمّت أخيراً أميراً لمنطقة الشمال هو ك. ب.

وفي التفاصيل، أنه منذ أكثر من شهر، طلب القيادي الميداني المذكور في باكستان من شقيقه س. ك. التوجه الى بيروت لتسلّم أموال (نحو أربعين ألف دولار) من شخص كويتي في بيروت، في منطقة عين المريسة. وزوده برقم هاتف يستخدمه الأخير للتواصل معه. وبالفعل، حضر س. ك. والتقى الكويتي في مطعم في عين المريسة ببيروت وتسلم منه المبلغ. وبعد ذلك عاد س. ك. إلى طرابلس، حيث طلب منه شقيقه تسليم مبلغ الأربعين ألف دولار، وبالطريقة نفسها، الى شخص آخر. وأثناء عملية التسليم، تم توقيفه، وأحيل مع الشخص الذي حضر لتسلّم المال منه الى التحقيق، وتبين أن هذا الشخص هو أنس ع. (سوري الجنسية) المنتدب من قبل تنظيم القاعدة لمساعدة المعارضة السورية. وكان يفترض بأنس أن يسلم المبلغ الى مسؤول القاعدة في سوريا.
وتقول المعلومات المؤكدة إن شقيق س. ك. المقيم في باكستان طلب منه نقل رسالة الى اللبناني ك. ب. يعلمه فيها بأنه وفق خطة العمل الجديدة للقاعدة في لبنان، وانطلاقاً منه، فإنه تم تعيينه (أي ك. ب.)، أميراً للقاعدة في منطقة شمال لبنان.  

السابق
الاخبار: … وصار للعونيّين شارعهم
التالي
إتصالات خجولة