السفير: هيئة التنسيق: لا عودة إلى تصحيح المسابقات قبل إقرار السلسلة

لم يعد اللبنانيون يحتاجون إلاّ إلى نشرة طرق يومية، تدلهم إلى السالك والآمن منها، أو المحتمل قطعه أو المقطوع نهائيا، شمالا وجنوبا وبقاعا وجبلا وعاصمة، بعدما فقدوا الأمل بأهل سلطة جوفاء، وبدولة يتمسكون بها، سبيل نجاة من انفلات غرائز الطوائف والعشائر والمذاهب.
صار اللبنانيون بحاجة إلى نشرة كهربائية يومية تدلهم إلى موعد استراحة مولداتهم، أو إطفاء شموعهم، أو مغادرة ظلامهم، لمن يتعذر عليهم، ولو شراء شمعة واحدة.
ها هم اللبنانيون، وعشية شهر رمضان المبارك، يتذوقون مرارة أسعار بلا رقابة ولا رقيب، وبحور، صارت كلها ملك "مافيات" الشواطئ، وهواء مستباح بكل أنواع الملوثات، حاله كحال الغذاء والدواء والخبز، وزد على ذلك، موسم الشح في المياه في كل صيف، فكيف يعيش اللبنانيون وأي وعد يقدمونه لمن يرغبون بمشاركتهم عيشهم السعيد؟
مرّ لبنان بأزمة وطنية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي انتهت، على زغل، في مطلع التسعينيات، وبرغم النار والموت والتهجير والهجرة والنزوح والحواجز، بقيت الدولة، بقطاعها العام وليرتها ومؤسساتها الأمنية موحدة، وأخطر ما في الأمر، أنه في زمن السلم الأهلي الرجراج والمترنح، على إيقاع التداعيات السورية والانقسامات الوطنية، ثمة من يريد استهداف ما تبقى من الدولة.

ا هو الجيش يوضع في عكار بين نارين، لا بل هناك من يريد له أن يتحول إلى دشمة، فماذا إذا أطلق معارضون سوريون مسلحون النار من الأرض اللبنانية باتجاه الأراضي السورية، وهل بمقدور الجيش أن يرد عليهم، وماذا إذا أدى ذلك إلى سقوط ضحايا؟ ماذا إذا قرر الجيش اللبناني التصدي لقوة نظامية سورية تطارد مجموعة سورية مسلحة في نقطة حدودية مشتركة؟
لا أحد من أهل السلطة يملك جوابا. الأنكى من ذلك، أن الجيش يشعر، من خلال "وقيعة الكويخات"، أن هناك من يريد تزوير المعطيات والحقائق.. ولذلك قررت قيادته وضع النقاط على الحروف، من خلال بيان رسمي سيصدر في الساعات المقبلة، إلا إذا نجحت الضغوط في ثني الجيش عن قراره، وفيه يتم كشف وقائع من صلب التحقيق القضائي في حادثة الكويخات يكشف عنها للمرة الأولى.
وربما تسنى للبعض أن يضع علامة استفهام حول ما جرى، مساء أمس، من قطع للطرق بين بيروت وجونية، وخاصة حول دور قيادة الجيش، أو بعض قادة الأفواج والألوية، لكن قيادة الجيش التي سارعت إلى الإجابة من خلال فتح الطرق وإفشال محاولة الإيقاع بينها وبين أهالي الضباط والعسكريين الذين أعيد توقيفهم، ولاحقا لم تتردد في إبلاغ من يعنيهم الأمر بأن ما جرى "عبارة عن حركة اعتراضية عفوية رداً على مخالفات قانونية غير مسبوقة تتمثل في إعادة توقيف الضباط والعسكريين، وبرغم ذلك، نزل الجيش سريعا وفتح الطرق".
وقالت مصادر عسكرية لـ"السفير" إن الجيش لن يقبل بأن يوضع ضمن معادلة من معه ومن ضده من اللبنانيين، "وما حصل هو أن هناك قرارا غير قانوني بتوقيف ضباط وعسكريين في عملية حكومية التفافية على رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وبخديعة للعماد ميشال عون من خلال وزير العدل، الذي أبلغه أن التوسع في التحقيق يحصل بناء على معطيات جديدة في التحقيق ولا يقود بالضرورة إلى إعادة التوقيف، قبل أن تفاجأ قيادة الجيش بإعادة التوقيف في يوم عطلة قضائية".
يذكر ان تحركا مماثلا لما جرى على اوتوستراد صربا، تم ليلا في البترون، وأدى الى قطع الاوتوستراد في الاتجاهين، قبل ان يعيد الجيش فتحه، كما ان "التيار الوطني الحر" دعا الى تجمع اعتبارا من السادسة من مساء اليوم في محلة المتحف، وذلك "دعماً للجيش واحتجاجاً على استمرار توقيف الضباط والجنود".
اشتباك المياومين.. مستمر
وفي موازاة ذلك، شهد اعتصام مياومي وجباة الكهرباء تصعيداً في كل المناطق، وخصوصا في بيروت وجونيه ورياق، وذلك احتجاجاً على التأخير في عملية تثبيتهم في المؤسسة، وعلى عدم دفع رواتبهم المتأخرة.
وبدا لافتاً للانتباه التجمع الذي شهدته دائرة جونية، والذي استمر من الساعة الثامنة حتى الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً، لينفض بعدها من دون حدوث أي اشكال. كذلك قام المياومون في مبنى المؤسسة في كورنيش النهر، بإقفال كل الصناديق في صالة الزبائن. كما قطع المياومون والجباة، بالإطارات والحجارة، الطريق الدولية في رياق – بعلبك أمام مركز الدائرة بالاتجاهين، وافترشوا الطريق احتجاجاً على عدم تحقيق مطالبهم.
وبرز للمرة الأولى تحرّك مضاد للمياومين، قام به مناوئون لهم، توجهوا الى مبنى مؤسسة الكهرباء، واشتبكوا معهم وجرى تراشق بالحجارة والزجاجات قبل ان تتدخل القوى الأمنية لتفريق الجانبين.
غريب: لا عودة إلى التصحيح
من جهتها، أعلنت "هيئة التنسيق النقابية" إصرارها على توصيتها بالعودة الى مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية، وتنفيذ الإضراب في المؤسسات العامة كافة، اعتبارا من اليوم، في أعقاب موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أعلنه في "السفير" أمس، وأكد فيه ألاّ مبرر لوقف التصحيح.
ودفع تصريح ميقاتي، بـ"هيئة التنسيق" الى تأكيد موقفها الرافض لأي محاولة لفصل السلاسل بهدف شق صفوف القطاعات الوظيفية وضرب وحدة هيئة التنسيق النقابية، معتبرة يوم الثلاثاء (اليوم) "يوماً لوحدة العمل النقابي في لبنان، يوماً لوحدة هيئة التنسيق النقابية، يوماً تؤكد فيه دعوتها إلى الإضراب والاعتصام الساعة العاشرة صباحاً لموظفي القطاع العام مع مقاطعة الامتحانات الرسـمية تصحيحاً ونتائج اعتباراً من اليوم".
وقال رئيس "رابطة اساتذة التعليم الثانوي" وعضو "هيئة التنسيق" حنا غريب لـ"السفير" ألاّ عودة الى التصحيح ما لم يقر مجلس الوزراء مشروع سلسلة الرتب والرواتب، واعتبر أن قيمة ما يحصل اليوم "أننا أمام مشهدية وحدوية وطنية ونقابية وتضامنية غير مسبوقة وعلى الحكومة حمايتها بدل السعي الى شق هيئة التنسيق وتفتيتها".
وعلم أن رئيس الحكومة حدد موعدا لهيئة التنسيق عند الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر غد في السرايا الحكومية للبحث في مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب. مع الإشارة الى أن اللجنة الوزارية الخماسية المكلفة بالملف ستجتمع عند الساعة التاسعة والنصف من قبل ظهر اليوم في السرايا الكبيرة.
وستعرض محصلة الاجتماعين أمام مجلس الوزراء الذي سينعقد عصر غد في القصر الجمهوري في بعبدا .
سليمان إلى تركيا اليوم
من جهة ثانية، سلطت زيارة رئيس الجمهورية الى تركيا اليوم، الضوء مجددا على قضية الزوّار اللبنانيين الـ11 المخطوفين في سوريا، في ظل تقديرات بأن تحمل الزيارة نهاية سعيدة لهذه القضية. علما أن مصادر رسمية تحدثت عن إشارات إيجابية تلقاها الجانب اللبناني من دون ان تكشف ماهية هذه الإشارات، الا انها لفتت الى ان رئيس الجمهورية كان قد أكد قبيل زيارته الى باريس انه لن يزور تركيا إلا إذا لمس تطورات إيجابية جدية حول هذه القضية، ورد الأتراك بأنه عندما يحصل تطور إيجابي نحدد المواعيد.
وعلم أن الجانب التركي اتصل بعد ظهر أمس وقال ان مواعيد سليمان قررت اليوم ظهرا على التوالي مع كل من نظيره عبدالله غل ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الأمر الذي فسر إيجابا من الجانب اللبناني الذي يأمل بنهاية سعيدة لقضية المخطوفين قبل بداية شهر رمضان.
وفي ظل هذه الأجواء، يطل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في المهرجان الذي سيقيمه الحزب في الثامنة والنصف مساء غد الأربعاء في "ملعب الراية"، في الضاحية الجنوبية، لمناسبة الذكرى السادسة لانتصار تموز 2006"، حيث سيلقي خطابا وصف بـ"المهم جدا".   

السابق
قضية الأسير أكبر من قدراتي !
التالي
أسرار الضاحية الجنوبية داخل الفان رقم 4