جمهور المقاومة يبلع الموس

يبدو القلق جلياً على معالم جمهور حزب الله. يهاب فكرة «خسارة ذلك الغطاء الذي وفّرته الرابية في عدوان تموز وما بعده». فالأزمة السياسية التي تكبُر بين التيار الوطني الحر من جهة، وحزب الله وحركة أمل من جهة اخرى، أرخت بظلالها على هذا الجمهور.
يرى مؤيدو المقاومة أن «ما يحدث من مناكفات بين التيار الوطني الحرّ وكتلة الرئيس برّي، هو مسألة قلوب مليانة». بدأت القصّة «منذ عودة ميشال عون إلى لبنان، ووصلت إلى ذروتها خلال انتخابات عام 2009، ولا سيما في جزّين».
ووفقاً للورقة التي يتمسّك بها هؤلاء، فإنهم يرون علاقاتهم بالعونيين «استراتيجية». ورغم أن الحزب، كتنظيم، لا أولوية في حساباته تعلو فوق العلاقة مع «الأخ الأكبر»، فإن جزءاً من الجمهور يرى ورقة التفاهم «أهم من الارتباط بحركة أمل».
غير أن الأزمة الأخيرة المستجدّة تخطّت المتوقّع من خلال تصويب الفريق العوني مباشرة على حزب الله، وهو ما استغربه جزء كبير من الجمهور؛ إذ «طوال فترة التحالف مع التيار كان الحزب يدفع من رصيده الشعبي والسياسي للحفاظ على التحالف، فيما لجأ التيار تحت وطأة الضغوط السياسية والحصار الخدماتي الذي يتعرّض له في الحكومة والمجلس واللجان النيابية إلى هز العصا لحزب الله، عبر مسألة المياومين».
لم يعُد خافياً على أحد أن «الأزمة السياسية الراهنة ليست قصّة مياومين». لا يكفي «الأوتوستراد المفتوح بين الضاحية والرابية». تُحبّذ القاعدة «المقاوِمة» لو «يضع فريقها خريطة طريق مسبقة، تجنّب الحلف مثل هذه الخضات في المستقبل».
تتمنى أن يصار إلى «المحافظة على هالة المقاومة وقدسيتها، بعيداً عن البازار السياسي»، وخصوصاً أنها «شعرت للوهلة الأولى نتيجة لخطابات المسؤولين في التيار الوطني الحر، بأن عون دخل في سياق استهداف المقاومة إلى جانب 14 آذار». خلق ذلك «حالة من الاستياء الشديد»، وخصوصاً بعد «كلام الوزير جبران باسيل عن المقاومة والفساد».
لا تمُر أخبار الاجتماعات التي يعقدها وزراء ونواب من التيار إلى جانب قوى مسيحية من 14 آذار، مرور الكرام. عند كل خبر من هذا النوع تشعر القاعدة الشعبية لحزب الله بأن «التيار ينفّس غضبه السياسي مع برّي، عبر الحزب، في محاولة منه للضغط على الأخير ودفعه إلى أخذ موقف محدد، رغم أن هذا الموقف سيهدّد حتماً العلاقة بين «أهل البيت الواحد»، أي حزب الله وحركة أمل».
تبدو القاعدة مستعدة «لبلع الموس مرّة جديدة»، على غرار ما فعلت لدى إطلاق العميد فايز كرم المحكوم بالعمالة لإسرائيل.
لكن هذا الواقع لا يترجم حرفياً في الضفة الأخرى، أي عند القاعدة الشعبية لحركة أمل. تبدو هذه القاعدة أكثر تمسكاً بقدسية زعيمها الأوحد، الرئيس برّي الذي «لا يحقّ لأحد التطاول عليه». تبدو هذه الفئة بعيدة عن ورقة التفاهم. هي لا تعنيها في كثير من الأحيان. في السياق السياسي العام، والنهج السلحفاتي للعمل الحكومي والمؤسساتي، تصرّف برّي «بنهج لبناني»، أي على قاعدة «جود من الموجود»، فيما التيار «يريد أن يصحّح مسار الدولة عبر ملف المياومين».
تبدو القضية لأنصار بري متمحورة حول سؤال واحد: «من يفرض كلمته؟». تذهب القاعدة بتحليلها أبعد من ذلك. لا تحصر المشكلة بموضوع المياومين. «ثمة من أدرك في التيار أن السياسة الحالية لا يُمكنها أن تدوم». يرى أنصار أمل أنهم «بدأوا يراجعون حساباتهم تحسباً لتغيير مجرى الأمور في غير مصلحتهم».
الكثير من التباينات تظهر في تحليل القواعد الشعبية لحزب الله وحركة أمل. ترى الأولى أن «الحزب محشور بين بري وعون». تقنع نفسها بأن «الأمور هي في طريقها إلى الحل»، فيما تعترف الثانية بعدم تمسكها بالتحالف: «فليضرب عرض الحائط، إذا كان عون سيستخدمه لإذلالنا»!

السابق
العنكبوت يتصدر في بريطانيا
التالي
ربُّ المذبحة