عندما يشيد نصرالله بعون

منذ لحظة افتعال الوزير جبران باسيل أزمة المياومين وهجومه على "حزب الله" من زاوية وقوفه على الحياد، فيما يفترض أن يكون، وفق باسيل، مع الإصلاح لا الفساد، لم يصدر عن الحزب أي موقف علني باستثناء محاولات كواليسية لاستيعاب هذه الأزمة وقراءة أبعادها، إلى أن قال السيد حسن نصرالله كلمته مؤكداً أن "حلف "الحزب" و"التيار" ثابت ولا يمكن فكّه".
فالموقف الصادر عن السيد نصرالله مفتعل ومسرّب عن سابق تصوّر وتصميم، ويؤشر إلى أن الأزمة بين الطرفين جدية، وقد استدعت تدخّل السيد شخصيا من أجل وضع حد لها، عبر إعطاء الضوء الأخضر للشروع في معالجات تعيد تصويب الأمور بين الطرفين. ولا بد في هذا السياق من مقاربة شكل الرسالة ومضمونها.

أولا، في شكل الرسالة التي تحمل في طياتها رسائل عدة وصارمة في كل الاتجاهات وتؤكد على الآتي:

أ- "السعي إلى حلّ أزمة المياومين".

ب- "الحلف بين "حزب الله" والعماد ميشال عون هو "حلف ثابت ولا يمكن فكّه".

ج- "ضرورة "حلّ الخلاف الحالي، وتطوير العلاقة إلى مستويات أفضل".

د- "ثبات التحالف بين "حزب الله" وحركة "أمل".

هـ- "إيجاد الحلول لأيّ خلاف يَطرأ بين أمل والتيار".

ثانيا، في مضمون الرسالة لم يكتف السيّد بالسعي لحلّ الأزمة، بل تكلم عن تطوير العلاقة، بمعنى إعطاء إشارة أنه على استعداد للاستجابة، من الآن وصاعدا، لكلّ الطلبات العونية، لأنه ما المقصود بالتطوير غير إرضاء رغبات التيار السلطوية؟

وفي موازاة ذلك تمسّك الحزب بالتحالف مع عون وأمل، ووضع نفسه وسيطاً بين الطرفين بُغية "إيجاد الحلول لأيّ خلاف يطرأ بينهما".

في الخلاصة الأولى أن ما قبل موقف السيد غير ما بعده، وعلى كل الأطراف (والمقصود هنا عون – باسيل تحديدا) أن تعيد حساباتها، الأمر الذي يعني "عودة الابن الشاطر"، وإلّا سيبنى على الشيء مقتضاه. فأن يتدخل السيد شخصيا، ليس بالمسألة التفصيلية، و"اللبيب من الإشارة يفهم".

وفي الخلاصة الثانية أن التحالف بين الحزب والتيار هو خط أحمر ممنوع المساس به، خصوصا في هذه اللحظة السياسية التي بدأ يشعر فيها الحزب بأنه "نتيجة سياسته الحكيمة" بات مطوّقاً من الخارج والداخل، وهو ليس بوارد الانكفاء إلى المربّع الشيعي في حال رفع عون الغطاء المسيحي عنه، لأنّ هذا الانكفاء يحوّله معزولا، ويؤدي إلى كشفه، ويفرض عليه التنازل سياسيا.

وفي الخلاصة الثالثة أن كلام السيد موجّه إلى عون بالمباشر، لجملة أسباب أهمها:

1- لا يوجد أي طرف في 14 آذار يسعى إلى إغراء عون من أجل دفعه للانفصال عن "حزب الله"، أو يحاول ترهيبه (علماً أن هذا الأسلوب معتمد من قبل الحزب وحده) للفكّ عن الحزب.

2- لا يوجد أي طرف في 14 آذار يريد فصل عون عن الحزب بعد أن أصبح فكّه غير مفيد إلّا لعون نفسه، فيما المطلوب استمراره في هذا التحالف للقضاء عليه انتخابيا – سياسيا بعد سقوط النظام السوري، وبالتالي جعل هذا النموذج درساً لكلّ من يحاول التقلّب بسياسته على حساب المبادئ والثوابت والمسلمات، خصوصا أن الصورة مع "التيار الوطني الحر" اليوم مسيئة إلى المسيحيين بعد الدور الذي أدّاه ولا يزال بتغطية النظام السوري وسلاح "حزب الله"… إلّا اللهم في حال رفعه الغطاء عن الطرفين، فلكلّ حادث حديث.

3- من افتعل أزمة المياومين وحوّلها إلى منصة لاستهداف الحزب هو جبران باسيل نفسه، وليس 14 آذار، في سياق "موّال" يتجاوز هذه القضية إلى إعادة التموضع السياسي استباقاً للتطورات السورية المحتومة، أو أقله التموضع على قاعدة "إجِر في البور (التمايز داخليا مع الحزب لجذب أصوات مسيحية) وإجِر في الفلاحة (التمسّك بخيارَي المقاومة والنظام السوري).

4- من يريد الفك هو العماد عون ورسالة السيّد موجهة إليه بالمباشر: "لا يمكنك فك التحالف".

السابق
قضية الكويخات: السلطة تؤذي الجيش
التالي
من عكّار إلى الحدود السورية: هذه هي قواعد الاشتباك