دروس حرب تموز 2006

لا تزال حرب تموز 2006 موضع جدل وخلاف كبيرين داخل إسرائيل، بين من يعتبرها حرباً فاشلة أخفقت في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية على حد سواء لأنها ساهمت في زيادة الترسانة الصاروخية التي يملكها "حزب الله"، وعجلت في سيطرته السياسية على لبنان، ومن يرى أنها نجحت في ردع "حزب الله" واقامت نوعاً من توازن رعب يظهر جلياً في الهدوء الذي يسود الحدود مع لبنان منذ وقف النار في آب 2006 حتى اليوم.
لكن الأكيد أن هذه الحرب دفعت المسؤولين الإسرائيليين الى اعادة تفكير جدية في عقيدتهم العسكرية وخصوصاً في ضوء الحقائق الأساسية التي كشفتها هذه الحرب وفي طليعتها تحول الجبهة الخلفية للسكان المدنيين في إسرائيل هدفاً للصواريخ القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً لمبدأ أساسي يجعل الدفاع عن المدنيين في رأس الأولويات الأمنية. فإذا بحرب 2006 تضع الجبهة الداخلية الإسرائيلية على المحك، وتظهر مدى انكشافها أمام خطر الصورايخ التي يملكها "حزب الله".
أما الحقيقة الثانية، فهي عجز سلاح الجو الإسرائيلي وحده عن حسم المعركة من دون تدخل القوات البرية والمدرعة. إذ لطالما تباهت إسرائيل بتفوقها الجوي الكبير على أعدائها، لكن حرب 2006 اثبتت استحالة حسم المواجهات العسكرية وحتى اسكات مرابض الصواريخ بالغارات الجوية وحدها وضرورة الاعتماد على سلاحي المدرعات والبر.
الحقيقة الثالثة، أن ما يحسم القتال على الأرض ليس التقدم التكنولوجي بالغاً ما بلغ من التطور والتقدم. فالحرب تدور في أرض المعركة وليس في الفضاء الافتراضي للأجهزة المتطورة، وبالغاً ما بلغت نسبة التقدم التكنولوجي للجيش الإسرائيلي فإن هذا لا يشكل بديلاً من الاعداد القتالي للجنود الإسرائيليين للمواجهات التي تعتمد على القدرة على الصمود والمواجهة وجبه المخاطر.
من هنا فإن التحدي الأكبر الذي تواجهه إسرائيل اليوم هو كيفية حماية جبهتها الداخلية من الهجمات، سواء عبر تطوير خطط هجومية للقضاء بسرعة على الترسانة الصاروخية التي يملكها "حزب الله"، وجمع أكبر قدر من المعلومات الاستخبارية عنها، وتطوير منظومات دفاعية متطورة قادرة على اعتراض هذه الصواريخ قبل وصولها.
في إسرائيل اليوم من يرى ان خطر الترسانة الصاروخية التي لدى "حزب الله" بات يشكل "وضعاً لا يحتمل، ولا يمكن التعايش معه"، كما قال وزير الدفاع السابق موشي أرينز في مرور ستة أعوام على حرب تموز، وخصوصاً في ظل تهديد إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، ورد إيراني مشترك مع "حزب الله" على ذلك.  

السابق
ارقام الموازنة: لمن يفهمها
التالي
طائرات سورية تخترق المجال الجوى لتركيا 5 مرات