النهار: التصعيد السوري يُسابق خطة نشر الجيش سليمان في الأليزيه يحذر من تمدد الحريق

وسط تحركين ديبلوماسيين بارزين يتصلان بالوضع في لبنان، تمثل أولهما في لقاء رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في باريس، وثانيهما في زيارة مساعد وزيرة الخارجية الاميركية وليم بيرنز لبيروت، أثارت جولة جديدة من التصعيد السوري للاعتداءات على الحدود اللبنانية – السورية الشمالية والشرقية مزيدا من المخاوف على المنطقة الحدودية وامتداداتها في ظل تمادي هذه الاستباحة من دون أي رادع.
واتخذ هذا التصعيد أبعادا شديدة الخطورة مع توسيع رقعة البلدات والقرى اللبنانية التي استهدفت بقصف مدفعي وصاروخي سوري أوقع ستة جرحى بينهم أربعة أطفال، إذ تحول المحور الشمالي من الحدود طوال ليل الاربعاء – الخميس جبهة مشتعلة بزخات من قذائف الهاون والرشقات النارية الثقيلة. كما انهمرت قذائف الهاون مع ساعات الفجر على مناطق في عمق عكار للمرة الاولى وطاولت قرى كالدوسة والكواشرة وطريق الكويخات – البيرة وتجاوز عددها السبعين. وأثارت هذه الاعتداءات موجة ذعر واسعة بين الاهالي تسببت بنزوح كثيف عن المنطقة، وعلمت "النهار" ان النزوح لم يعد يقتصر على البلدات الحدودية بل بدأ يتسع الى بلدات وقرى في معظم انحاء عكار.
ولعل الاخطر في التصعيد السوري انه تزامن مع استعدادات جارية لنشر الجيش اللبناني على الحدود مما أثار تساؤلات وشكوكا في اوساط معنية عن مغزى هذا التصعيد وأهدافه.
وعلمت "النهار" في هذا السياق أن عملية انتشار الجيش ستبدأ في الساعات الـ48 المقبلة وعلى مراحل، وفقا للخطة التي أعدتها قيادة الجيش والتي يتوقع أن يستمر تنفيذها لاستكمال عملية الانتشار زهاء عشرة أيام. ويشارك في عملية الانتشار ما يزيد على سبعة آلاف جندي من ألوية وأفواج عدة، على ان يشمل تمركز الجيش زهاء 52 نقطة على طول الحدود من العريضة الى النبي بري حيث الحدود الفاصلة بين عكار وبيت جعفر في البقاع على امتداد اكثر من مئة كيلومتر.
واسترعى الانتباه في سياق الوضع الميداني على الحدود ان الجانب السوري شرع أمس في رفع سواتر ترابية من نقطة الدبوسية الحدودية وصولا الى العريضة. كما ان القصف السوري طاول بلدة طفيل اللبنانية في شرق بعلبك.

سليمان وهولاند

على صعيد آخر، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مساء أمس انه أكد لنظيره اللبناني ميشال سليمان "دعم فرنسا الكامل" للبنان في هذه "المرحلة الصعبة". وقال للصحافيين في باحة قصر الاليزيه في ختام لقاء وعشاء عمل مع الرئيس سليمان: "أكدت له دعم فرنسا الكامل في هذه المرحلة الصعبة نظرا الى ما يحدث في سوريا". وأضاف: "نقدم دعمنا الكامل للتحرك الذي يقوم به مع الحكومة (اللبنانية) من أجل وحدة لبنان وسلامة أراضيه وتطوره"، مشيرا الى أن وجود القوة الدولية في الجنوب التي تشارك فيها فرنسا "يمثل بالنسبة الينا وسيلة كي نثبت للبنان هذا الدعم".
وافاد مراسل "النهار" في باريس سمير تويني ان الرئيسين عقدا خلوة استمرت 45 دقيقة بدل 15 دقيقة كانت مقررة، الامر الذي عكس اجواء الارتياح بينهما. وقال الرئيس سليمان لدى خروجه من الاليزيه ان هولاند "كان مطلعا على كل المواضيع التي ناقشناها، الاقليمية منها والثنائية، موضحا ان الرئيس الفرنسي "طمأنه في ما يتعلق باستمرار الدور الفرنسي في اليونيفيل والتزام فرنسا حيالها".
واضاف: "ان الوضع في لبنان ليس كما يشيع البعض على ابواب حرب اهلية"، مؤكداً ان الاحداث التي تحصل "هي تحت السيطرة". لكنه حذر من ان "الحريق في سوريا سيصل الى لبنان اذا استمر الوضع على حاله".
ودعا الافرقاء اللبنانيين الى "تخفيف اللهجة الاتهامية والتخوينية في شأن الوضع في سوريا". وأكد ان "النأي بالنفس هو موقفنا وهو لمصلحة لبنان. وقلنا للفرنسيين اننا ضد اي عملية عسكرية في سوريا لانها ليست لمصلحة الديموقراطية". وعن الاحداث في عكار قال: "نحن ندين هذه الاحداث ونعالجها". ورأى انه "لا يحق لسوريا ان يدخل جيشها لبنان ما دام في لبنان سلطة وجيش". واعلن انه دعا الرئيس الفرنسي لزيارة لبنان ونقل عن هولاند استعداده للقيام بهذه الزيارة.

بيرنز

في غضون، ذلك بدأ مساعد وزيرة الخارجية الاميركية وليم بيرنز زيارة سريعة لبيروت تستمر 24 ساعة. و استهلها بلقاء رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في السرايا مساء امس في حضور السفيرة الاميركية مورا كونيللي. وتناول اللقاء التطورات الراهنة في لبنان والمنطقة. وعلى رغم الكتمان الذي احيطت به المحادثات، علمت "النهار" ان المسؤول الاميركي شدد على ضرورة تجنب لبنان انعكاسات الازمة السورية على استقراره، مؤكدا دعم بلاده القوي لنشر الجيش على الحدود اللبنانية – السورية بما يعنيه ايضا من تطبيق لمندرجات القرارين 1701 و1559. وكرر دعم بلاده للجيش واستعدادها الدائم لمده بالمساعدات. كما تناول اللقاء موضوع الالتزامات اللبنانية في القطاع المصرفي. واثنى بيرنز على التزام الحكومة تمويل المحكمة الخاصة بلبنان. ويتوقع ان يستكمل بيرنز لقاءاته اليوم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ثم مع رئيس الجمهورية فور عودته من باريس.

ميقاتي وبري

وكان ميقاتي كرر رده في جلسة مجلس الوزراء العادية أمس على ما وصفه "بحملات الانتقاد والتجريح والتشكيك"، فحمل على "السياسات الضيقة التي يغلفونها بشعارات يحاولون من خلالها دغدغة عواطف اللبنانيين غير آبهين بما تسببه من انعكاسات سلبية وتداعيات".
وعلمت "النهار" ان الرئيس ميقاتي اجرى اتصالا برئيس مجلس النواب نبيه بري واطلعه على اجواء جلسات الحكومة. واشاد بري بعمل الحكومة قائلا "هكذا يكون العمل". وقال لـ"النهار" ان "الحكومة تسير وفق الخطة التي رسمت لها وثمة ارتياح مشترك الى اقرار الموازنة في مجلس الوزراء وان عمل الحكومة جيد وخصوصا في الآونة الاخيرة والامور تتجه الى الامام بوتيرة جيدة ويبقى المهم الا تتراجع".

السنيورة وجعجع

في المقابل، علمنا ان لقاء جمع أمس رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع اكتسب دلالة مهمة، على صعيد التنسيق بين مكونات قوى 14 آذار ومعالجة بعض الامور التي طرأت في الآونة الاخيرة.
وقد استمر اللقاء ساعات بحث خلالها السنيورة وجعجع في كل التطورات التي حصلت منذ جلسة مجلس النواب الاخيرة التي نشأت عنها مشكلة مقاطعة كتل نيابية في المعارضة و"تكتل التغيير والاصلاح" للجلسة على خلفية قانون تثبيت المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان. وفهم ان اللقاء تناول تنسيق المواقف للمرحلة المقبلة وان البحث اتسم بتطابق تام في وجهات النظر انطلاقا من التعقيدات التي تشهدها المرحلة الحالية. كما تطرق البحث الى الوضع الامني وملف محاولات الاغتيال وموضوع "الداتا"، وملفات اخرى بما فيها العلاقة بين مكونات 14 آذار.

السابق
الاستنفار بالمطار لوصول طائرة تقل محمد السبع الذي اتهم بالعمالة
التالي
السفير: سليمان يلتقي هولاند: لا عملية عسكرية سورية شمالاً