ارقام الموازنة: لمن يفهمها

في كلِّ مرة تُتّخذ فيها قرارات تتعلَّق بالأرقام، سواء أكان ذلك في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب، فإن قلة من الناس يستطيعون مواكبة هذه الأرقام، جل ما يعرفونه أنهم سيكونون على موعد مع ديون جديدة ستُلقى على عاتقهم.

في جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع، التي أُقِرَّت فيها الموازنة، وأُحيلت على مجلس النواب لمناقشتها والمصادقة عليها، كَبُرَت الأرقام بحيث أن السؤال الأول، لدى قراءتها، كان:
ومن أين ستأتي الأموال لتغطيتها؟
الأرقام إرتفعت كثيراً بالمقارنة مع آخر الموازنات التي تمّ إقرارها في الأعوام الماضية، فقد استقرت النفقات العامة للموازنة عند نحو 21 ألف مليار ليرة، أي ما يقارب ال14 مليار دولار، وهو الرقم الذي استقرت عليه الموازنة، وذلك في مقابل إيرادات تُقدَّر بنحو 15900 مليار ليرة، واحتساب الإيرادات يستند إلى أرقام العام 2011، مع تعديل بعض الرسوم على الكماليات، بما يحقق عائدات إضافية بحوالى 600 إلى 700 مليار ليرة.

وفي مقارنة بين النفقات والإيرادات، فإن العجز لهذه الموازنة سيكون نحو 5700 مليار ليرة، أي ما نسبته 26.6 بالمئة.

أما في ما يتعلق بكلفة خدمة الدين العام فقد قدرت بنحو 5400 مليار ليرة، أي ما يوازي 25.5 بالمئة من إجمالي النفقات، وهو مبلغ قريب من حجم كلفة العام 2011.
ما هو خطيرٌ في أرقام الموازنة ان العجز الناجم عن النفقات المقدرة لكهرباء لبنان يُقدَّر بنحو 2800 مليار ليرة أي قرابة الملياري دولار.
هذه الارقام اوردناها تماماً كما صدرت بمقررات مجلس الوزراء ومن لم يفهم هذه المليارات فليتقدم بالسؤال الى مجلس الوزراء مجتمعاً.
السؤال هنا:
إلى متى سيبقى هذا النزف على قطاع يهدر ولا يوفِّر أي قرش للدولة؟
فقطاع الكهرباء في لبنان تحوَّل إلى الثِقل الأبرز سواء على جيب المواطن أو على خزينة الدولة، هذا الهاجس سيبقى قائماً طالما لم تتوضح مسألة بواخر التوليد وإنشاء المعامل والإلتباس القائم حول مسألة الصيانة التي كلَّفت خزينة الدولة مئات الملايين من الدولارات، ذهبت لمصلحة شركة خاصة من دون أن تكون الصيانة على قَدْر ما تستحقه المعامل.

أما مسألة سلسلة الرواتب للقطاع العام، فقد تقرر أن تُنجز بقانون منفرد وخاص، وذلك لئلا تؤدي عرقلتها إلى تطيير الموازنة ككل، وهذا ما سيؤدي إلى تمويل كلفة هذه السلسلة من ضرائب تحدد بقوانين منفردة. وفي ما يتعلق بالضرائب الجديدة التي تضمنتها الموازنة فهي عبارة عن زيادة رسوم كانت موجودة وأبرزها الرسوم على التبغ والسيارات الفخمة التي يفوق سعرها 35 ألف دولار، ورسوم الكماليات أيضاً.

لقد قَبِل وزير المالية محمد الصفدي التحدي فقدَّم الموازنة، ويبقى على رئيس الحكومة أن يدافع عنها في مجلس النواب لا ان ينأى بنفسه عن هذه المدافعة، وله سوابق في مجال النأي بالنفس.  

السابق
نزعة الشعوب العربية إلى العيش الطبيعي
التالي
دروس حرب تموز 2006