اللواء : موازنة 2012 تقاصص الموظفين والجيش ولا تعالج الخلل المالي

نظرياً، أقرت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في جلسة امتدت لاكثر من ست ساعات، موازنة العام 2012 بموادها المائة وخمس، بعدما حذفت مواد المحكمة الدولية، وامتنعت عن فرض ضريبة الـ2 في المائة التي سبق واقترحها وزير المال محمد الصفدي الذي غاب عن الجلسة، على القيمة المضافة، لكن المفاجأة ان سلسلة الرتب والرواتب لم تلحظ الموازنة انفاقاً لها، وكذلك تمويل الجيش والخطة الاستشفائية العامة، الامر الذي حمل هيئة التنسيق النقابية الى وقف تصحيح الامتحانات الرسمية مؤقتاً وعقد اجتماع لمناقشة الموقف، فيما كان الاجتماع التقني – الامني في ما خص "داتا" الاتصالات ينهي مشكلة طرحت بقوة في ضوء محاولات الاغتيال التي طاولت رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والنائب بطرس حرب، واعطيت الاجهزة الامنية ما طلبته من "الداتا" مع تحفظ على اعطاء IMSI الا وفق ضوابط مراعاة لخصوصية اللبنانيين، كل ذلك باشراف الهيئة القضائية المعنية.
وفيما سجل وزير تيار "المردة" سليم كرم وهو من الحصة العونية في الحكومة، اعتراضاً على الموازنة وانسحاباً من الجلسة على خلفية حصة تنمية زغرتا اسوة بطرابلس، معلناً انه لم يصوت على الموازنة التي اعتبرها اعلام حزب الله (المنار) انجازاً، خلافاً لما كان يحصل إبان حكومات ما وصفه "بالتركة الثقيلة"، وعلى قاعدة ان تأتي متأخراً افضل من ألا تأتي ابداً.
إلا ان المسألة لم تنته بالتصديق على ارقام الموازنة النهائية على ان تقوم وزارة المال، بادخال التعديلات اللازمة في ضوء المناقشات، على ان تعلن فور الانتهاء منها – والكلام للرئيس نجيب ميقاتي-.
ورأت اوساط مالية ان الموازنة كرست الامر الواقع المعمول به في ضوء جمع موازنة أرقام 2005 إلى الانفاق الذي اقره مجلس النواب مؤخراً، مع إبقاء أرقام التمويل غامضة في أكثر من بند.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـ"اللواء" في تعليق أولي له على مشروع الموازنة من دون سلسلة الرتب والرواتب انه كان من الأفضل أن تتضمن سلسلة الرتب والرواتب وتخفيض الانفاق الآخر، خصوصاً وأن هناك مجالات كثيرة لخفض الانفاق، مشيراً إلى أن هذه الموازنة لا تفي بالواجب ولا تعالج ولو جزئياً الخلل المالي، معتبراً انها زادت الأمور سوءاً، والحكومة لجأت إلى الحل الأسرع والعجز لم يزل كبيراً (3 مليارات دولار) من دون أن تفعل شيئاً بشأنه. اذ انها اوقعت ضحايا إذ قاصصت الموظفين في القطاع العام فيما الهدر والفساد مستمرين.
وأضاف حبيقة: إذا خيرنا بين إقرار موازنة أو الاستمرار بلا موازنة أفضل الأولى، لكن إذا دعيت للتصويت على هذه الموازنة اصوت ضدها لأنها ليست على المستوى المطلوب ومخيبة للآمال.
وأوضح مصدر حكومي أن سقف العجز في الموازنة بلغ 5586 مليار ليرة، وانه تمّ تخفيض النفقات وسحبت كل المقترحات الضريبية لمصلحة سلسلة الرتب والرواتب التي بلغت كلفتها 2256 مليار ليرة، التي وضعت في مشروع قانون خاص، ستجري مناقشته لاحقاً ضمن الحكومة.
ولاحظ المصدر انه يجري العمل حالياً في وزارة المال على وضع مشروع خاص بقطع حساب الموازنة عن كل السنوات السابقة، وأن وزير المال وعد بإنجاز قطع الحساب خلال شهر أيلول المقبل، مشيراً إلى صعوبة إقرار الموازنة في مجلس النواب من دون قطع الحساب.
وتخلل الجلسة الماراثونية لمجلس الوزراء، سجال قوي بين وزير البيئة ناظم الخوري والوزير نقولا فتوش على خلفية المهل الإدارية للكسارات، ومناوشات بين الأخير ووزراء تكتل "الاصلاح والتغيير".
تمويل المحكمة
على أن المفاجأة الكبيرة تمثلت بطلب رئيس الحكومة من الوزراء، لدى الوصول إلى بند تمويل المحكمة الدولية، بسحب هذا البند، لأن دفع حصة لبنان عن العام 2012 قد حصل على غرار العام الفائت، لكن أحداً من الوزراء لم يسأله عن هذا الأمر، فيما أوضح الرئيس ميقاتي بعد انتهاء الجلسة أن التمويل تم صباح اليوم (امس) من دون أن يشير عما إذا كان هذا الأمر تم عبر الهيئة العليا للإغاثة أو من خلال مصرف لبنان. وقد أكدت المحكمة لاحقاً أنها تسلّمت مساهمة لبنان في ميزانية العام 2012 من الحكومة اللبنانية التي حوّلت مبلغاً قدره 26.927270 يورو، أي ما يعادل نسبة 49 في المائة من ميزانية المحكمة، لحساب المحكمة المصرفي.
وتوجهت المحكمة الخاصة بلبنان بالشكر لحكومة لبنان على مساهمتها للعام 2012 والتزامها المستمر بعمل المحكمة.
وأشار الرئيس ميقاتي إلى أن وزير المال وضع بند تمويل الحكمة في مشروع الموازنة، لأنه لم يكن قد تم تحويل المبلغ، معتبراً أن الحكومة وفت بوعدها بالتصديق على أرقام الموازنة النهائية قبل نهاية شهر تموز، متمنياً أن تأخذ دورها الطبيعي في مجلس النواب، وأن تناقش سريعاً في اللجان المختصة ويقرّها الجلس في أسرع وقت ممكن.
وقال: "نحن قمنا بواجبنا، ولا يظن أحد أن هذا النقاش الذي امتد لساعات كان سهلاً، لأننا دخلنا في تفاصيل كل مادة وألغينا الكثير من البنود، خصوصاً بعض الأمور الضرائبية التي كان طرحها وزير المال، وفي الوقت ذاته حافظنا على المستوى المطلوب من العجز بالنسبة إلى أرقام الموازنة وبالنسبة الى الناتج المحلي".
وأكد أن بعض الرسوم وضعت، ولكن ليس لها أثر كبير على معيشة المواطنين أو على الحركة الاقتصادية في البلاد.
وكشف الرئيس ميقاتي أنه ترأس قبل جلسة مجلس الوزراء اجتماعاً ضم الهيئة القضائية المكلّفة بموضوع "داتا" الاتصالات والأمنيين، وأن هؤلاء خرجوا راضين من النتائج التي توصلنا إليها.
"داتا" الإتصالات
وقال مصدر واسع الاطلاع لـ "اللواء" ان الاجتماع التقني – الأمني، أدى الى تثبيت الاتفاق الذي سبق ان حصل بين الهيئة القضائية العليا وممثلي الأجهزة الأمنية في حزيران الفائت، وتاليا تخطي الحملة الإعلامية الموجهة التي شنت في الايام الاخيرة، مع ضرورة سحب هذا العنوان من التداول الإعلامي والسياسي بعدما شكا أمنيون مشاركون في الاجتماع من تأثير هذا التداول العلني في شأن امني على عمل اجهزة مكافحة الجريمة على اختلاف أنواعها.
ولفت المصدر الى ان الاجتماع خلص الى تأكيد مرجعية الهيئة القضائية في كل ما يخص بت طلبات الأجهزة الأمنية، على مستويي الدلتا والـall data وكذلك على مستوى الـIMSI الذي سيبقى إعطاؤها محصورا في حالات محددة نظرا الى تعقيداتها الأمنية وتأثير أباحتها من دون سقوف على خصوصية اللبنانيين.
وأشار الى ان الخلاصات التي توصل اليها الاجتماع أراحت على حد سواء رئيس الحكومة والهيئة القضائية وممثلي الأجهزة الأمنية، وهي ذاتها التي سبق ان اتفق عليها في اجتماع الهيئة مع الأجهزة في بداية حزيران الفائت، لجهة تحديد المعايير واحترام الآلية المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء رقم 47 تاريخ الاول من شباط الفائت وكذلك احترام مندرجات القانون 140 (صون حرية التخابر).
وأوضح ان هذه الخلاصات التي اتفق عليها جميع المشاركين في الاجتماع من دون استثناء بمن فيهم ممثلو الأجهزة الأمنية، يمكن تلخيصها بالاتي:
1-الاستمرار في إعطاء حركة الاتصالات كاملة على كل الاراضي من دون الـIMSI.
2-إعطاء الـIMSI في الحالات المحددة في المعايير المتفق عليها، وفق ضوابط شديدة الصرامة احتراما لخصوصية اللبنانيين.
3-الاستمرار في إعطاء الداتا المحددة (مناطقيا او عدديا او زمنيا …) عندما تطلبها الأجهزة الأمنية.
4- تأكيد الثقة بالهيئة القضائية كمرجع صالح ووحيد لبت طلبات الاجهزة الأمنية.
5- تحييد موضوع الداتا عن التداول الإعلامي والسياسي ووقف الحملات الممنهجة.
سليمان في باريس
ووسط عجقة الارقام الحكومية وتجاذبات "الداتا" بدأ رئيس الجمهورية ميشال سليمان زيارة عمل رسمية إلى باريس وصفتها بالمهمة كونها ستشكل فرصة للتأكيد على علاقات الصداقة العميقة بين البلدين.
واكدت في بيان ان الرئيس الفرنسي هولاند سيعرض مع نظيره اللبناني اليوم للازمة السورية الخطيرة ونتائجها المقلقة على المنطقة، حيث يفترض ان يجدد هولاند تأكيد الاهمية التي توليها فرنسا للاستقرار والامن في لبنان في ظل الازمة السورية ويجدد ايضاً دعم فرنسا لمبادرة الرئيس سليمان المتعلقة بالحوار الوطني في لبنان ودعم فرنسا لمهمة قوات اليونيفل.
اما ممثلو "التيار الوطني الحر" والقوات اللبنانية والكتائب فما زالوا ينتظرون مبادرة من رئيس المجلس نبيه بري، تعيد بنظرهم تصويب الاداء المجلسي وواقع الادارة، معتبرين ان ذلك يجب ان يظهر في خطوة ما تتعلق بقضية المياومين في كهرباء لبنان.
وانطلاقاً من هذه المسألة تابع ممثلو هذه القوى الثلاث لقاءاتهم التنسيقية، وكان اخرها لقاء عقد ليل الثلاثاء – الاربعاء في النعص – بكفيا لدى النائب سامي الجميل، انضم اليه لاحقاً الوزير جبران باسيل بعدما كان حضره النائبان ابراهيم كنعان (عن التيار الحر) وجورج عدوان (عن القوات).
وكشفت مصادر المجتمعين ان التنسيق بين هذه القوى المسيحية سيمتد الى عناوين اخرى مثل تملك الاجانب وقانون الانتخاب وضمان الشيخوخة واكتساب الجنسية للمتحدرين من اصل لبناني والتصويت الالكتروني في مجلس الدولة، باعتبار ان هذه الخطوات تساعد في بناء الدولة، مستغربين حديث البعض بأن يكون تحركهم طائفياً، مشيرين الى ان الاولوية بالنسبة اليهم هو تنظيم عمل مجلس النواب.  

السابق
الأنوار: الحكومة تقر الموازنة وتوزع مشاريع المناطق على الوزراء
التالي
الأخبار : نصر الله: عون حليفنا الثابت