السفير: المحكمة الدولية تستلم حصتها الموازنة تُعيد للحكومة ” توازنها “

أقرت الحكومة أمس مشروع قانون موازنة العام 2012، كما أحاله وزير المالية محمد الصفدي، من حيث الأرقام، مسحوبة منه كل الضرائب الجديدة، من زيادة ضريبة القيمة المضافة، إلى زيادة الضريبة على فوائد الودائع المصرفية، بما يخفف الضغط على المستهلك من جهة، والقطاع المصرفي والقطاعات الاقتصادية من جهة ثانية.
وتُعتبر الخطوة بمثابة إنجاز مهم للحكومة، لعله جاء في الوقت المناسب لها، لإنعاشها ببعض جرعات "الأوكسيجين"، بعد مرحلة "الجفاف" التي عانت منها، في موازاة الحملات المستمرة التي تتعرض لها من قبل فريق 14 آذار.
تمويل المحكمة
إنجاز آخر حققه الرئيس نجيب ميقاتي، بتنفيذ بند تمويل المحكمة الدولية عن العام 2012 بمبلغ قدره 26 مليون يورو، بموجب اعتماد خاص من رئاسة مجلس الوزراء، وبقرار من ضمن صلاحيات رئيس الحكومة، في تكرار لسيناريو التمويل السابق، ما استوجب سحب بند المحكمة من مشروع قانون الموازنة، تلافياً لبند خلافي يؤخر إقرارها.
وفي سياق متصل، أعلنت المحكمة في بيان امس "أنها تسلمت مساهمة لبنان في ميزانية العام 2012 من الحكومة اللبنانية التي حولت صباح أمس مبلغا بقيمة 26927270 يورو، أي ما يعادل نسبة 49 بالمئة من ميزانية المحكمة".
من جهة أخرى، لم تستجب غرفة الدرجة الأولى في المحكمة، برئاسة القاضي روبرت روث، للدفوع المقدمة من قبل محامي الدفاع ويطلبون فيها تعليق الإجراءات الغيابية، او اعادة النظر فيها.
وأشارت المحكمة الى ان غرفة الدرجة الأولى ردّت الدفوع، حيث قال القضاة في قرارهم: "ان الغرفة لا تستطيع أن تجد أيّ وقائع أو حجج جديدة تظهر حصول خطأ في التعليل القانوني يستدعي إعادة النظر في قرارها المؤرخ في 1 شباط 2012 لتجنّب ظلم أيّ من المتهمين الأربعة".
واستغربت أوساط قانونية متابعة لملف المحكمة ان يصدر روث قراره قبل القرار المنتظر خلال الأيام المقبلة، والذي سيفصل في قانونية او عدم قانونية إنشاء المحكمة، إلا اذا كان القرار المتخذ مقدمة للقرار حول شرعية المحكمة وقانونيتها.
وقف الاستشفاء للنازحين
وفي موازاة تمويل المحكمة، قررت الحكومة وقف تمويل الخدمات الاستشفائية التي كانت تقدم للنازحين السوريين الموجودين في لبنان. وقالت أوساط الرئيس نجيب ميقاتي لـ"السفير"، انه ليس صحيحا ما يروجه البعض، حول ان تمويل المحكمة تم في مقابل وقف المساعدات الاستشفائية للنازحين، مشددة على ان الحكومة فصلت منذ البداية الموضوع الانساني لهؤلاء عن أي أمر آخر.
وأوضحت الأوساط، ان قرار وقف التغطية المالية للخدمات الاستشفائية التي كانت تقدم
للنازحين السوريين، يعود الى كون أي من الهيئات الدولية المختصة لم تساعد الحكومة على تحمل أعباء هذا الملف، الذي غرق أيضا في الفوضى، مشيرة الى ان لبنان "قرر تعليق المساعدت الاستشفائية، في إجراء مؤقت، الى حين إعادة تنظيم هذه العملية، والبحث مع الهيئات الدولية في كيفية مساعدة الحكومة على تأمين مصادر التمويل".
سمات الموازنة
وبالعودة الى الموازنة العامة، التي أقرت بسرعة قياسية، خلال جلستين لمجلس الوزراء، ولكنها تأخرت أكثر من 9 أشهر عن الموعد الدستوري، فإن من أبرز سماتها تحديد مصادر الإيرادات للعام 2012 بموجب موازنة محددة، بعدما شرّع مجلس النواب، بقانون خاص، النفقات الإضافية للعام ذاته، بما يفوق 10390 مليار ليرة، فوق أرقام موازنة العام 2005 البالغة حوالى 10 آلاف مليار ليرة.
وقد لجأت الحكومة الى تبرير النفقات الإضافية، بتحديد مصادر الإيرادات التي تغطي تلك النفقات، علما أن الموازنة التي ستحول اليوم إلى مجلس النواب، لن تقر بالسرعة ذاتها، بسبب مشكلة قطع الحسابات، لا سيما الحسابات المتراكمة عن السنوات الماضية، اذ لا يمكن تصديق موازنة لسنة معينة قبل تصديق حسابات السنة أو السنوات التي سبقتها. والمهم في الأمر أن الحكومة بات بمقدورها الإنفاق على أساس 21 الف مليار ليرة، حتى في السنوات المقبلة.
في الأرقام، استقرت النفقات العامة للموازنة عند حوالي 21 ألف مليار ليرة (حوالي 14 مليار دولار) ، مقابل إيرادات قدرها حوالي 15900 مليار ليرة، مستندة إلى أرقام العام 2011، مع تعديل بعض الرسوم على الكماليات، بتحقيق عائدات إضافية بحوالي 600 إلى 700 مليار ليرة.
وتقدر قيمة العجز لهذه الموازنة بحوالي 5700 مليار ليرة، أي ما نسبته 26,6 بالمئة، في حين بقي العجز يوازي حوالي 8 إلى 8,3 بالمئة من الناتج المحلي، بدلاً من 7,5 بالمئة المقدر سابقاً لو فرضت الضرائب الجديدة.
وعلى صعيد كلفة خدمة الدين العام فقد قدرت بحوالي 5400 مليار ليرة، أي ما يوازي 25,5 بالمئة من إجمالي النفقات، وهو مبلغ قريب من حجم كلفة العام 2011، نتيجة استقرار الفوائد على الديون الداخلية، وحتى الخارجية.
وتلحظ الموازنة عجزاً لكهرباء لبنان بحوالي 2800 مليار ليرة (حوالي 1,9 مليار دولار) نتيجة تراجع إنتاج الكهرباء من جهة، وتراجع اسعار المحروقات خلال الأسابيع الماضية.
تبقى سلسلة الرواتب للقطاع العام، التي تقرر أن تُنجز بقانون منفرد وخاص، وكذلك تمويل كلفة هذه السلسلة من ضرائب تحدد بقوانين منفردة. أما الضرائب الجديدة التي تضمنتها الموازنة فعبارة عن زيادة رسوم كانت موجودة وأبرزها الرسوم على التبغ والسيارات الفخمة التي يفوق سعرها 35 ألف دولار، ورسوم الكماليات على أنواعها، إضافة الى زيادة رسوم الطابع المالي، من دون المساس بأسعار المحروقات والرسوم عليها.
الى ذلك، هناك أسئلة تتعلق بمصادر تمويل احتياجات الخزينة، وتمويل العجز المقدر للعام 2012 والمستحقات الداخلية والخارجية. فقد تضمنت الموازنة نصاً يجيز للحكومة الاستدانة بمبلغ 5 مليارات دولار بالعملات الأجنبية، لاستبدال الديون الداخلية بخارجية أو العكس، كما أجازت الموازنة الاستدانة بالليرة اللبنانية بقيمة 7500 مليار ليرة لتمويل احتياجات الدولة خلال سنة الموازنة وتسديد المستحقات.
وعلمت "السفير" أن بنوداً كثيرة استبعدت أو عدلت، منها زيادة النفقات الصحية، كما في مشروع وزير المالية، وزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي بحوالي 160 مليار ليرة.
سليمان في باريس
تجدر الاشارة الى أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان وصل الى باريس أمس تمهيدا للقاء نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند اليوم، فيما يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية اليوم للبحث في جدول أعمال مؤجل من 4 تموز، وعلمت "السفير" انه سُحب من هذا الجدول البند المتعلق بتعيين رئيس المجلس الاعلى للجمارك وعضوين فيه، بانتظار الاتفاق على تعيين المدير العام للجمارك ايضا، بحيث يرفع الى مجلس الوزراء اقتراح متكامل استنادا الى آلية التعيين.   

السابق
النهار: التعويم الحكومي يمرّر التمويل بلا اعتراض
التالي
الديار: الاتصالات والأنترنت والبريد الالكتروني باتت كارثة لبنان الأولى