حزب الله يحصد نتائج زرعه

يوم قرّر "حزب الله" وبأمر خارجي الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري ظنّ في حينه أنّ الموضوع لن يكون سوى نزهة صغيرة قد يتخلّلها بعض المشاكل البسيطة التي سُرعان ما تنتهي فصولها عند أوّل إطلالة على جمهوره ليشرح من خلالها أهداف هذا الانقلاب ومسبّباته.

طارت حكومة الألوان المتعدّدة وغطّت مكانها حكومة اللون الواحد على رغم إنكار الحزب وحلفائه لهذه الحقيقة، وذلك عبر إخضاع الناس لمشيئة سلاحه من دون إغفال الرسائل التي بُعثت في حينها في اتّجاه زعيم الجبل النائب وليد جنبلاط والتي تطلب منه الوقوف إلى جانب الإنقلابيين أو اعتباره خائناً، وعندها يُفترض التعامل معه أسوة بالبقية، علماً أنّ "حزب الله" كان الرابح الوحيد في الحالتين.

اليوم، وبعد مرور سنة تقريباً على الحدث الأعظم، فإنّ كل اللبنانيين باتوا يترقّبون ما آلت اليه أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وحتّى الأمنية، الأمر الذي دفع بمرجع سياسي بارز إلى القول "لقد أثبت "حزب الله" مدى فشله في إدارة الأزمات التي طالت لبنان منذ انقلابه الشهير حتّى اليوم، وحتّى في نأي نفسه عن المشاكل الحاصلة في المنطقة".

ويسأل المرجع نفسه "هل يوجد عاقل في هذا البلد لا يُدرك أنّ "حزب الله" وعلى مدى عشرات السنين قد امتصّ مقدرات البلد وخيراته بدءاً من استباحته لمرافئ الدولة، مروراً بالمؤسسات العامة، وصولاً إلى إنشاء شبكاته الخاصّة التي أثّرت بشكل ملحوظ في النمو الإقتصادي الذي وصل اليوم إلى 1.5 في المئة بعد أن تجاوز في الحكومات السابقة 8.5 في المئة؟".

ويضيف المرجع: "إنّ الخطى التي يسير عليها الحزب هي نفسها التي سبق أن سارت عليها منظمة التحرير الفلسطينية يوم حكمت لبنان قبل أن تعود وتسقط، وهذه الخطى لم تجلب سوى الخراب للمنظمة وبالدرجة الأولى للبنان، وها هو الحزب يفعل الأمر عينه ويجعل من شيعة لبنان أعداء بقية الطوائف بعد أن أدخلهم في صراعات إقليمية لا طائلة لهم فيها.

وأكثر من ذلك، ذهب الحزب بمطالباته إلى حدّ إسقاط بعض الأنظمة العربية، الأمر الذي أثّر بشكل كبير في جماعاته التي تعتاش من هذه الدول، ما يعني فتحه لمعركة اقتصادية غير متكافئة بين الشيعة في الخليج والحكومات هناك".

لكن يبدو اليوم أنّ السحر قد انقلب على الساحر، إذ يشير المرجع إلى "الجماعات المافياوية المنظّمة التي خرجت من رحم "حزب الله" وثارت عليه، قرّرت أخيراً العمل لمصلحتها الشخصية مُسقطة من حساباتها مصلحة الحزب العليا. وإن كانت تعترف وتقّر بمرجعية "حزب الله"، ولكن ليس على حساب لقمة عيشها. ولذلك قرّرت التعامل مع هذه المرجعية على الطريقة عينها التي تعاملت بها الأخيرة مع الدولة اللبنانية طوال سنوات".

ويؤكّد المرجع السياسي أنّ " قياديي الصف الأول في الحزب وأبناءهم باتوا اليوم أصحاب معظم المؤسسات، إن لم نقل جميعها، في كافة المناطق التي تخضع لسيطرتهم وهذا ما خلق نقمة عارمة لدى عامة الناس تجاه هؤلاء، خصوصاً أنّ تاريخهم الاجتماعي ما زال ماثلاً في أذهان سكّان الضاحية الجنوبية بالتحديد"، ويضيف: "هذه البيئة الفقيرة قرّرت منذ فترة التمرّد على وضعها المزري فألفت عصابات وقامت بفرض خوّات، فأصبحت سلطة العنف في يدها بعدما كان الحزب استحوذ عليها من الدولة اللبنانية بطرق غير شرعية، ولذلك فإنّ ما نراه اليوم من إشكالات واشتباكات بين "حزب الله" من جهة، وبين هذه المجموعات في الضاحية الجنوبية ليس سوى محطّة من عدّة محطات مُقبلة عنوانها السيطرة على القرار في المناطق الشيعية".

ويختم السياسي حديثه بالقول "لقد تمكّن السيد نصرالله وحزبه في العام 2000 من إخراج إسرائيل من لبنان مثلما نجح في جرّ البلد إلى حرب غير متكافئة معها في تموز 2006 ، ولاحقاً نجَح أيضاً في الانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية بعد أن ضرب بعرض الحائط كلّ المواثيق والأعراف، ولكن بعد أن وصلت الأمور الاقتصادية والاجتماعية والأمنية إلى حدّ لا يُطاق أصبح لزاماً علينا السؤال التالي: إلى أين بعد يا "حزب الله" تريد أخذ البلاد؟"  

السابق
انتخابات بلا مال
التالي
رسالة إلى الغرب