عباس يسقط في كل حفرة

 أبو مازن لا يفوت أي حفرة في الشرق الاوسط كي يسقط في داخلها. الرجل، ما العمل، عديم الحظ.
كانت له سنة فظيعة، لأبو مازن. كل مبادرة دولية، اقليمية أو فلسطينية داخلية لمسها انهارت. والآن رتب لنفسه حفرة جديدة في شكل اعلان رئاسي بأنه يسافر لاجتماع في طهران، بناءا على دعوة نائب وزير الخارجية الايراني. لموضوع صغير واحد فقط لم ينتبه: الاحتمال في ان ينعقد هذا الاجتماع، المزمع عقده في 30 آب بالفعل ـ متدنٍ جدا.
يحاول الايرانيون رفعه الى اجتماع للمنتدى التاريخي لدول عدم الانحياز، ولكن قدرا كبيرا من الدول تفضل ألا تتماثل مع ايران. فثمة مثلا خلاف بين ايران ودول الخليج على مجرد عقد الاجتماع في طهران. ولكن من تجده يقفز في المقدمة ويعلن منذ الآن بأنه سيسافر؟ أبو مازن. حتى لو انعقد الاجتماع في نهاية المطاف، مشكوك ان يصل الى هناك رؤساء دول. يوجد احتمال بأن يصل، اذا ما وصل أصلا، ممثلون على مستويات منخفضة. أما الفلسطينيون فهم سيبعثون بالرئيس.
هذا بالضبط هو نموذج الرجل الذي يأكل السمكة الفاسدة ويُلقى به من المدينة في آن واحد. في مجرد اعلانه عن السفر الى المؤتمر في طهران، الذي قد لا ينعقد على الاطلاق، فان أبو مازن لا يوفر فقط ذخيرة لمعارضي المفاوضات مع الفلسطينيين بل وينجح ايضا في اثارة أعصاب كل حليف وكل جهة تساعده وتتبرع للسلطة الفلسطينية بالاموال.
السلطة تلقى ريح اسناد اقتصادية من أمراء وملوك في الشرق الاوسط يمقتون الايرانيين ويخافون منهم. وهي تتمتع بالاموال، بالبنى التحتية وبالعطف الامريكي، وبالتأكيد بدعم الرباعية بمن فيها تلك الدول في غربي اوروبا التي تقف في قلب المقاطعات على ايران. فلماذا اذا يفعل أبو مازن هذا؟ لأنه ضعيف جدا ومحبط.
يقاتل أبو مازن في سبيل شرعية حكمه حيال أمم العالم. ولهذا فانه سيحضر كل منتدى يمكنه فيه ان يوضح بأنه الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. السلطة وحماس لم تجريا انتخابات منذ سنوات طويلة بحيث انه في نظر أجزاء من الشعب الفلسطيني شرعيته موضع شك. الايرانيون، بالمناسبة، بالتأكيد كانوا يفضلون ان يروا في المؤتمر مندوبا اسلاميا كممثل شرعي للشعب الفلسطيني.
هذه السنة وقعت على السلطة الفلسطينية ضربة اخرى: الضربة الاقتصادية. فالضائقة كبيرة جدا لدرجة انه لن تُدفع الرواتب هذا الشهر، وفي السلطة حتى طلبوا من اسرائيل ان تحرص على ضمانات لهم كي يتمكنوا من تلقي قروض دولية. الضعف الاقتصادي لأبو مازن يقوده نحو طهران، على أمل ان ربما ينجح في تجنيد تبرعات من دول عدم الانحياز. اذا ما نجح فلعل الزيارة تكون مجدية في نهاية المطاف.
الزيارة الى ايران هي نوع من الاستفزاز من جانب أبو مازن: أنا هنا لا تتجاهلوني. يمكن عمل قصة من هذا ويمكن ايضا تجاهلها ـ وصحيح تفعل اسرائيل اذا لم تضخم القضية، فالرجل ضعيف جدا. العالم العربي، بالمناسبة، لا يعنى بذلك. ما يهم العالم العربي، في سياق المؤتمر في طهران هو هل الرئيس المصري مرسي سيسافر الى طهران. اذا حصل هذا ـ فستكون لذلك أهمية سياسية بعيدة الأثر.

 

السابق
كريس دي بورغ يتألق في جونية
التالي
في النشيج العوني