-السفير: تعزيز انتشار الجيش شمالاً وبقاعاً ومجلس الأمن اللبناني يفكّك عبوة عكار

في انتظار نزع فتيل الاشتباك الجانبي بين "عين التينة" و"الرابية"، على خلفية إقرار "قانون المياومين"، تمكن مجلس الوزراء، بعد جلسة طويلة استمرت سبع ساعات، من تفكيك، "عبوة عكار"، ومعها تقديم دليل جديد حول استمرار رسوخ معادلة الاستقرار اللبناني، برغم كل الدخان المتصاعد من دواليب الداخل، وحرائق المنطقة وأخطرها اليوم في سوريا.
وعلى طريقة معالجة كل أمور الدولة، جاءت مقررات الحكومة، في جلستها العادية، في القصر الجمهوري، مرضية لكل الأطراف. للأكثرية، كما للمعارضة. للجيش كما للملوحين له بالويل والثبور وعظائم الأمور.
في جلسة مجلس الوزراء، بدا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وكأنه ناظر للتوازن الوطني، فقدم تقريرا كان أشبه بجردة، شبيهة بتلك التي يتضمنها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول القرار 1701 أمام مجلس الأمن.

وبالفعل، نجح سليمان، بجعل كل أعضاء "مجلس الأمن اللبناني" يحتفظون بحق النقض ـ "الفيتو"، فلم يعترض الوزراء العونيون، الذين عادوا عن قرار المقاطعة، على "صيغة الكويخات"، وفي المقابل، اعتبرها "أولياء الدم"، مقبولة، ولو أنها معطوفة على احتمال أن يؤدي التوسع في التحقيقات الى قرارات حكومية لاحقة "توخيا لتحقيق العدالة".
ومثلما تم تفكيك "عبوة عكار"، في ضوء مجموعة تسويات انعقد نصابها قبل التئام جلسة مجلس الوزراء، فان قضية محاولة اغتيال النائب بطرس حرب، شرّعت النقاش مجددا حول "داتا" الاتصالات، ليخلص رئيس الجمهورية أيضا الى التشديد على ضرورة معالجة "الداتا" ووضعها بتصرف الأجهزة الأمنية المختصة.

جيش اللبناني على طول الحدود اللبنانية السورية شرقا وشمالا واتخاذ الاجراءات والتدابير كافة لضبط هذه الحدود ومختلف المعابر.
وينتظر أن تبدأ ترجمة هذا القرار في غضون الساعات المقبلة، خاصة بعدما أظهرت التقارير الأمنية التي قدمها قادة الأجهزة العسكرية والأمنية أن الأراضي اللبنانية باتت تستخدم في العديد من المناطق منطلقا لتنفيذ هجمات عسكرية يومية باتجاه الجيش السوري النظامي، وهو الأمر الذي استوجب قرار تعزيز الجيش منعا لتكرار الاشـكالات الحدودية التي تكثفت وتيرتها في الآونة الأخيرة.
ولعل المخرج الذي أوجدته الحكومة في مواجهة المطالبة العكارية باحالة حادثة الكويخات الى المجلس العدلي، قد وازن بين عدم المساس بهيبة الجيش وحق ذوي الشيخين احمد عبد الواحد ومحمد المرعب بكشف كل الملابسات.

وشارك في صياغة هذا المخرج رئيسا الجمهورية والحكومة ونواب عكار ووزير العدل وقيادة الجيش، بالتنسيق مع الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة.
واعطى طلب توسيع التحقيق باشراف المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا بما قد يؤدي الى اعادة استدعاء العسكريين الذي اخلي سبيلهم الى التحقيق، اشارة ايجابية الى ذوي الشيخين، لقيت صدى ايجابيا تمثل في قرار سريع بصرف النظر عن التحركات التصعيدية في عكار، كما قال النائب خالد ضاهر لـ"السفير" الذي اعتبر ان ما صدر عن مجلس الوزراء "يضع القضية في مسلكها الصحيح، وبالتالي لم يعد هناك من داع للتحركات والاحتجاجات".
وتوجه النائب هادي حبيش ليلا الى عكار واطلع بعض الفعاليات على ما تم التوصل اليه فيما تقرر ان يلتقي المفتي اسامة الرفاعي اهالي الشيخين عبد الواحد والمرعب لاطلاعهم على المخرج وكل الحيثيات المتصلة به.
وقالت مصادر وزارية لـ"السفير" إن قضية مقتل الشيخين عبد الواحد والمرعب طغت على القسم الأكبر من الجلسة حيث استغرق البحث فيها ما يزيد عن ثلاث ساعات، وتجاذب البحث منطقان، الأول، يدفع في اتجاه إحالة القضية إلى المجلس العدلي، وكان أكثر المتحمسين إليه وزراء "جبهة النضال الوطني". والثاني، كان يدفع في اتجاه استكمال التحقيق في السياق الذي يجري فيه من دون الإحالة إلى المجلس العدلي، وقد دفع في هذا الاتجاه وزراء "تكتل التغيير" و"قوى 8 آذار".

وأشارت مصادر وزارية إلى أن النقاش حول موضوع "داتا الاتصالات" انطلق من مداخلة رئيس الجمهورية الذي بدا ميالا إلى إعطاء "الداتا" كاملة إلى الأجهزة الأمنية، وأيده في ذلك رئيس الحكومة ووزراء "جبهة النضال" ووزير الداخلية مروان شربل الذي اقترح العودة في هذا الموضوع إلى ما كان ساريا في السابق أي ان تعطى "الداتا" من خلال النيابة العامة التمييزية.
إلا أن وزراء "تكتل التغيير" و"8 آذار" أعلنوا رفضهم اباحة "الداتا" واعتبروا ذلك تشريعا للتعدي على حريات اللبنانيين، مع ابداء الموافقة على "تحديد مساحة "الداتا" المطلوبة كما تتطلبها كل حالة وليس تسليم "الداتا" كاملة عن كل لبنان امام أي حدث امني، صغيرا كان او كبيرا. مع التأكيد على دور الهيئة المستقلة المعنية بهذا الامر وهي التي تقرر اعطاء "الداتا" كاملة ام لا. وبينت احصاءات أحضرها وزراء "تكتل الاصلاح والتغيير" أن الهيئة القضائية المستقلة تلقت في فترة معينة نحو 786 طلبا ولم ترفض أي طلب منها بل استجابت لها كلها.

وفرضت خريطة مجلس الوزراء التي تبرز تفوق معارضي اعطاء "الداتا" الكاملة، عدم اتخاذ أي موقف من مجلس الوزراء حيال هذا الامر، بل ترك الامر على ما هو عليه.
على صعيد آخر، عادت قضية المخطوفين اللبنانيين في سوريا الى البروز مجددا الى واجهة الاحداث عبر التحرّك الذي قام به ذويهم في اليوم الخمسين على اختطافهم، في اتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اتصل بدوره بوزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو وتلقى منه وعدا بمضاعفة المساعي والجهود لتأمين اطلاق سراح المخطوفين وعودتهم الى اهلهم ووطنهم.

من جهة ثانية، شهد اعتصام العمّال المياومين وجباة الاكراء المستمر منذ 69 يوما في "مؤسسة كهرباء لبنان"، تطورا لافتا للانتباه أمس، مع مشاركة دوائر للمرة الأولى في الحركة الاحتجاجية، شملت عمال دوائر جونيه وعشقوت وبكفيا وبعبدات للمرة الأولى، وقد قطع المياومون والجباة في كسروان والمتن الطريق الرئيس في جونيه لبعض الوقت، بعدما اعتصموا منذ الساعة السابعة والنصف صباحا في باحة السرايا أمام مؤسسة الكهرباء، للمطالبة بإصدار قانون تثبيتهم، واحتجاجا على عدم قبض رواتبهم كما شملت التحركات التصعيدية، أمس، معظم دوائر المؤسسة في البترون وزغرتا وأميون. أما في مركز المؤسسة الرئيس في بيروت، فقد قطع العمّال طريق كورنيش النهر في الاتجاهين لحوالي ربع ساعة، حيث افترشوا الطريق مانعين السيارات من العبور.  

السابق
الأخبار: مجلس الوزراء يسحب فتيل التصعيد وينشر الجيش على الحدود
التالي
لجنة لبنانية ـ دولية للتحقيق في خطف المواطن يوسف زهرة