الأخبار: مجلس الوزراء يسحب فتيل التصعيد وينشر الجيش على الحدود

سحب مجلس الوزراء فتيل التصعيد في عكار، إذ رفض إحالة قضية الشيخين عبد الواحد ومرعب على المجلس العدلي، لكنه كلّف في المقابل النائب العام التمييزي الإشراف على التحقيقات بعد قرار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية التوسع في التحقيق، كما قرر تعزيز انتشار الجيش على الحدود الشمالية
تحوّلت جلسة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية، في قصر بعبدا أمس، إلى جلسة أمنية بامتياز، إذ "بحثت ثلاثة مواضيع أمنية مهمة، واتخذت فيها قرارات حاسمة ومدروسة"، بحسب وصف مصادر وزارية. وأشارت مصادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى أن أجواء الجلسة كانت هادئة وإيجابية، وأملت أن تنعكس ارتياحاً على الوضع.
فقد أكد المجلس تعزيز انتشار الجيش على الحدود الشمالية. وأشارت مصادر وزارية إلى أن الهدف من هذا القرار منع تسلل المسلحين أو تهريب السلاح ووضع حد للتجاوزات، ولا سيما أن الحكومة تعتمد سياسة النأي بالنفس عن أحداث سوريا وترفض إقامة منطقة عازلة في لبنان. ولمحت إلى أن فلسفة القرار يفهم منها أن هذا التعزيز يحتاج حكماً إلى تأمين طرق الإمداد للجيش، ما يفترض بالعلم الأمني تعزيز الوجود العسكري في عكار كمنطقة خلفية لوجود الجيش على الحدود.

أما بالنسبة إلى إحالة قضية مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد ورفيقه على المجلس العدلي، فقد طرح ميقاتي القضية على البحث، وتحدث وزير العدل شكيب قرطباوي ثم وزير العمل سليم جريصاتي الذي قدم مطالعة قانونية عرض فيها بالتفاصيل النقاط القانونية التي تجعل من المتعذر إحالة القضية على المجلس العدلي. وعرض الوضع السياسي، وسأل عن عدد من النقاط بشأن ماذا يريد الجيش من الحكومة وعن "البيئة الفتنوية" وعن إعلان الشهر الأمني وما يمسّ هيبة الدولة.
وسأل الوزير جبران باسيل عمّا إذا كان يمكن الحصول على مضبطة الموجودات التي صودرت في الموكب الذي كان فيه عبد الواحد، فيما أشار وزراء حزب الله إلى أن إحالة القضية على المجلس العدلي سابقة لا يمكن تكريسها، لأن هذا الإجراء قد يضع الجيش في خانة "مرتكب الجرائم".

ونتيجة المناقشات، قرر المجلس بالإجماع رفض إحالة القضية على المجلس العدلي. ولفتت مصادر وزارية إلى أن قرار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر التوسع في التحقيق كان قد اتخذ قبل جلسة مجلس الوزراء، وأن الأخير أخذ علماً بذلك، لكنه كلف وزير العدل الطلب من القاضي ميرزا الإشراف المباشر على التحقيقات، لأن مجلس الوزراء لا يحق له التدخل في التحقيق عملاً بمبدأ فصل السلطات. وقالت إن من الطبيعي أن يشرف ميرزا على التحقيقات، فهو يشرف أساساً على النيابات العامة. وأضافت أن مجلس الوزراء أكد ثقته بالقضاء، ولم يميّز الوزراء بين قضاء عسكري ومجلس عدلي، فكلاهما قضاء استثنائي.

وفي موضوع داتا الاتصالات، أكد وزير الداخلية والبلديات مروان شربل ووزير الاتصالات نقولا صحناوي والوزير قرطباوي أن كل ما يطلب في شأنها يعطى، وتقدم كل داتا الاتصالات. فعلى سبيل المثال، قدم حوالى 786 طلباً في شهر حزيران وأجيبت كلها.
وشدد الوزيران وائل أبو فاعور وغازي العريضي على ضرورة أن تعطى الأجهزة الأمنية كامل "داتا" الاتصالات من دون عرقلة، لأن الوضع دقيق جدّاً ولا يجوز التشدّد في انتقاء المعلومات. وأكّدت مصادر وزارية أن الوزارء أجمعوا على أن إطلاق سراح الضباط والعناصر الموقوفين في قضيّة الشيخين كان قراراً خاطئاً، وعلى الملف أن يتابع في القضاء لتأكيد مؤسساتية الدولة، كما كان إجماع أيضاً على ضرورة نشر الجيش على الحدود الشمالية لمنع تهريب السلاح وضبط الحدود.

ودعا ميقاتي المجلس إلى الانعقاد في قصر بعبدا اليوم لبحث موضوع الموازنة، على أن يسبقها اجتماع للـجنة الاتصالات الخاصة لمتابعة موضوع الداتا. وفيما يحرص ميقاتي على إنهاء مناقشة الموازنة اليوم، تحدث وزراء عن إمكان عقد جلسة ثانية غداً.
على صعيد آخر، قرر مجلس الوزراء اعتماد خيار إنشاء نفق في منطقة جل الديب، وكلّف مجلس الإنماء والإعمار إعداد الدراسات اللازمة لهذا المشروع. كذلك كلّف استشارياً دولياً لوضع دراسة أوليّة بشأن خيار النفق وكلفته ومدة تنفيذه. وأطلع الرئيس سليمان المجلس على زيارته لفرنسا يوم الخميس المقبل. وفي ضوء قرار إنشاء نفق في جل الديب، ألغي الاعتصام الذي كان مقرراً اليوم، وأقام الأهالي احتفالاً قرب كنيسة مار عبدا. وكان قد سبق جلسة مجلس الوزراء لقاء بين سليمان ووفد من نواب عكار ضم النواب هادي حبيش وخالد ضاهر وخالد زهرمان نضال طعمة ورياض رحال.
ورأى النائب ضاهر أن خطوات مجلس الوزراء بشأن التوسع في التحقيق في قضية الشيخ عبد الواحد ورفيقه بإشراف النيابة العامة التمييزية هي خطوات إيجابية، فيما رأى النائب هادي حبيش أنه "عندما يجري التوسع في التحقيق هناك إمكانية لإعادة توقيف الأشخاص، وهذا ما يريح أولياء الدماء".

امتعاض من الفوضى
وأفاد مراسلنا في عكار، روبير عبد الله، بأن سياسيين عكاريين عبّروا عن امتعاضهم من مظاهر الفوضى التي سادت المنطقة في اليومين الماضيين، وأدت إلى خسارة فادحة في مجمل القطاعات الإنتاجية. والأخطر على هذا الصعيد ترافق عمليات قطع الطرق مع أجواء تحريض طائفية متبادلة في الشارع الذي تفلّت من أيدي قادته التقليديين. فبينما نقلت أوساط النائب ضاهر أنه بذل جهوداً في الآونة الأخيرة للملمة الشارع، رغم أن مواقفه كانت في الأصل خلف اندفاعة المحتجين لقطع الطرقات، سرت في المقابل، وسط البلدات المسيحية، أنباء مضخمة عن ممارسات قيل إنها تجري على الحواجز.

وفي اتصال معنا استغرب مختار بلدة منجز، طوني أنطونيوس، القريبة من حاجز نصبه المحتجون على المفرق المؤدي إلى منجز والبيرة، ما يشاع عن تعرض المسلحين لأهالي بلدته، نافياً تلك الأخبار جملة وتفصيلاً. ومن ناحية أخرى صرّح رئيس بلدية البيرة السابق محمد وهبة بأن بلدة البيرة حريصة على أفضل العلاقات مع جيرانها.
وعلى صعيد أمني آخر، أفيد ليلاً عن وجود مجموعات مسلحة تطلق النار على مواقع للجيش السوري من محيط بلدة المقيبلة في وادي خالد، وأن الجيش السوري ردّ على مصادر النيران، فيما ناشد الأهالي الجيش اللبناني الدخول لطرد المسلحين.
وكان السفيرة الأميركية في لبنان مورا كونيللي عرضت مع الرئيس سليمان، بحسب بيان للسفارة، الحوادث الأمنية الأخيرة في لبنان، وأعربت "عن قلق الحكومة الأميركية إزاء التقارير الأخيرة عن القصف عبر الحدود على شمال لبنان"، ودعت "الحكومة السورية إلى احترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه"، وشددت على أن بلادها "لا تزال قلقة من أن تؤدي التطورات في سوريا إلى المساهمة في عدم الاستقرار في لبنان".
 

السابق
ساعتين مع الاسير
التالي
-السفير: تعزيز انتشار الجيش شمالاً وبقاعاً ومجلس الأمن اللبناني يفكّك عبوة عكار