أول أمس السبت كان يوماً استثنائياً في حياة صابر الرباعي الفنية، انه اليوم الذي وقف فيه على مدرجات قلعة بعلبك مغنياً وسط جمهور صفق له وغنى معه.
اطل صابر الرباعي على جمهوره محاطا بكبار شيوخ الدبكة البعلبكية، مطعمة بفرقة هياكل بعلبك، وقد غاب عنهم الشيخ ابو يحيى مرغماً، بسبب وضعه الصحي، يتقدمهم أبو مصطفى بسنيّه التي جاوزت ثمانية عقود، مطلقا توشيحة غنائية استهلها بـ”هللي بالفرح يا دار تعمري وتزيدي عمار/ وبوجودك يا صابر عمرت وزادت عمار”، مرحباً بطريقته بأمير الطرب العربي.
وقبل أن يطلق أمير الطرب العربي العنان لحنجرته، كان معبد جوبتير يحتفل به، مزيناً السماء بمئات الاسهم النارية التي سرقت أضواء الأمسية للحظات، ما جعل صابر يتوقف إلى حين الانتهاء من أصوات المفرقعات.
عند التاسعة إلا خمس دقائق أطلق صوته بـ”منهم يا ناري”، لكنه سرعان ما توقف مع ارتفاع أذان العشاء. وقبل المتابعة أعلن الرباعي ان يوم 7-7-2012 هو يوم تاريخي لن يمحى من ذاكرتي، لأنه تتويج لمسيرتي الفنية، وقد أتيح لي الوقوف على مدرجات بعلبك، المدينة العالمية العظيمة “وبالمناسبة قلائل من الفنانين الذين وقفوا على مدرجات بعلبك كانوا منصفين لها”.
بإطلالته على مدرجات بعلبك كان لا بد له من أن يحمل لها جديداً، فكانت أغنيته “من قرطاج الى بعلبك”، و”بعلبك الله يحميكي”. فرقة هياكل بعلبك نزلت معه في هذه الأغنية وعلما لبنان وتونس رفرفا على مدرجات باخوس. الجمهور عبّر عن انفعاله فوقف مصفقاً ومتمايلاً وراقصاً. هي لحظة تنفس فيها الجمهور من العبء الذي يعيشه. جمهور الأمسية الذي زاد على 2500 مواطن، طغى عليه العنصر النسائي، أتى من كل المناطق اللبنانية.
على مدى 170 دقيقة، ومن دون توقف، غنى الرباعي كل الأغاني التي اشتهر بها: “ببساطة”، “سيدي منصور”، “عزة نفسي”، “برشة برشة”…. الجديد الذي ادخله الرباعي أغنية “البديل” المكتوبة كقصيدة باللغة العربية الفصحى، وكوكتيل لبناني أعده المايسترو ايلي العليا لمجموعة من المطربين اللبنانيين على رأسهم السيدة فيروز، أعاد الاعتبار ولو جزئيا لليالي اللبنانية التي افتقدتها مهرجانات بعلبك الدولية لهذا العام. الكوكتيل ألهب الجمهور الذي انفعل معه، ما يؤكد أن المزاج الشعبي لا يزال يحنّ إلى الطرب اللبناني رغم كل ما أصابه.
تفاعل الجمهور مع الرباعي باللون الطربي يضع امام لجنة مهرجانات بعلبك الدولية مهمة إعادة البحث الجدي في موضوع التواصل مع الفنانين اللبنانيين لإحياء ليلة من ايام مهرجانات بعلبك الدولية، وحل المشكلة المالية التي يبدو أنها ذريعة غياب الليالي اللبنانية عن المهرجان. حاول الرباعي بليلته أن يخفف من آثار هذا الغياب، كما انه قدم ليلة ثانية لجمهور مدينة بعلبك تولت بلدية بعلبك تنظيم وتوزيع بطاقاتها شبه المجانية.
رئيس بلدية بعلبك هاشم عثمان كرم أمير الطرب العربي بمنحه لقب مواطن شرف بعلبكي، وألبسه العباءة البعلبكية لنجاحه في الأمسية البعلبكية الرائعة.
قبل الثانية عشرة من منتصف الليل بعشر دقائق، وبعد أن غنى أغنيته الشهيرة “برشة برشة”، أنهى الرباعي ليلته بنجاح. أسعد الجمهور وأفرحه وفرح معه.
