المسلمون بحاجة إلى طبيب نفساني

ما هو تفسير ظاهرة ازدياد نسبة جرائم التحرش الجنسي من إجمالي الجرائم المسجلة لدى الجهات الأمنية خلال العقود الثلاثة الماضية التي شهدت صحوة إسلامية واضحة وبشكل متواصل حتى يومنا هذا?
لماذا لا يتحرش أحد بالمرأة عند الغرب المتهم بالانحراف الأخلاقي, ولا يتعرض لها أحد أمام أعين الناس, حتى وإن كانت عارية و"مفصخة" على الشاطىء أو كانت بالكاد مرتدية قطعتين وهي ملقية بجسدها الجميل على طرف حمام السباحة في طقس يرد الروح, أو كانت مرتدية "شورت" قصيراً يكشف عن غصون البان في شارع مليء بالمارة, أو كانت لابسة ملابس قصيرة وفاضحة في العمل?
هل لأن هناك قوانين صارمة تعاقب كل من يتحرش بالآخرين جنسيا حتى لو كان عن طريق النظرات? أم أن كثرة المعروض لا يشجع على الإقبال على التبضع المحرم ويقلل من حدة الطلب على البضائع الجنسية? أم أن دينهم يمنعهم من أن يعتدوا على حرمات الآخرين ولكنهم لا يكشفون عن هذا الوازع الديني? أم أنهم متبحرون في فهم المعاني الحقيقية لحرية التعبير عن الفكر والرأي لأنهم يؤمنون بمبادىء الديمقراطية قولا وفعلا, فيعتبرون التعري أو الكشف عن بعض الجسد جزءاً من الحرية الشخصية? أم هو كل ما جاء ذكره أعلاه?
ولماذا عندنا الوضع مختلف تماما إلى درجة النقيض, ولدرجة أن المراقب لأوضاعنا قد يظن أن الوضع مختل وأن "الدنيا سايبة"? ولماذا هذا "الخز" الغريب والمتواصل من دون حياء من قبل طرفي العلاقة الجنسية من الذكر والأنثى حتى في الشارع وفي الاسواق وفي المطاعم وأمام أعين الناس?
ولماذا عندنا تكون المرأة مغطاة بالسواد من قمة رأسها إلى أخمص قدميها ولا يظهر منها سوى عينيها الجاحظتين من شدة حرارة ملابسها من الداخل, وبخاصة مع حرارة الصيف والتي تصل إلى نحو الخمسين درجة مئوية في الظل, ورغم كل هذا العذاب الذي تعيشه المرأة المسلمة بسبب الطقس الحارق ومن اللباس الخانق, لا يتردد البعض من الناس من البحلقة في الحريم والتحرش بهن?
ماذا رأى هذا المتحرش أو "المبحلق" من جمال هذه المرأة المتشحة بالسواد حتى يلاحقها بنظراته المحرمة قانونا وشرعا? بل ماذا جذبه فيها وهي مغطاة من قمة رأسها إلى اخمص قدميها? فلا هو رأى تقاطيع جسمها, ولا هذا الجسم متناسق أصلا بشكل جذاب ولا هي بادلته النظرات, فما الذي شجعه على التحرش بها, ونحن المسلمون الذين ندعي التدين, ليل نهار, وندعي بأن أخلاقنا رفيعة, بالإضافة إلى الادعاء دائماً بأن أخلاقنا أكثر تهذيبا من أخلاق الغرب, إذن لماذا لا نتعامل مع المرأة بتحضر وبإنسانية ونكشف عن حقيقة ديننا?
هل هو بسبب تدين مزعوم لا وجود له في الواقع العملي? أم هو لغياب القوانين الرادعة لمثل هذه السلوكيات المشينة? أم أن القوانين الصارمة موجودة وحاضرة ولكنها مغيبة لا تطبق إلا على ناس وناس? أم أن التبلد أصابنا في مقتل فلا ندري إن كان هذا التحرش محرماً أو أن هناك قانوناً رادعاً أصلا?
أم أن قلة المعروض تزيد من حدة الطلب على البضائع الجنسية تطبيقا لمبدأ كل ممنوع مرغوب حتى لو كان يناقض تعاليمنا الإسلامية السمحاء? أم أننا عاجزون عن تطبيق تعاليم هذا الدين لمنع كل من تسول له نفسه الاعتداء على حرمات الآخرين? أم أننا نجهل المعاني الحقيقية لحرية التعبير عن الفكر والرأي ولا نفهمها لأننا لا نؤمن أصلا بمبادئ الديمقراطية لا قولا ولا فعلا? أم هو كل ما جاء ذكره أعلاه?
ولكنني أكرر أن نسبة جرائم التحرش الجنسي من إجمالي الجرائم المسجلة لدى الجهات الأمنية خلال العقود الثلاثة الماضية التي شهدت صحوة إسلامية بازدياد واضح هذه الأيام.  

السابق
خوف خليجي من لبنان … الإيراني
التالي
ناولوه السكاكين اليوم وتبرأوا منه غداً!