السفير: الدولة تتهاوى: عكار “تستقل” وصيدا “أسيرة”.. والحكومة تكشف الجيش

لا يمر يوم إلا وتقدم فيه الوقائع المحلية المزيد من البراهين والأدلّة الثبوتية على حجم التآكل في جسم الدولة، إلى حد الغياب إن لم يكن التفكك والتهاوي. ولعل الوقائع الأمنية التي تتنقل من منطقة إلى أخرى هي المولود الطبيعي للعجز الرسمي والتعطيل النيابي والحكومي. فالهريان الأمني يكشف لبنان. وأبرز مظاهر الهريان هذا محاولة اغتيال النائب بطرس حرب وما خلّفته من بلبلة داخلية، إضافة إلى الوقائع الأمنية التي تلاحقت أمس، في منطقة عكار وكادت تعزلها عن محيطها في محاولة أقرب لأن تكون حركة «استقلالية يحكمها السلاح والفوضى والحواجز الطيارة.
ومع استمرار التباعد بين مكوّنات الأكثرية الحاكمة، تردد في الساعات الماضية أن محاولات جديّة تجري بعيدا من الأضواء لإعادة وصل مثلث «حزب الله و«حركة أمل و«التيار الوطني الحر".

ولكن من دون بروز مؤشرات إلى حصول تقدم، فيما برزت دعوة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء بعد غدٍ الاثنين في القصر الجمهوري في بعبدا، عوضا عن الجلسة التي طيّرها الصدام السياسي في شأن المياومين وقاطعها وزراء «تكتل الإصلاح والتغيير. ولا تستبعد أوساط التيار عودة وزرائه إلى المشاركة، على اعتبار أن مقاطعة الجلسة الماضية كانت تعبيراً اعتراضياً وتسجيل موقف حيال موضوع معين ولا يعني ذلك المقاطعة الدائمة.

أما صيدا، فقد بقيت «أسيرة" الاعتصام الذي يقطع «الاوتوسترادالشرقي للمدينة. والجديد هو رفع الشيخ احمد الأسير «النبرة الهجومية ضد الجيش ورئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لـ«حزب الله السيد حسن نصرالله، فيما شهد الوضع في عكار مزيدا من التوتر على خلفية إخلاء سبيل العسكريين في قضية مقتل الشيخين أحمد عبد الواحد ومحمد حسين مرعب. وأفادت مراسلة «السفير في عكار أن المنطقة شهدت قطعاً للطرق احتجاجا على قرار المحكمة العسكرية إخلاء سبيل ثلاثة ضباط وثمانية عسكريين في قضية مقتل الشيخين. وأدى هذا القطع إلى عزل عكار عن مدينة طرابلس، وسط حالة غضب وتوتر سيطرت على المحتجين، الذين أعطوا مهلة للحكومة حتى جلسة الاثنين لتحويل القضية إلى المجلس العدلي، مهددين باللجوء إلى خطوات تصعيدية. علما أن الاتصالات التي تكثفت خلال النهار أدت إلى إعادة فتح بعض الطرق مساء.

ولوحظ أن المظاهر المسلحة قد غابت في البلدات العكارية، باستثناء بلدة منجز التي شهد مدخلها صباحاً حركة مسلحين، ما لبثت أن اختفت. فيما عمّت حالة من الاستياء مصحوبة بكثير من الخوف عند المواطنين الذين علقوا في سياراتهم لساعات طويلة.
واللافت أن قرار لجنة المتابعة التي عقدت اجتماعها في منزل مفتي عكار السابق الشيخ أسامة الرفاعي في طرابلس، والقاضي بضرورة فتح كل الطرق، لم يلق تجاوباً من المحتجين. في حين دعت شخصيات عكارية إلى إنصاف «الشيخين الشهيدين
وعدم الاستهانة بدمائهما، والى اعتماد التعقل والتروي والحكمة في معالجة الأمور من أجل الحفاظ على الأمن، ومواجهة من يريد إحداث فتنة بين أبناء عكار والمؤسسة العسكرية.

وسط هذا، واصل ميقاتي اتصالاته مع المعنيين لمعالجة التوتر، داعياً أبناء عكار إلى الهدوء. وأعلن مكتبه الإعلامي انه طلب إلى وزير العدل شكيب قرطباوي درس إمكان إحالة ملف قضية مقتل الشيخين إلى المجلس العدلي، تمهيداً لوضع الملف على جدول أعمال مجلس الوزراء.

في هذا السياق، نقل زوار قائد الجيش العماد جان قهوجي قوله إن «الجيش كان وسيبقى صمام الأمان للاستقرار مهما حاول البعض التشكيك في دوره المانع لأي مشروع يهدف إلى زرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد

وفيما اتخذت وحدات الجيش في عكار تدابير احترازية، قال مصدر عسكري لـ«السفير
إن «الجيش لم يتدخل في عمل القضاء ولا في التحقيقات التي أجريت مع العسكريين. وبالتالي تم اتخاذ القرار بإخلائهم وفقاً لما توافر لدى القضاء من معطيات

ورداً على سؤال قال المصدر إن «الجيش لن ينقاد إلى مواجهة مع أهله، ولا يمكن أن يطلق النار على أهله، وهو حريص على أن لا تهدر نقطة دم منهم، في المناطق كلها، ولاسيما في الشمال وعكار

في الأثناء، دخلت محاولة اغتيال النائب حرب مدار التحقيق المعمّق، وفق مرجع امني كبير لـ«السفير. وأكد وجود ما يكفي من الأدلة والمعطيات التي قد تقود إلى كشف هوية المتورطين في العملية. وكشف المرجع عن أن الجهات الأمنية المختصة أنجزت رسماً تشبيهياً لأحد المتورطين وتم تعميمه على القطاعات. فيما تم اخذ عينات من بعض الأدلة التي وجدت في المكان وتركها المتورطون في مسرح الجريمة، ولاسيما حقيبة العدة التي كانت بحوزتهم، وذلك لرفع البصمات وإجراء فحوص «دي إن أي
وأشار إلى أن ذلك يستلزم بعض الوقت.

وأكد المرجع أن القوى الأمنية بدأت بالحصول على «داتا الاتصالات، إلا أن تسلم حركة الاتصالات على أهميته يبقى بلا فعالية إن لم يقترن بتسليم ما يعرف بالـ«إيمزي، الذي يتعلق بـ«السيريال نامبر، أي الأرقام المتسلسلة لـ«sim cardويمكن من خلاله معرفة حركة الشرائح وما إذا كان قد تم استخدامها في أكثر من جهاز هاتف خلوي.

وفيما كانت هذه المسألة محل متابعة على مختلف المستويات المحلية، لاسيما من قبل رئيس الجمهورية ميشال سليمان نددت وزارة الخارجية الأميركية بمحاولة الاغتيال. وقال المتحدث باسم الوزارة باتريك فنتريل في تصريح بثه راديو «سوا
الأميركي «إننا ندين خطة الاغتيال… وندعو الحكومة اللبنانية إلى إجراء تحقيق دقيق في الحادث".
أضاف فنتريل:" إن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تجسد الآلية التي يمكن استخدامها في منع الإفلات من العقاب على هذا النوع من الاغتيالات السياسية.
من جهة ثانية، برز تطور لافت على صعيد قضية «المياومين وجباة الاكراء في «مؤسسة كهرباء لبنان، تجلى في أجواء التصادم التي ظهرت بينهم وبين موظفي المؤسسة. وفي هذا الإطار قال رئيس مجلس إدارة المؤسسة المديرالعام كمال الحايك لـ«السفير، إنه «تلقى عريضة موقعة من عدد من مديري المؤسسة و200 موظف، يطالبون فيها بحماية أمنهم الشخصي. وتضمنت العريضة أن موظفي المؤسسة باتوا عاجزين عن تحمل الإهانات الشخصية من العمّال المعتصمين، مؤكدا أن مجلس الإدارة سيعقد جلسة استثنائية الاثنين المقبل، لبحث الموضوع.

المياومون

في المقابل، واصل «المياومون" اعتصامهم المستمر منذ 66 يوماً في «مؤسسة الكهرباء
وأفادت مصادر «لجنة المتابعة للعمّال لـ«السفير بأن «الاعتصام لن يتوقف، حتى نشر القانون الرامي إلى إجراء المباراة لتثبيتنا في ملاك المؤسسة في الجريدة الرسمية
وأعلنت «خطوات تصعيدية بدءاً من الاثنين، ما لم يصر إلى دفع الرواتب المستحقة للعمّال لدى المؤسسة، وتأجيل عمل شركات مقدمي الخدمات (sp) إلى حين نشر القانون

وأشارت المصادر إلى أن «الاستعدادات لإطلاق مسيرة سلمية نحو الصرح البطريركي في بكركي، تتبلور. وهي تهدف إلى شرح مظلوميتنا أمام البطريرك بشارة الراعي".  

السابق
المستقبل: “داتا” حرب: صحناوي يحجب البصمات
التالي
اللواء: “حزب الله” في بكركي والرابية تنفي الزيارة ..واتجاه لدعم باسيل