المستقبل: 14 آذار تدعو الحكومة الى الاستقالة فوراً

محاولة استهداف النائب بطرس حرب دقت جرس الإنذار من جديد. مسلسل الإجرام لم ينتهِ، خطر الاغتيالات السياسية لم يُزل، بل "يعود مجدداً إلى الساحة اللبنانية"، كما قال الرئيس سعد الحريري. تعددت الأساليب "القبيحة والمجرمة" والمستهدف واحد، هو قيادات قوى "14 آذار"، طالما أن اللائحة جاهزة، والمجرم مستعد في وضح النهار، قادرٌ على التفنن والتحرك والتنفيذ والإفلات"، فيما الدولة غائبة في عز "شهرها الأمني"، والحكومة متواطئة بحجب "داتا الاغتيالات"، هي و"التيار الوطني الحر وحزب الله" باعتبارهما "واضعي اليد" كما أكدت قوى "14 آذار".

المهم، لم يقع المحظور هذه المرة. نجا حرب من عبوة ناسفة كانت ستنتظره في المصعد المؤدي إلى مكتبه في شارع سامي الصلح، تماماً كما نجا من قبله رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع من قنص استهدفه في معراب، لكن المؤكد أن لبنان لم ينجُ من خطر الاغتيالات السياسية، في ظل تراكم المعلومات عن مخططات تستهدف قادة "14 آذار"، سبق وأن أكدها وزير الداخلية والبلديات مروان شربل أكثر من مرة، وكرّرها أمس.

تفاصيل

في معلومات "المستقبل"، أن كشف العملية "حصل مع وصول الرائد المتقاعد سليم مغبغب الى المبنى نفسه الذي يقع فيه مكتب النائب حرب، حيث شاهد شخصاً مجهولاً داخل المصعد، ثم لاحظ المصعد يرتفع ويهبط بشكل مستمرّ، عندها تقدم وأوقف المصعد وسأل الشخص من أنت وماذا تفعل هنا؟، فما كان منه الا أن هجم عليه وطعنه بخنجر كان بحوزته، قبل أن يقبض عليه حراس مكتب حرب ومن ثم يجري تهريبه بواسطة سيارة وعناصر مسلحين زعموا أنهم من مخابرات الجيش.

وعلمت "المستقبل" أن النائب حرب كان يعتقد أن المحاولة مقتصرة على ضبط عنصر يحمل سكيناً فقط، لكن لدى تلقيه اتصالاً من الوزير شربل لتهنئته بالسلامة، أبلغه الأخير أن هناك معلومات توفرت لدى الأجهزة الأمنية تفيد بأن عمليات اغتيال لشخصيات سياسية قد تحصل في المصاعد، وما هي إلا لحظات حتى تبلّغ حرب خبر ضبط عبوة على سقف المصعد العائد للمبنى الذي يقع فيه مكتبه"، ليتبين أن "العبوة زرعت قبل عشر دقائق فقط من الموعد المعتاد لوصول حرب الى مكتبه".

ووصف مرجع أمني هذه العملية لـ"المستقبل" بـ"الخطيرة جداً، وقال إنها تأتي كدليل ساطع على عودة مسلسل الاغتيالات الى لبنان". وأكد أن "هناك بعض الخيوط انطلق منها التحقيق منها الصاعقان اللذان ضبطا في المصعد وبعض الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة". ولفت الى أن "هذه العملية هي الثانية التي تفشل بعد محاولة اغتيال جعجع، والتاسعة التي توفرت معلومات حولها، ومنها المعلومات التي توصلت اليها الأجهزة عن التخطيط لاستهداف قادة سياسيين وأمنيين بينهم النائب حرب". وشدد على أن "هذه المحاولة هي نتيجة طبيعية لحجب داتا الاتصالات عن الأجهزة الأمنية". معتبراً أن "من يحجب الداتا هو شريك فعلي في هذه العمليات ويغطي هذه الجرائم سواء كان الوزير (الاتصالات) أو لجان مختصة أو غيرها".

14آذار والحريري

قوى "14 آذار" حملت "الحكومة مسؤولية محاولات الاغتيالات التي تستهدف قياداتها"، ودعتها إلى "الاستقالة فوراً" و"التسليم الفوري لداتا الاتصالات"، فيما شدد الرئيس الحريري على أن محاولة استهداف حرب هي "واحدة من أخطر الرسائل التي توجه إلى القيادات الوطنية الكبرى في لبنان"، متوقفاً عند "أن الجهة المنفذة هي جهة متمكنة، وتمتلك القدرة على التحرك والتنفيذ والإفلات في آن معاً، الأمر الذي يطرح أسئلة كبيرة، يجب على السلطات المعنية السياسية والأمنية أن تقدم الإجابات الصريحة عنها".

ولفت الى أن "هذا الحادث الإجرامي، يؤكد أن خطر الاغتيالات السياسية يعود مجدداً إلى الساحة اللبنانية، وأن المعلومات التي تلقاها أكثر من قيادي وسياسي، وتحديداً من قوى "14 آذار"، هي معلومات تعيد إلى الأذهان، موجة الجرائم التي استهدفت هذه القيادات، وأودت بحياة رموز وطنية وسياسية وإعلامية كبيرة"، مؤكداً "أننا والشيخ بطرس لن نتراجع عن المسيرة التي اخترناها مع حلفائنا في "14 آذار"، في التأكيد على دور الدولة ومرجعيتها، ورفض كل أشكال الفلتان الأمني، والابتزاز المسلح لاستقرارنا الوطني".

وشدد الحريري على أن "الحكم والحكومة مسؤولان من رأس الهرم إلى أدناه عن إعادة الاعتبار إلى هيبة الدولة، التي شاهدنا في الأسابيع الأخيرة، نماذج فاضحة عن انهيارها والتسلط عليها، وتقديم الذرائع للفلتان المسلح، الذي يقدم الفرصة تلو الأخرى للمتربصين بسلامة لبنان، من أجل التلاعب بمصيره ومستقبله".

وكانت قوى "14 آذار" التي عقدت اجتماعها في منزل حرب أكدت أن "هذه الأعمال المجرمة ترتبط بتواطؤ الحكومة، لا سيما في عدم سعيها جدياً إلى تسليم المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى المحكمة الدولية، وفي تغطية السلاح غير الشرعي الذي يقوض أساسات الدولة ويحرم اللبنانيين حقهم في العيش بسلام في كنف الدولة وبحماية قواها الشرعية"، وطالبت بـ"إحالة جريمتي محاولة اغتيال جعجع وحرب إلى المحكمة الدولية باعتبارهما متلازمتين مع جرائم الاغتيال ومحاولات الاغتيال التي استهدفت قادة 14 آذار منذ العام 2004".

وفيما أعرب رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة، عن "استنكاره الشديد لهذا الحادث الخطير في دلالاته واستهدافاته"، استهجن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع محاولة اغتيال حرب، واستغرب "عدم استنكار الفريق الآخر لما يجري حتى أنه يحاول بكلّ الوسائل الإنكار الدائم إن لجهة التشكيك أم الاستخفاف بهذه المحاولات، لكن الحقيقة هي أن فريق 14 آذار هو المستهدف دوماً وأترك الاستنتاج للرأي العام اللبناني".

وعن الجهة التي تقف خلف محاولة اغتيال حرب، سأل جعجع "من يملك حرية التحرك على الأرض الى هذا الحدّ؟ من لديه الإمكانية؟ من يملك مجموعات قادرة على التحرُك بالشكل الذي نراه الى حدّ أنها تملك بطاقات رسمية، مزورة أم صحيحة، تدّل على إحدى الأجهزة الأمنية؟ أين هي هذه الأجهزة الأمنية؟ لماذا تُكتشف كل الشبكات الإسرائيلية إلا محاولات الاغتيال وعمليات الاغتيال التي تستهدف قوى 14 آذار إلا اذا كانت بعضها أقلهُ متواطئة أو تغض النظر عن هذه الجرائم؟".
وكان حرب وضع محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها، "في خانة الفلتان الأمني، وانعدام المسؤولية، وعدم قدرة الدولة بأجهزتها الرسمية على ضبط الأمن، خصوصاً بعد أن تحول هذا الأمن الى عملية تحصل بالتراضي". وأكد أنه "مع وجود أسلحة خارج إطار الشرعية، من الطبيعي أن يصل البلد الى حالة الفلتان هذه".

تفاصيل الاستهداف

إذاً، كشفت محاولة اغتيال حرب أمس، الجانب الأخطر من حالة الفلتان الأمني في لبنان، والخطورة الكبرى في هذا الجانب تكمن في توفير الحماية الأمنية المشددة بشكل علني للذين ينفذون هذه العمليات التي تستهدف بشكل خاص قيادات الرابع عشر من آذار، وأظهرت وقائعها أن العملية كانت مدروسة ومحضّر لها، ونفذت بمواكبة مجهولين معلومين استطاعوا في وضح النهار أن ينتزعوا بالقوة أحد عناصر الفريق الفني الذي كان يركّب العبوة في مصعد مكتب حرب بحرفية عالية.

وأعلنت مصادر التحقيق لـ"المستقبل"، أن "الأجهزة الأمنية عثرت على صاعقي تفجير كانا موضوعين على ظهر المصعد الذي يستعمله حرب للوصل الى مكتبه". وأكدت أن "عناصر أمن النائب حرب تمكنوا من توقيف الشخص الذي وضع هذين الصاعقين لكنه عاد وتمكن من الهرب بعد وصول سيارة سوداء رباعية الدفع إدعت أنها من مخابرات الجيش، بعد أن ترجل منها مسلحون وسحبوه بالقوة من عناصر الحماية".

يُذكر أن القوى الأمنية، عثرت على العبوة في المصعد، وأن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، حضر الى مكتب حرب، وعاين المكان، وأوعز بمباشرة التحقيقات، وكلف مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وشعبة المعلومات والأجهزة الأمنية، إجراء التحقيقات الأولية في حادثة محاولة الاغتيال، وجمع المعلومات، وأجهزة الكاميرا الموجودة في المكان ومحيطه، توصلاً الى كشف الفاعلين ومن وراءهم.   

السابق
السفير : عون وجعجع يحاصران بري ..وماكين يدعو إلى «منطقة آمنة
التالي
الاخبار : لقاء «مصارحة بين عون وحزب الله ?